يوم الجائزة


أيهم عبد
المجيد التميمي
الحمدلله الذي
سهَّل لعباده طرق العبادة وتابع لهم مواسم الخيرات لتزدان أوقاتهم بالطاعات، فهذي
نفحات ذي الحجة وعرفة قد هبَّت علينا.
الكعبة مقصد الملايين
من المسلمين يأتونها من كل فجّ عميق من مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف ألوانهم
ولغاتهم ، لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى فالحجاج يتجرَّدون من ملابسهم
ويلبسون ملابس الإحرام ، يتجرَّدون من مباهج الدنيا الفانية وهو تمرين عملي على
الصبر وتحمّل المشاق ، ليأتي الطواف رمز لجمع قلوب المسلمين وتوحيدها على عبادة
الله وحده ، أما السعي بين الصفا والمروة فهو رمز لإحياء أثر من الآثار القديمة
ففي هذا المكان كانت هاجر وولدها إسماعيل تبحث لابنها عن ماء حتى فرَّج الله
كربتها وأخرج ماء زمزم الطيب المبارك ، ثم الوقوف بعرفة حيث يقف الجميع مفتقرين
إلى خالقهم للواحد القهار ، يومٌ يقفُ فيه الناس على صعيدٍ واحد مجرَّدين من كل
آصرة ورابطة إلا رابطة الإيمان والعقيدة يومٌ يُذكَّر فيه العباد بيوم الحشر
فالجميع فيه قد تجرَّد من بهرج الدنيا وزينتها وتجلَّت فيه وحدة الأمة الإسلامية
يومٌ ترى الناس على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وبلدانهم لباسهم واحد وندائهم واحد.
يوم وحدة
المسلمين اجتمعوا لهدفٍ واحد ولربّ واحد يرجون رحمته ولرسولٍ واحد يتبعون قِبلةً
واحدة ، هل هناك وحدةٌ أعظم من هذه الوحدة ؟!.
في رحلة الحج
يترك الحجيج كل متاع الدنيا متوجهين بالدعاء للخالق أن يمنحهم القدرة على الحفاظ
على روح الحج حيَّةً في داخلهم وهو الأمر الذي سينعكس على أفعالهم وأقوالهم.
والعيد - عيد
الأضحى المبارك هو يوم الجائزة يوم التَّضحية والفداء ، ابراهيم عليه الصلاة
والسلام يُمْتحَن لِيُمنَح رؤيا فيها ذبح ابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام
ليرُدَّ عليه (( قال يا أبَتِ افعل ما تُؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)) ،
امتحان ما أشدَّه !! لكن رحمة الله واسعة لم تمرّر السكين وتم افتداءه بكبشٍ عظيم.
أجواء الفرح
التي لا تتبدّل أبداً ولا تتغيَّر ، فتبادل الزيارات وتوزيع العيديات ولحوم
الأضاحي ما هي إلا مظاهر ثابتة وباقية ببقاء العيد لأنها تنشر مظاهر الفرح والسرور
في القلوب وتعلّق الأرواح بالعبادات.
أسأل الله أن
يجعل العيد سعادةً لا تنتهي وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم
بخير.