ندوة في"العمل الإسلامي" تدعو لرؤية وطنية استراتيجية جامعة
منتدون يؤكدون ان خطة ترامب لن توقف الخطر الصهيوني على الاردن والعرب


*أبو بكر : الخطر الصهيوني دائم ولن يتوقف ونسعى
للتواصل مع الجميع لبناء رؤية وطنية لحماية الأردن
*الجولاني يحذر: خطة ترامب لا تلغي الخطر عن
الأردن وقوة الجبهة الداخلية هي ما يخدم مصالح الأردن العليا
*الرنتاوي: إسرائيل تسير نحو الفاشية ومشروعها في
المنطقة لن يتوقف قريباً
*بريزات: العلاقة مع الكيان الصهيوني محكومة
بإطار غربي استعماري يضعف الموقف العربي
أكد المتحدثون في
الندوة التي أقامتها لجنة فلسطين والقدس في حزب جبهة العمل الإسلامي مساء امس
بعنوان "التهديدات الصهيونية وسبل المواجهة أردنياً”، أن خطر المشروع الصهيوني لا
يزال يتهدد الأردن ولن توقفه خطة ترامب مما يتطلب بناء رؤية استراتيجية وطنية
لمواجهة هذه التهديدات الوجودية وتمتين الجبهة الداخلية مع التأكيد على ما تشكله
المقاومة من انصر قوة في مواجهة المشروع الصهيوني التوسعي.
وأكد نائب الأمين العام
لحزب جبهة العمل الإسلامي جميل أبو بكر في كلمة له خلال الندوة التي أدارها رئيس
لجنة فلسطين والقدس في الحزب المهندس بدر ناصر على موقف الحزب الثابت في مواجهة
التهديدات الصهيونية ضد الأردن والمنطقة والتي لم ولن تتوقف، مشيراً الى سعي الحزب
للتواصل مع مختلف القوى الوطنية والفعاليات الشعبية والسياسية ضمن جهد وطني مفتوح
ليشمل الجانب الرسمي على قاعدة تمتين الجبهة الداخلية وبناء رؤية وطنية ضد التهديد
الصهيوني الذي لن يوقفه الحديث عن وقف التهجير أو الضم.
واضاف ابو بكر ان
" الصراع مع العدو الصهيوني لن ينتهي إلا بانتصار الأمة ويحب ان لا يغيب عنا
هذا التهديد الدائم".
فيما وجه الكاتب
والمحلل السياسي عاطف الجولاني، في مداخلته، تحذيراً من مغبة الاكتفاء بردود فعل
فردية أو مواقف محايدة أمام ما وصفه بـ«التهديد الوجودي» الذي يمثّله اليمين
الصهيوني وسياساته الراهنة.
قال الجولاني إنّ خطة
ترامب لا تلغي الخطر عن الأردن، وإن التراخي بعد أي اتفاق قد يفضي إلى أوهام زائفة
حول انتهاء التهديدات. ورأى أن الخطر الصهيوني «داهم ومتحقق» بغضّ النظر عن مسوغات
سياسية أو تفاهمات مؤقتة، داعياً إلى عدم الاكتفاء بالقنوات التقليدية في التعامل
مع الملف الفلسطيني والإقليمي.
وشدّد الجولاني على أن
الأردن لا يستطيع مواجهة هذه التهديدات منفرداً، لافتاً إلى أن حماية المصالح
العليا تتطلب "رؤية واستراتيجية وطنية متوافَق عليها” وتوسيع أدوار المكونات
الوطنية عبر مظلة عربية وإسلامية مشتركة. واعتبر أن الانعزال أو الحياد السلبي
سيزيدان من مستوى المخاطر ويضعفان دور الأردن وتأثيره الإقليمي.
وأضاف الجولاني أن
تعزيز المسار الإصلاحي الداخلي وتوسيع مساحات الحرية السياسية والاجتماعية يمثلان
رافعة وطنية تقوّي مناعة الدولة، مشدّداً على أن قوة الجبهة الداخلية هي ما يخدم
مصالح الأردن العليا في مواجهة التهديدات الخارجية.
