وهم الأمتين العربية والإسلامية


د. طـارق سـامي خـوري
يجب العمل — بعد كل ما عايشناه من تجارب وفضائح سياسية — على
إلغاء مصطلح "الأمة العربية” و”الأمة الإسلامية”، لأنهما مفهومان غير قابلين
للتطبيق إلا في الخطب والبيانات، لا في الواقع ولا في المواقف.
لقد أثبتت التجارب أن ما يُسمّى بالأمتين مجرد غلاف عاطفي
يُستخدم لتغطية العجز والخذلان، وأنّ لا رابط فعليًّا يجمع هذه الدول سوى المصالح
الآنية والحسابات الضيّقة. فحين تُذبح فلسطين، وتصمت معظم العواصم، نعلم أن
"الوحدة” كانت شعارًا، وأن "الأخوّة” كانت كذبة سياسية لتجميل الضعف.
إن الشعوب التي لا يجمعها مشروع حضاري، ولا رؤية اقتصادية أو
فكرية مشتركة وجغرافيا، لا يمكن أن تُسمّى "أمّة”.
الأمّة فكرة تحتاج إلى مؤسسات، ووعي، وموقف واحد من القضايا
الكبرى، لا إلى بيانات شجبٍ وعبارات تضامنٍ لفظية.
لقد آن الأوان لتأسيس مشروع وعي قوميّ جديد، ينطلق من واقعنا
لا من خيالات الماضي، ويعترف أن الطريق إلى النهضة يمرّ عبر الدولة المدنية
الواعية، لا عبر خطب الوحدة المزعومة.
فمن أراد أن يخدم فلسطين، فليخدمها من موقعه وضمن قدرته، لا
باسم شعارات ماتت على ألسنة من خانوا معناها.
الوحدة الحقيقية تبدأ من وعي الذات، لا من تكرار الأكاذيب.
وما يسمّى بالأمتين العربية والإسلامية، صار اليوم أمتين من
الكلام… لا من الفعل.