تطوير الإذاعات والفضائيات يبدأ بالمحتوى لا بتغيير الوجوه
د. طارق سامي خوري
ننشغل إعلاميًا اليوم
بالحديث عن "تجديد” في الإذاعات والفضائيات، وتغيير مذيعين ومذيعات، مع احترامي
لهم جميعًا، وكأنّ التطوير يقع فقط على الوجوه أمام الكاميرا. بينما الحقيقة أن
التطوير الحقيقي يبدأ من الفكرة، والمحتوى، والسياسة التحريرية، وثقافة المؤسسة
الإعلامية.
فاستبدال الوجوه دون
تجديدٍ في العقل الإعلامي يشبه تغيير الأثاث في بيتٍ لم يُجدَّد أساسه. الإعلام
ليس منصّة تجميل، بل مسؤولية ووعي وثقافة تصنع رأيًا عامًا وتؤسس ذاكرة وطن.
ومن المهم التذكير هنا
بأنّ التلفزيون الأردني وإذاعة الجامعة الأردنية كان من المفترض أن يكونا مصنعًا
لإعداد وتخريج المذيعين والمذيعات إلى بقيّة مؤسسات الإعلام الأردني، لا أن
يتحوّلا إلى جهة استقطاب من مؤسسات أخرى مقابل عقود.
فالدور الوطني الحقيقي
لهذه المؤسسات هو صناعة الكفاءة، وتأهيل المواهب، ورفد السوق الإعلامي بوجوه جديدة
تحمل رؤية معاصرة وثقافة راسخة. أمّا المنافسة بالرواتب والجذب من الخارج فهي ليست
نهضة، بل تدويرٌ في مكانٍ واحد، لا يُنتج جديدًا ولا يطوّر الإعلام الوطني على المدى
البعيد.

























