شريط الأخبار
الملك يجتمع بممثلين عن شركات فيتنامية رائدة في قطاع المحيكات مكافحة الفساد توقف مواطنا زوّر أوراقًا رسمية 15 يوما براك: سوريا ستساعد أمريكا في تفكيك بقايا داعش وحزب الله وحماس والحرس الثوري الإيراني ترامب يوقع إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة الملك يحضر الجلسة الافتتاحية لملتقى الأعمال الأردني - الفيتنامي الاحتلال يدرس تسوية لإخراج 150 من مقاتلي حماس في أنفاق رفح ونفيهم إلى تركيا القوات المسلحة تجلي الدفعة الـ 16 من أطفال غزة المرضى للعلاج الملك يشيد بموقف فيتنام الداعم لحل الدولتين الملك والرئيس الفيتنامي يؤكدان الحرص على تطوير التعاون بين البلدين هارتس: واشنطن تقدم لمجلس الأمن مسوّدة معدّلة لقرار " قوّة الاستقرار" في غزة الأمن العام وتجارة الاردن يطلقان مبادرة "شركاء في الوعي"، لتعزيز الأمن المجتمعي والاقتصادي الحموري يشارك في القمة الإنسانية الدولية من اجل غزة لمواجهة أي تجاوز بحق منتسبيها.. نقابة المهندسين تطلق خطّا ساخنا عبر "واتساب"* (فيديو) بداية توافقية قوية لمجلس النواب بإنتخاب لجانه الدائمة عاجل. بلا مشادات: مجلس النواب يختار لجانه الدائمة بالتوافق لقاء ترامب والشرع: التمهيد لاتفاقٍ سوريٍّ-إسرائيليٍّ يؤمِّن مصالح الكيان ويُكرِّس النفوذ الأمريكيّ ارتفاع حاد بالهجرة من اسرائيل: عشرات آلاف اليهود ومئات العرب خطف مليونير روسي وزوجته قبل قتلهما وتقطيع جثتيهما بالامارات الملك يلتقي رئيسة وزراء اليابان: تكثيف العمل على توسيع التعاون بين البلدين طواقم المستشفى الميداني الأردني جنوب غزة 8 تباشر أعمالها

ردم الفجوة: لماذا تبقى الأحزاب السياسية في الأردن ضعيفة وكيف يمكنها إعادة الارتباط بالمواطنين

ردم الفجوة: لماذا تبقى الأحزاب السياسية في الأردن ضعيفة وكيف يمكنها إعادة الارتباط بالمواطنين


المهندس نبيل إبراهيم حداد
مستشار الهندسة والصناعة وإدارة المشاريع

مقدمة

رغم جهود الإصلاح المستمرة، ما زالت الأحزاب السياسية في الأردن تعاني من ضعف بنيوي وابتعاد عن الشارع. فالقوانين الجديدة وعمليات الدمج ومشاريع التحديث لم تنجح بعد في تحويل الأحزاب إلى أدوات حقيقية للتأثير السياسي. وجوهر المشكلة هو اتساع الفجوة بين أولويات المواطنين وأجندات الأحزاب وهي فجوة تُقوّض الثقة العامة وتحدّ من المشاركة السياسية وتضعف الحياة الديمقراطية.

1.  الجذور الهيكلية والتاريخية للضعف

تطورت الحياة السياسية في الأردن ضمن نموذج الحوكمة المركزية الذي تركزت فيه صلاحيات القرار في يد السلطة التنفيذية. وقد أدت حالات الحلّ المتكررة للبرلمان والقيود المفروضة على العمل الحزبي إلى إضعاف البنية المؤسسية للأحزاب. كما أن الولاءات العشائرية والمناطقية ما تزال تؤثر في السلوك الانتخابي، لتحلّ في كثير من الأحيان محلّ الانتماء الأيديولوجي أو البرامجي، مما أفرز ثقافة سياسية تعتمد على العلاقات الشخصية لا العمل المؤسسي المنظم.

 

2.  العوائق القانونية والمؤسسية

تعمل الأحزاب في بيئة قانونية متغيرة باستمرار، ما يخلق حالة من عدم الاستقرار ويضعف إمكانية التخطيط الطويل المدى. كما تعاني من شحّ الموارد المالية وضعف الدعم الإعلامي، إضافةً إلى محدودية القاعدة الشعبية. أما الأنظمة الانتخابية السابقة، مثل نظام "الصوت الواحد”، فقد ساهمت في تفتيت التمثيل النيابي وتعزيز النفوذ المحلي على حساب العمل الحزبي الوطني، فأصبحت الأحزاب صغيرة، متفرقة، وردّ فعلها آنياً لا استراتيجياً.

 

2أ. تفتت الأحزاب: الاستقالات والحلّ

عامل آخر يضعف الأحزاب الأردنية هو الموجة الأخيرة من الاستقالات الكبرى في الأحزاب اليسارية، والحلّ التدريجي للأحزاب الوسطية والمعتدلة. تفاقم هذه التطورات حالة عدم الاستقرار السياسي، وتقلل من القيادة ذات الخبرة، وتضعف الذاكرة المؤسسية للأحزاب. وبالتالي، يصبح المشهد السياسي مهيمنًا عليه من قبل مجموعات صغيرة تركز على الشخصيات، مما يحدّ من قدرة الأحزاب على تنظيم برامج واضحة، وتمثيل مصالح المواطنين بفاعلية، والمشاركة الفاعلة في العمل البرلماني. يزيد هذا التفتت من الفجوة بين التمثيل العددي (مثل خطة الوصول إلى 65% من المقاعد للدائرة العامة الوطنيةبحلول 2032) والقوة السياسية الحقيقية للأحزاب.

