هل يوجد فهم حداثوي للديمقراطية؟
غياب الديمقراطية، والديمقراطية المشوهة، وجهان لشيء واحد.
بقلم د. موسى العزب
في عملية "تنصيب" الرئيس الجديد لمجلس النواب، لم
نسمع عن برامج مقدمة من المرشحين، ولم يفصح عن رؤى، ولم نلحظ دورا لكتل نيابية
تطرح معايير ديمقراطية سياسية.. وإنما تكثيف للضغوط، وزيارات الجاهات إلى البيوت،
وتطييب الخواطر، وفزعات لدفع هذا المرشح أو ذاك للإنسحاب من المنافسة لصالح آخر
مقابل وعود ترضية. هنا لا عزاء للخيار الديموقراطي، ولا مكان للإرادة الحرة.
للعلم حدث هذا في بعض النقابات المهنية، وهذه النقابات تعاني
حاليا من التأزم والإستقطاب، ويجري تعطيلها عن القيام بواجباتها الأساسية.
ماذا علينا أن نفعل؟ وما
هو دور المنظمات والنخب الوطنية في طرح فهم جديد للديمقراطية؟
في كثير من المجتمعات لم يعد مفهوم الديمقراطية منحصرا في
مجرد إجراء إنتخابات دورية، وتوصيل ممثلين إلى الهيئات التشريعية والتنفيذية، فهذا
ليس كل شيء. في الوقت الحالي، فإن أقدم الديمقراطيات البرجوازية الرأسمالية تعاني
من مآزق حقيقية، وإنسداد سياسي عميق. صندوق الإقتراع أحضر ترامب إلى السلطة،
وغالبا ما توصل هذه الصناديق قوى اليمين العنصري والفاشية والليبرالية المتوحشة
إلى سدة الحكم.
الكثيرون يتفقون على أن مفهوم الديمقراطية يجب أن يعكس
الآن "سيادة الشعب"، أي النظام الذي يصبح فيه "الوعي
المستنير" لدى الشعب هو السيد، وليس "سيادة الأغلبية المفتعلة، أو
الملفقة" التي تأتي بها لوبيات رأس المال، أو الهويات تحت الوطنية، أو
المقاولين والمافيات المصرفية !!
إن وجود ممثلين سياسيين
في سدة الحكم لا يعني بالضرورة أنهم يعبرون عن جوهر وحقيقة سياسة المجتمع ومصالحه،
إذ لا بد من التذكير بأن ثمة وسائل" أخرى لممارسة السياسة".
لبناء ديمقراطية تمثيلية عادلة، المطلوب: الانتظام في قلب
المجتمع المدني/ تأسيس جمعيات/ العمل في النقابات والأحزاب، بناء مبادرات جماعية،
وحملات وطنية، وشبكات اجتماعية..
فالمطلوب هو الإشتباك
السياسي الدائم..
المطلوب؛ "بناء
الأغلبية المؤهلة للمواطنة".
بعد ذلك، وبناء على تراكم الفعل الإجتماعي والسياسي، تكون
المشاركة بالإقتراع الشعبي ليست حدثا طارئا، وإنما محطة مستحقة من سلسلة
"إشتباك سياسي واعٍ ومستمر"..

























