هل سيقبل الجولاني بعملية ديمقراطية تتوج بانتخابات حرة في سوريا
.
تتعالى الأصوات في سوريا
مطالبة بفترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات حرة في البلاد، لكن السؤال الذي يفرض
نفسه هل ستقبل هيئة تحرير الشام وزعيمها أبومحمد الجولاني والذي كشف مؤخرا عن
هويته وهو أحمد الشرع بعملية ديمقراطية يحدد فيها السوريون مستقبلهم السياسي ومن
سيحكمهم.
وقادت هيئة تحرير الشام،
التي كانت في السابق الفرع السوري من تنظيم القاعدة وتطلق على نفسها جبهة النصرة
قبل إعلان فك الارتباط، العملية العسكرية المباغتة التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد،
في مشهد دراماتيكي فاجأ المتابعين والسوريين.
وكان الجولاني أو الشرع حرص
منذ بدء العملية العسكرية على التسويق لصورة رجل المرحلة، الذي يتجنب إراقة
الدماء، موجها رسائل تهدف إلى طمأنة الأقليات في سوريا التي تخشى الجماعات
المتشددة منذ زمن بعيد.
وقال الجولاني في بيان بثه
التلفزيون السوري الرسمي الأحد، في أعقاب سقوط دمشق، إن "المستقبل لنا”، وحث
مقاتلي الهيئة على عدم إيذاء من يلقون أسلحتهم. وأضاف زعيم هيئة تحرير الشام أنه
"لا مكان للتراجع ونحن مصممون على استكمال الطريق الذي بدأناه منذ العام 2011″،
تاريخ اندلاع الأزمة السورية.
ولدى دخول مقاتلي الهيئة
حلب، أكبر مدينة سورية قبل الحرب، في بداية زحفهم نحو دمشق، ظهر الجولاني في تسجيل
فيديو في زي عسكري وهو يصدر أوامر عبر الهاتف ويذكر المقاتلين بحماية الناس
ويمنعهم من دخول البيوت.
وأظهر مقطع فيديو آخر
الجولاني وهو في زيارة لقلعة حلب برفقة مقاتل يلوح بعلم الثورة السورية والذي
رفضته من قبل جبهة النصرة باعتباره رمزا إلحاديا لكن الجولاني تقبله في الآونة
الأخيرة في لفتة للمعارضة السورية الأوسع نطاقا.
وقال جوشوا لانديس، الخبير
في الشأن السوري ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، "الجولاني
أكثر ذكاء من الأسد، غير أدواته وغير مظهره العام وعقد تحالفات جديدة وأطلق رسالته
المتوددة” للأقليات. لكن هذا التحول يبقى محل اختبار، ومرتبط بمدى استعداد
الجولاني للتوصل إلى توافق مع المعارضة السياسية وأيضا مع الجماعات المسلحة الأقل
نفوذا لإدارة المرحلة الانتقالية، وصولا إلى انتخابات.
جوشوا لانديس: الجولاني
أكثر ذكاء من الأسد، غير أدواته وغير مظهره العام
ودعا رئيس الوزراء الحالي
محمد غازي الجلالي إلى إجراء انتخابات حرة، قائلا إنه مستعد لدعم استمرار تصريف
شؤون الدولة وللتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب السوري. وأشار الجلالي إلى أن
تواصلا جرى مع الجولاني لبحث إدارة الفترة الانتقالية الراهنة، وهو ما يمثل تطورا
ملحوظا في الجهود الرامية إلى تشكيل المستقبل السياسي لسوريا.
من جهته قال هادي البحرة
زعيم المعارضة السورية في الخارج لرويترز على هامش منتدى الدوحة الأحد إن سوريا
يجب أن تشهد فترة انتقالية مدتها 18 شهرا لتوفير "بيئة آمنة ومحايدة وهادئة” من
أجل إجراء انتخابات حرة.
وأضاف البحرة الذي يتولى
رئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إنه تتعين صياغة مسودة دستور
خلال ستة أشهر، وستكون أول انتخابات تجرى بموجبه هي الاستفتاء عليه. وأضاف البحرة
أن "الدستور سيحدد ما إذا كانت سوريا ستتبع نظاما برلمانيا أو رئاسيا أو مختلطا،
وعلى هذا الأساس ستجرى الانتخابات ويختار الشعب زعيمه.”
