شريط الأخبار
اليمنيون يصرون على ضرب مدن الاحتلال يوميا.. وانفجارات بتل ابيب والقدس والساحل هيثم مناع: سياسة القتل والتنكيل بسورية نتاج مباشر لخطاب الكراهية إحباط محاولة تهريب مواد مخدرة بمسيرة على واجهة الحدود الغربية ولي العهد يؤدي صلاتي العشاء والتراويح بالمشيرفة اسرائيل لا تريد مواجهة تركيا في سوريا.. لكنها تخشى النفوذ التركي اسرائيل لا تريد مواجهة تركيا في سوريا.. لكنها تخشى النفوذ التركي الاحتلال يبحث مع ادارة ترامب احتلال قطاع غزة مؤقتا تمهيدا للتهجير مصر تجدد رفض مزاعم قبولها تهجير الفلسطينيين وتقدم مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار مسالخ عمان تتلف 66 طن لحوم فاسدة خلال رمضان الملك يستقبل رئيس تيار الحكمة الوطني في العراق عمار الحكيم الملك يزور مركز البنيّات للتربية الخاصة هكر اسيوي ترك الدنيا وجاء يحتال الكترونيا في الاردن ! مقتل مستوطن واصابة اخرين بعملية فدائية قرب حيفا محكمة الحزب الديمقراطي تلغي قرار فصل حدادين ارتفاع تدريجي للحرارة وطقس ربيعي لنهاية الاسبوع بري: اسرائيل تحاول استدراج لبنان للتطبيع.. وحزب الله ملتزم بالاتفاق اخلاء جثة خمسيني سقط بحفرة عمقها 30 مترا بالعاصمة حسان يثني على دعم الفوسفات لقطاعي التعليم والصحة بـ 40 مليون دينار ولي العهد يحاور شبابا بلواء وادي السير ويشاركهم مأدبة الإفطار الملك يرعى احتفال القوات المسلحة بذكرى معركة الكرامة

سورية.. “سنغافورة في دافوس”.. “تورا بورا” على أرض الواقع

سورية.. “سنغافورة في دافوس”.. “تورا بورا” على أرض الواقع


 

 

 

ضمن فعاليات واجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه مدينة دافوس بسويسرا، كان الحوار الذي أجراه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير مع وزير خارجية الإدارة الجديدة المؤقتة في سورية اسعد الشيباني وركز الشيباني مستغلا المنبر الدولي على تأثير العقوبات الامريكية والغربية على بلاده، مطالبا ان ترفع هذه العقوبات باعتبارها مفتاح الاستقرار في سورية . وكان الشيباني يعبر عن سياسية وتوجهات الإدارة وزعيمها احمد الشرع الذي طالب كل من زار دِمشق بالعمل على رفع العقوبات عن سورية كمفتاح للاستقرار في سورية، ورفع المعاناة عن الشعب السوري، لكن تلك العقوبات ورفعها ربطتها الولايات المتحدة والدول الاوربية باتجاه الإدارة الجديدة نحو حكومة شاملة تمثل كل مكونات الشعب السوري، ويكون فيها مشاركة حقيقة لتيارات وقوى سياسية معارضة وتنوع يعكس هوية الشعب السوري المتنوع. وبكل الأحوال كانت العقوبات التي فرضها الغرب على سورية سواء في عهد النظام السابق او بعد سقوطه ذات تأثير مباشر على الشعب والفئات الفقيرة على وجه التحديد وليس على ساكني القصر الرئيسي وحاشيتهم، وهي أي العقوبات كانت ومازالت تمثل استراتيجية وحشية لا تقل فتكا عن الحروب المباشرة.

لكن اللافت في كلام الشيباني حول سؤاله عن النموذج الذي يرغبون أن تكون سورية عليه في نهاية المطاف، هو أن ممثل الإدارة الجديدة في سورية، ذهب الى نموذج سنغافورة أو رؤية عشرين ثلاثين للملكة العربية السعودية، وهي نماذج تعني رغد العيش والازهار والاستقرار والرخاء. المفارقة ان كلام الشيباني عن الذهاب نحو البلاد الى نموذج "سينغافوره” لا يوجد ما يدعمه على ارض الواقع، بل كل الاخبار الواردة من دمشق والمدن السورية تناقض هذه النماذج التي تحدث عنها الشيباني. ويمكن لاي متابع للوضع عن كثب في سورية او متابع لوسائل التواصل الاجتماعي السورية، او المرصد السوري المعارض للنظام السابق لحقوق الانسان. ان يلحظ حجم مخيف من الانتهاكات التي تجري على ارض الواقع، سواء اعداد المعتقلين منذ 8 ديسمبر كانون الأول تاريخ سقوط النظام، والذي بلغ اضعاف ما كان يعتقلهم النظام السابق، او الاعداد الهائلة للمبعدين عن وظائفهم المدنية في مؤسسات الدولة، او عمليات القتل والاعدام خارج اطار القانون، او الاهانات والتهديدات التي تطال الأقليات، وصولا الى محاولات فرض الايدولوجيا المتطرفة على المجتمعات والمؤسسات، ونشر ما يسمون الدعاة الذين يقتحمون المطاعم والمقاهي والحدائق والأسواق فارضين على الناس أفكارهم، وهو ما يثير الرعب والخوف لدى المجتمع السوري، فضلا عن اقالة خطباء المساجد المعتدلين ممن يمثلون ما يطلق عليه اسم الإسلام الشامي القريب للتصوف، وفرض خطباء متشددين يمثلون تيار "السلفية الجهادية”. كل هذا مع إجراءات وقرارات حكومية أدت الى سيطرة رجال هيئة "تحرير الشام” على مفاصل الدولة كافة دون مشاركة أيا من أطياف المعارضة او الشخصيات الوطنية السورية المعروفة بمعارضتها للنظام السابق.