 

3.  زيادة المقاعد الحزبية: نموّ عددي لا يعكس قوة نوعية

تسعى خطة التحديث السياسي في الأردن إلى رفع نسبة التمثيل الحزبي في البرلمان تدريجياً لتصل إلى 65% بحلول انتخابات عام 2032، وهو تطور تشريعي مهم في المظهر العام. غير أن هذا النمو العددي لا يعكس بالضرورة قوة حقيقية للأحزاب، ما لم يصاحبه تطور في الهيكل الداخلي والبرامج والسياسات. فزيادة المقاعد المخصصة للأحزاب قد تُحسّن صورة التمثيل السياسي، لكنها لا تضمن نضج التجربة الحزبية ولا تبيّن مدى حضور الأحزاب في حياة المواطنين. القوة الحقيقية للأحزاب تُقاس بمدى فاعليتها في المجتمع وجودة برامجها وتأثيرها في السياسات العامة، لا بعدد مقاعدها في البرلمان. بدون ذلك، قد تتحول الزيادة إلى إصلاح شكلي أكثر من كونها تحولاً ديمقراطياً فعلياً.

 

4.  الانفصال الثقافي والاجتماعي

تواجه الأحزاب أيضاً أزمة ثقة ثقافية، إذ يرى المواطنون أنها أدوات لطموحات شخصية أو صراعات فكرية لا تمسّ واقعهم. يُكرّس هذا الانطباع ضعف الثقافة السياسية وقلة مشاركة الشباب والنساء، إضافة إلى تغطية إعلامية تركز على الخلافات بدلاً من السياسات.

 

5.  الفجوة بين أولويات المواطنين وأجندات الأحزاب

تتمثل المشكلة الجوهرية في انفصال خطاب الأحزاب عن هموم الناس اليومية.

أولويات المواطنين الفعلية

يركز المواطن الأردني على قضايا ملموسة، منها:

  • فرص العمل والاستقرار الاقتصادي
  • ارتفاع تكاليف المعيشة
  • جودة الخدمات العامة (التعليم، الصحة، النقل)
  • مكافحة الفساد والواسطة
  • العدالة والمساءلة في الإدارة العامة

اهتمامات الأحزاب وحدودها

تركّز العديد من الأحزاب على شعارات إصلاحية عامة دون تقديم خطط تنفيذية واقعية. ولا تمتلك معظمها وحدات بحث أو كوادر متخصصة في إعداد السياسات، مما يعمّق فجوة الثقة مع الشارع.

 

6. أسباب استمرار الفجوة

  • ضعف القدرات البحثية وعدم اعتماد القرارات على بيانات وتحليل واقعي.
  • تمركز الأنشطة في المدن الكبرى وإهمال المناطق الطرفية.
  • انشغال الأحزاب بالانتخابات فقط دون تواصل دائم مع الناس.
  • الخطاب الإعلامي السطحي الذي يركّز على الأشخاص لا البرامج.
  • الثقافة العامة التي تعتمد على الدولة كمصدر وحيد للحلول.

 

7.  سُبل الإصلاح والتطوير

لكي تصبح الأحزاب الأردنية قوى مؤثرة في التنمية، يجب أن تتحول إلى مؤسسات برامجية مرتبطة بالمجتمع.

أ‌) إعداد برامج واقعية مبنية على الأدلة: على الأحزاب صياغة برامج اقتصادية واجتماعية عملية تستجيب لاحتياجات المواطنين.

ب‌) تعزيز الديمقراطية الداخلية: من خلال انتخابات شفافة وتمكين الشباب والنساء وتداول القيادة.

ج‌) التواجد الميداني الدائم: بفتح مكاتب محلية والتعاون مع البلديات والنقابات في مبادرات خدمية.

د‌) بناء التحالفات:لتعزيز التأثير البرلماني والسياسي بين الأحزاب المتقاربة فكرياً.

هـ) رفع الوعي السياسي: من خلال توعية المواطنين، خاصة الشباب، بدور الأحزاب كأدوات تنظيم ومشاركة وليست منصات شخصية.

 

8.  دور الدولة والمجتمع

ينبغي على الدولة توفير إطار قانوني مستقر وفرص متكافئة في الإعلام ودعم مؤسسي شفاف لتطوير الأحزاب. كما يمكن لمراكز الدراسات والمجتمع المدني المساهمة في تأهيل الكوادر الحزبية. أما الإعلام، فعليه أن يركّز على المضمون البرنامجي والسياسات العامة.

 

خاتمة

إن نجاح التحديث السياسي في الأردن مرهون بقدرة الأحزاب على ردم الفجوة بين الخطاب والواقع. فالأحزاب القوية لا تُبنى بقرارات إدارية، بل تنمو من الثقة والمصداقية والاقتراب من المواطن. لن يكتمل المسار الديمقراطي إلا عندما تتحدث الأحزاب بلغة الناس، لغة العمل والعدالة والفرص،  وعندما يراها المواطن شريكاً في الحل لا مجرد طرف في المشهد السياسي.