وقال إن المعارضة طلبت من
موظفي الدولة الاستمرار في الذهاب إلى أعمالهم إلى حين انتقال السلطة وأكدت لهم
أنهم لن يتعرضوا لأي أذى.
وليس من الواضح بعد كيف
سيتعاطى الجولاني مع المطالب السياسية المطروحة، حيث إنه وبالرغم من البراغماتية
الشديدة التي أظهرها في الأيام الأخيرة، لكن يعتقد أنه لا يزال على نفس نهج
التشدد، وأنه سيميل لخيار إنشاء حكم وفق الشريعة الإسلامية.
ويشير محللون إلى أن الجهات
الراعية للهيئة، وفي مقدمتها تركيا وقطر، قد تتدخل وتمارس عليها نوعا من الضغوط
للانفتاح على الجميع وبلورة تصور لإدارة السلطة في سوريا. ويرى المحللون أن أنقرة
والدوحة ستحرصان على تمرير فترة هادئة، وتحاولان إقناع الجولاني بأهمية الانخراط
في هذه الجهود، حيث تنصب أنظار العالم اليوم على سوريا.
وقال آرون لوند، الباحث في
مركز سينتشري إنترناشونال للأبحاث، إن الجولاني وهيئة تحرير الشام تغيرا بشكل
ملحوظ لكنه أشار إلى أنه وجماعته ظلا "على نهج التشدد إلى حد ما.”
وتابع قائلا إن ما قام به
الجولاني وهيئته "حملة علاقات عامة، لكن حقيقة أنهما يبذلان هذا النوع من الجهد
أصلا تظهر أنهما لم يعودا بذات التشدد الذي كانا عليه. المدرسة القديمة من القاعدة
أو (تنظيم) الدولة الإسلامية لم تكن لتفعل ذلك أبدا.”
◙ أنقرة والدوحة ستحرصان على
تمرير فترة هادئة وتحاولان إقناع الجولاني بأهمية الانخراط في الجهود حيث تنصب
أنظار العالم على سوريا
وبرز الجولاني وجبهة النصرة
باعتبارهما الأقوى بين فصائل المعارضة التي ظهر العديد منها في الأيام الأولى
للانتفاضة ضد الأسد قبل أكثر من عقد من الزمن.
وقبل تأسيس جبهة النصرة،
قاتل الجولاني مع تنظيم القاعدة في العراق حيث قضى خمس سنوات في سجن أميركي.
وأرسله زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق في ذلك الوقت، أبوعمر البغدادي، إلى
سوريا بمجرد بدء الانتفاضة ليضع موطئ قدم للتنظيم هناك.
وأدرجت الولايات المتحدة
الجولاني على قائمة الإرهابيين في عام 2013، وقالت إن تنظيم القاعدة في العراق
كلفه بالإطاحة بنظام الأسد وفرض الشريعة الإسلامية في سوريا، وإن جبهة النصرة نفذت
هجمات انتحارية أسفرت عن مقتل مدنيين وتبنت رؤية طائفية عنيفة.
وصنفت تركيا، الداعم
الخارجي الرئيسي للمعارضة السورية، هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، لكنها في واقع
الحال أحد أبرز داعميها مع قطر. وأجرى الجولاني أول مقابلة إعلامية له في عام
2013، وكان ظهره للكاميرا وغطاء أسود يلف ما ظهر من رأسه ووجهه. ودعا في المقابلة على
قناة الجزيرة القطرية إلى حكم سوريا وفقا للشريعة الإسلامية.
وبعد حوالي ثماني سنوات،
أجرى مقابلة مع برنامج "فرانت لاين” على محطة الشبكة التلفزيونية الأميركية
(بي.بي.أس) مواجها الكاميرا وهو يرتدي قميصا وسترة.
وقال الجولاني إن من الظلم
تصنيفه إرهابيا وإنه يعارض قتل الأبرياء. وشرح بالتفصيل كيف توسعت جبهة النصرة من
ستة رجال رافقوه من العراق إلى خمسة آلاف في غضون عام. لكنه قال إن جماعته لم تشكل
تهديدا للغرب أبدا. وأضاف "أكرر، انتهى ارتباطنا بالقاعدة، وحتى عندما كنا مع
القاعدة كنا ضد تنفيذ عمليات خارج سوريا، لأن القيام بعمل في الخارج يتعارض تماما
مع سياستن
جريدة العرب