الشهيد السنوار يزور معرض عمان للكتاب
بقلم ابراهيم الشامي
شهدتُ في آخر يوم من
معرض عمان الدولي للكتاب مشهداً يصعب نسيانه، مشهداً يعكس تناقضات البشر وتفاوت
رؤيتهم للأبطال وهم بيننا وبين حين يغادرون. كنت أقف هناك، محاطاً بأكوام من
الكتب، وكنت أملك آخر نسخة من كتاب "الشوك والقرنفل" للراحل يحيى
السنوار. هذا الكتاب الذي لم يلقَ إقبالاً ملحوظاً قبل ذلك اليوم، أصبح فجأة كنزاً
نادراً بعد انتشار خبر استشهاده. رأيت الناس يتهافتون على الكتاب كأنه قطعة من
التاريخ، كأنه سلاح سيبقى رمزاً للذكرى.
بالنسبة لي، يحيى
السنوار كان رمزاً حيّاً للمقاومة والشجاعة، وكان كتابه شاهدًا على هذه الرحلة. لم
أكن بحاجة إلى خبر استشهاده لأدرك قيمته. كنت أشعر بالفخر وأنا أقرأ كلماته، كل
سطر كان يعبر عن صمود، عن تحدٍ، وعن رؤية لمستقبل فلسطين لا يتزحزح أمام أي قوة.
ولكن لماذا لم يدرك الناس قيمته وهو حي؟ لماذا فقط عندما استشهد أدركوا أن هذا
الكتاب يمثل جزءاً من إرثه؟
أشعر بالفخر الكبير
تجاه هذا البطل الذي لم يعرف الخوف، والذي عاش حياته في ساحة المعركة دون أن
يختبئ، حتى في آخر لحظاته. استشهاده لم يكن مجرد خبر في نشرة الأخبار، بل كان
إعلاناً أن روح المقاومة لن تموت مهما كان الثمن. وكأن استشهاده رفع من مكانته حتى
بالنسبة لمن لم يعيروا اهتماماً لكتبه وأفكاره وهو على قيد الحياة.
تلك اللحظة التي رأيت
فيها الجميع يسعون للحصول على نسخ من الكتاب كانت لحظة استغراب بالنسبة لي. هل يجب
على البطل أن يرحل حتى نقدر ما قدمه؟ هل يجب على الرموز أن تغيب حتى تصبح أيقونات؟
أحياناً، يبدو أن قيمة الإنسان لا تتجلى إلا بعد رحيله، وهذا ما شعرت به تجاه يحيى
السنوار، بطل المقاومة الذي خلّد استشهاده في قلوب الملايين، وجعل من كلماته إرثاً
يُسابق الناس للحصول عليه.