دمار هائل بشمال غزة.. إبادة وشهداء ومجازر وحصار بالغذاء
في شوارع تكاد تخلو من
المارة وبحذر شديد، ينتقل بعض الفلسطينيين لتفقد آثار الدمار الذي خلفته الهجمات
العدوانية الإسرائيلية المكثفة والمتواصلة
على محافظة شمال قطاع غزة بعد ما أعاد جيش الاحتلال انتشاره متراجعا نحو أطراف
المحافظة التي يطبق بحصاره العسكري عليها.
وكشفت مشاهد، وثقتها عدسة
الأناضول، حجم الدمار الهائل الذي لحق في بلدة بيت لاهيا، حيث تحولت هذه المدينة
التي كانت تملؤها المساحات الخضراء إلى منطقة رمادية من الخراب والدمار تنتشر في
شوارعها رائحة الجثث المتحللة.
وفي هذه البلدة، تعرضت أحياء
سكنية للتدمير حيث أظهرت تلك المشاهد دمار واسع طال أحياء ومنازل المواطنين
وممتلكاتهم في حين أن المباني السكنية التي لم يتم تسويتها بالأرض فقد تعرضت
لأضرار بين المتوسطة والبالغة.
إلى جانب ذلك، فقد طالت
الأضرار أيضا المستشفى الإندونيسي الذي تعرض لحصار وقصف إسرائيلي أخرجه عن الخدمة
تماما.
هذا المستشفى الذي بات
يخلو من الكوادر الطبية والصحية، تحول وفق ما أظهرته بعض المشاهد، إلى مكان لإيواء
النازحين والفارين من هول الغارات والهجوم الإسرائيلي.
كما يحيط بهذا المستشفى
منطقة شبه مدمرة يقابلها مدرسة كانت تؤوي نازحين، ظهر على جدرنها آثار سوداء ناجمة
عن اشتعال النيران فيها واحتراقها.
والأحد، أعادت القوات
الإسرائيلية انتشارها في أماكن توغلها شمال قطاع غزة، وتمركزت على الأطراف الأربعة
للمنطقة (شمال وشرق وجنوب وغرب)، وواصلت استهدافها المكثف جوا وبرا، وفق شهود عيان
للأناضول.
وفي 5 أكتوبر/ تشرين
الأول الجاري شرع الجيش الإسرائيلي بقصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق
واسعة شمال القطاع، وفي اليوم التالي بدأ اجتياح المنطقة بذريعة "منع حركة حماس من
استعادة قوتها في المنطقة”.
بينما يقول الفلسطينيون
إن إسرائيل تعمل على احتلال المنطقة وتحويلها لمنطقة عازلة بعد تهجير سكانها عبر
"إبادة” تنفذها بقصف دموي مكثف وحصار مطبق يمنع وصول الغذاء والمياه لمئات آلاف
المدنيين الفلسطينيين.
**حصار الإندونيسي وقصفه
الفلسطيني المصاب نضال
الدريملي، الذي كان يتواجد في المستشفى الإندونيسي منذ ما قبل حصاره من الجيش
الإسرائيلي، قال للأناضول: "حوصرنا من الجيش الإسرائيلي وبقينا حوالي 20 يوما بدون
ماء ولا طعام حيث رفض الجيش أي محاولة لمساعدتنا من الخارج”.
ويضيف للأناضول، وهو يجلس
على سريره دون تلقي خدمات طبية لخروج المستشفى عن الخدمة: "كانت أصوات الانفجارات
شديدة جدا حرمتنا من النوم”.
وأوضح أن تلك الانفجارات
كانت تسبب ارتجاجا شديدا في المباني.
وذكر أن المستشفى أيضا لم
يسلم من الاعتداء الإسرائيلي حيث قصفت الطوابق العلوية من مبناه بشكل مباشر بعدة
قذائف.
وأشار إلى أن الجيش
الإسرائيلي كان يعتقل بعض النازحين من الشوارع، بينما كان يرهب النساء من خلال
تحريك آلياتهم العسكرية صوبهم وتعمد نشر الغبار والتراب الكثيف في محيطهم.
**رائحة الجثث في الشوارع
بدوره، يقول أحد
المواطنين (لم يذكر اسمه) الذين ذهبوا لتفقد منازلهم وأحيائهم السكنية في بيت
لاهيا: "لا يوجد ملامح لأي منطقة وأي منزل”.
وتابع للأناضول: "لم أعرف
منزلي من منزل جاري”، لافتا إلى أن الدمار يطال كل شيء في محيط مستشفى "كمال عدوان”.
وأوضح أن رائحة الجثث
التي لم يتمكن أحد من انتشالها لتوقف خدمات الدفاع المدني والإسعاف تفوح في
الشوارع.
وتابع: "جثامين الشهداء
(المتحللة) ملقاة في الطرقات، الرائحة تنبعث في الشوارع”، لافتا إلى أنه لم يتم
التمكن في فترة ما قبل إعادة انتشار الجيش من دفن جثامين القتلى.
وأشار بصوت متحسر إلى
أنهم قضوا الأيام الفائتة "بلا ماء ولا طعام ولا تواصل مع الآخرين ولا إنترنت”.
وتسبب هذا الهجوم
الإسرائيلي المتواصل منذ 5 أكتوبر والمتزامن مع حصار مشدد بخروج مستشفيات محافظة
الشمال عن الخدمة، كذلك أدى لتوقف خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة
للهلال الأحمر الفلسطيني.
وفي 18 أكتوبر الجاري،
فرض الجيش على محافظة الشمال عزلة تامة عن العالم الخارجي بقطع شبكة الاتصالات
والإنترنت عنها، ما أثر على حصول الجهات الرسمية على معلومات من مصادرها هناك.
ويواصل الجيش ارتكاب
مجازره في هذه البلدة التي رفض الآلاف من سكانها الاستجابة لأوامر الإخلاء
الإسرائيلية، حيث استشهد صباح الثلاثاء 93 فلسطينيا بقصف مبنى سكني مأهول مكون من
5 طوابق.
وبدعم أمريكي، تشن
إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 144 ألف شهيد
وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل
ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها
متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ
تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.