ورأى أن المقاومة
الفلسطينية تشكّل مصلحة وطنية أردنية وعربية، وأن إضعاف سلاح المقاومة أو محاصرته
سيعرّض الأردن لمخاطر أكبر، لأن المقاومة تشتت العدوّ وتقلّص قدرته على توجيه ضربة
استراتيجية لمصالح الأمة والشعب الأردني.
وانتقد الجولاني مواقف
بعض الأطراف الإقليمية والرسمية التي قد تُقدّم تنازلات أو تضعف الموقف الفلسطيني
دون التشاور مع الجهات المعنية، داعياً إلى تعزيز التنسيق المشترك بين الدول
العربية والإسلامية ورفد هذا التنسيق بآليات عملية تحمي الحقوق وتمنع تفرد قرارات
تصبّ في صالح طرف على حساب شعوب المنطقة.
وشدد على إن المرحلة
الراهنة «تتطلب عقلية جماعية» وتوظيف طاقات الأمة في إطار تنسيق إقليمي ودولي
مدروس، مع ضرورة تجهيز أدوات وطنية ودبلوماسية وسياسية قادرة على الردع والحماية،
محذِّراً من أن اعتماد سياسة الحياد السلبي سيكرّس ضعف الموقف الأردني ويزيد من الهشاشة
أمام المخاطر.
من جهته أكد رئيس
المركز الوطني لحقوق الإنسان السابق، الدكتور موسى بريزات، أن التهديدات الصهيونية
للأردن "وجودية بطبيعتها”، وأن العلاقة الأردنية الإسرائيلية لا يمكن أن تكون
تعاونية حقيقية، بل تحكمها حالة "وجود متبادل قلق”، تستوجب بناء قوة وطنية قادرة
على حماية المصالح العليا للدولة، ضمن مفهوم استراتيجي شامل للأمن الوطني.
وقال بريزات إنّ فهم
التهديد في السياسة الدولية لا يقتصر على الجوانب العسكرية فحسب، بل يشمل أيضاً
"محاولات إخضاع الدول لإرادة المعتدي، أو السيطرة على مواردها وخياراتها السياسية
والاقتصادية”، مشيراً إلى أن إسرائيل تمثل تهديداً استراتيجياً مستمراً للأردن،
يمتد إلى هوية الدولة وسيادتها واستقلال قرارها الوطني.
وأوضح أن العلاقة بين الأردن
والكيان الصهيوني محكومة بإطار غربي استعماري، جعل من الأنظمة العربية في كثير من
الأحيان "أسيرة للرؤية الغربية” ومقيدة في قدرتها على اتخاذ قرارات سيادية مستقلة،
مؤكداً أن هذا الارتباط البنيوي يضعف الموقف العربي في مواجهة المشروع الصهيوني.
وأضاف بريزات أن هناك
فجوة واضحة بين الموقفين الرسمي والشعبي في فهم طبيعة التهديد الإسرائيلي، مشيراً
إلى أن الخطاب الرسمي في كثير من الأحيان يتجنب تسمية الخطر كما هو، بينما تدرك
القوى الشعبية والحزبية والإسلامية أن الصراع مع إسرائيل هو صراع وجودي حضاري
وسياسي وليس مجرد نزاع حدود أو مصالح.
وفي معرض حديثه عن
المشهد الإقليمي بعد 7 أكتوبر، قال بريزات إن تلك الأحداث شكّلت "جرس إنذار
تاريخي” كشف عن عمق الصراع بين المشروعين الصهيوني والغربي من جهة، والمجتمع
العربي والإسلامي من جهة أخرى، لافتاً إلى أن إدارة المعركة أظهرت وعياً سياسياً
واستراتيجياً متنامياً لدى قوى المقاومة، وأثبتت أن المواجهة العسكرية ليست إلا
جزءاً من معركة شاملة ضد الهيمنة.
وأكد أن كل ما تقوم به
إسرائيل على الأرض الفلسطينية ينعكس سلباً على الأردن، سواء في ملف الضفة الغربية
أو في ترتيبات الأمن الإقليمي، مشدداً على أن القوة الحقيقية للأردن لا تكمن في
التفوق العسكري، بل في بناء الاعتماد على الذات، وتعزيز التماسك الداخلي، وتوسيع
المشاركة السياسية، ما يخلق مناعة وطنية ضد الضغوط الإسرائيلية والدولية.