هذه السيطرة التي فرضت تعيين ضباط من جنسيات اجنبية وترفيعهم الى رتب عاليه وتسليمهم مراكز في قيادة الجيش المفترض ان يكون جيش سورية الجديدة.

ثمة بون شاسع بين تصريحات وزير خارجية الإدارة الجديدة احمد الشيباني، في دافوس والعواصم التي زارها، وحتى تصريحات قائد الإدارة الجديدة احمد الشرع الذي قال ان عقيلة الثورة انتهت والان يجب ان تحضر عقلية الدولة، وان الثأر والانتقام والاحقاد لا مكان لها في استراتيجية بناء الدولة، وان التركيز الآن على البناء وإقامة دولة تحترم كرامة السوريين كافة، وتجعل لجواز السفر السوري وزنه ومكانته. فرق كبير بين هذه التصريحات المطمئنة والتي تعطي امل للسوريين، وبين ما يجري الان على ارض الواقع، ما دفع عدد من الناشطين الى القول: في دافوس نتجه الى سينغافوره وعلى ارض الواقع نتجه الى قندهار او تورا بورا.

والاسئلة التي تتكرر وفق حسابات عدد كبير من السوريين تتنوع بين من يتساءل، هل تصريحات الإدارة الجديدة موجه فقط للخارج لكسب الشرعية والتمكين، ورفع العقوبات وليس للداخل السوري الذي بدأ يعاني من وطأة الواقع الصعب. ومن يطرح أجوبة من قبيل ان الشرع وادارته لا تسيطر على باقي الفصائل التي دخلت معهم الى دمشق والتي لديها توجهات مختلفة عن توجهات الإدارة، ولم يستطع الشرع الى الان اقناعهم بالتحولات الجديدة. واسئلة كثيرة حول موعد هذه المرحلة التي لا هوية لها، هل هي انتقالية او ما قبل الانتقالية او دائمة؟ وما شكل المرحلة الجديدة ان وجدت.

ووسط حيرة السوريين، وتأرجحهم بين خطاب الإدارة المطمئن والواعد بفجر جديد وحياة افضل وازدياد وتيرة الانتهاكات والاعتقالات والاغتيالات والخطف وفقدان الامن، وبين انقسام الآراء، وظهور ما يسمونه "الشبيحة الجدد” الذين يهددون عبر وسائل التواصل كل مخالف بالرأي او منتقد للإدارة الجديدة واتهامه بانه من فلول النظام السابق او مرتبط باجندات روسية إيرانية وحتى كافر. يبرز السؤال الأكبر بين تلك الأسئلة، لماذا يتجاهل الاعلام العربي هذا الواقع السوري، ولا ينقله بل يجمله ويخفي أي سلبيات او مخاوف اصبح اخفاءها غير ممكن، واصبح المرصد السوري لحقوق الانسان الذي اكتسب مصداقية خلال السنوات الماضية منبرا يكاد الوحيد الذي يتحدث عن ما يجري في سورية بينما تصبح وسائل التواصل هي المكان الذي يعرف من خلاله السوريون ما يجري في بلادهم، ولماذا تصمت الدول الغربية والعربية ولا تهتم بحقائق الواقع وتحدياته الخطيرة على هوية ومصير شعب ودولة، وحجم خوف ومعاناة السوريين، حتى مستوى الخدمات "كهرباء وماء وأسعار سلع ورواتب” لم يطرأ عليها أي تحسن رغم الوعود الكبيرة.

ويجد البعض تبريرات للواقع ان الإدارة الجديدة تحتاج الى وقت، وان الأمور مع الزمن ستكون افضل، هذه التبريرات هي الامل الوحيد الذي يعيش عليه اغلب السوريين اليوم . ويدفعون نحوه بمزيد من الصبر. ولا يفكرون بسينغافوره او غيرها، بل ينشدون الأمان الذاتي والاجتماعي، والخروج من ضنك العيش والخوف من المستقبل.

”رأي اليوم” ـ نور علي