وانتقد بريزات ما وصفه
بـ”صمت بعض النخب الأردنية” تجاه تصاعد العدوان الإسرائيلي، داعياً إلى "إحياء روح
المبادرة الوطنية والضغط الشعبي” من أجل تبني رؤية وطنية موحدة لمواجهة التهديدات
الصهيونية، تقوم على التكامل بين الدولة والمجتمع.
وأكد بريزات على أن
مواجهة إسرائيل تتطلب إرادة سياسية صلبة، وإعادة صياغة الدور الأردني الإقليمي على
أسس استقلالية، بعيداً عن الارتهان للمحاور الدولية، قائلاً: "القوة لا تُقاس
بالعتاد وحده، بل بقدرتنا على توحيد صفوفنا وبناء قرار وطني مستقل قادر على حماية
الأردن من مشاريع التفكيك والسيطرة”.
بدوره أكد الكاتب
والمحلل السياسي عريب الرنتاوي أن إسرائيل تتجه بشكل واضح نحو الفاشية السياسية،
مشيراً إلى أن التهديدات الصهيونية في المنطقة "ليست طارئة أو مؤقتة”، بل تعبّر عن
مشروع استعماري متجذر لن يزول في المدى القريب.
وقال الرنتاوي، إن ما
يجري اليوم في الإقليم هو انعكاس مباشر لـ”تحولات إسرائيلية داخلية عميقة”، حيث
أصبح المجتمع الإسرائيلي – على حد وصفه – "متعفناً بالكراهية، يميل إلى إلغاء
الآخر، ولا يمكن أن ينتج إلا حكومات من هذا الطراز المتطرف”.
وأضاف أن الرهان على
تغيير الحكومة الإسرائيلية أو على انتخابات مبكرة "لن يغيّر في جوهر التوجه
الصهيوني شيئاً”، لأن اليمين الإسرائيلي بمختلف أطيافه يتشارك الرؤية ذاتها تجاه
الفلسطينيين والعرب، مشيراً إلى أن الخلافات داخل إسرائيل "سطحية وشخصية أكثر منها
سياسية”.
وفي تعليقه على تطورات
الملف الفلسطيني بعد الحرب الأخيرة على غزة، قال الرنتاوي إن ما يجري حالياً يمثل
"منعطفاً نوعياً” في مسار الصراع، إذ تُفتح اليوم للمرة الأولى منذ سنوات إمكانية
الوصول إلى وقف شامل للحرب ورفع الحصار عن قطاع غزة، لكنه دعا إلى الحذر من
المناورات الإسرائيلية، مؤكداً أن تل أبيب لا تتورع عن خرق أي تفاهم متى ما سنحت
لها الفرصة لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية.
وأشار الرنتاوي إلى أن
حركة حماس باتت في "موقع تفاوضي ومعنوي أفضل”، بعد صمودها في الحرب، مؤكداً أن
عدداً من الدول الإقليمية أبدت استعدادها لتوفير شبكة دعم وضمانات سياسية للحركة
في أي مفاوضات قادمة، معبّراً عن أمله في أن تؤدي الجهود المصرية والفلسطينية
المشتركة إلى إنهاء الحرب وتثبيت التهدئة على أسس تحفظ الحقوق الفلسطينية.
وانتقد الرنتاوي ما
وصفه بـ”التسرع” في بعض المواقف السياسية، داعياً إلى التحلي بالتروي والحكمة في
التعاطي مع المبادرات الدولية المتعلقة بغزة، وعدم إصدار بيانات متسرعة قبل وضوح
تفاصيل التسويات المطروحة.
كما أكد الرنتاوي على
أن الصراع مع "إسرائيل” ما زال في بدايته الجديدة، وأن مواجهة المشروع الصهيوني
تتطلب وعياً عربياً مشتركاً، وتنسيقاً سياسياً يضع المصلحة الوطنية فوق أي حسابات
فئوية أو حزبية.