شريط الأخبار
امريكا تواصل "بلطجتها" ضد الجنائية الدولية دعما لاسرائيل.. والمحكمة ترفض معاريف: موافقة نتنياهو ونرامب على صفقة الغاز لمصر تهدف لاحتواء النفوذ التركي والقطري بغزة ولي العهد يتوج علي علوان هداف كأس العرب الملك: شكرا للنشامى ولجمهورنا الوفي الملكة: فخورون بالنشامى وآداء مميز العيسوي: الأردن يمضي بثقة بقيادته الهاشمية ومسارات التحديث ركيزة قوة الدولة النشامى يخسر بشرف كأس العرب ويحل وصيفا امام المغرب ولي العهد يدعو جماهير الاردن الوفية لدعم النشامى والدة النائب والعين السابق خالد رمضان بذمة الله الأمم المتحدة و200 منظمة إغاثة: العراقيل الإسرائيلية تهدد العمليات الإنسانية في غزة بالانهيار بعد مماطلة اسرائيلية.. المصادقة على صفقة الغاز مع مصر بقيمة 35 مليار دولار اسرائيل تقصف مجددا ريف القنيطرة.. وحكومة الجولاني تتباهى بضبط كمية كبيرة من قذائف "آر بي جي" للمقاومة اللبنانية الجيش يبدأ بإجراء الفحوصات الطبية لمكلفي خدمة العلم الملك يستقبل قيادات دينية مسيحية واسلامية من القدس والاردن ويهنئ بالأعياد المجيدة التحذير من الانجماد والصقيع فجرا وصباحا الاحتلال ينتظر الضوء الامريكي الاخضر لفتح حرب جديدة على حزب الله.. وتفاصيل جديدة عن اغتيال نصر الله المنخفض يتعمق.. وتجدد الهطولات الثلجية فوق مرتفعات الطفيلة والشوبك ومعان الأخطر بمرسوم ترامب: يحظر بشكل كامل دخول من يحملون وثائق سفر فلسطينية إعلان نتائج كارثة مدفأة الشموسة .. إحالة التقرير للقضاء وحظر استخدامها.. والاطاحة بمديرة المواصفات المحامين" تبحث سبل ملاحقة جرائم الاحتلال في ورشة "تطبيقات القانون الدولي وفرص الملاحقة القضائية"

السياق السوري بين سيطرة الإرهاب وانتشار التطرف

السياق السوري بين سيطرة الإرهاب وانتشار التطرف


 

الدكتور حسن مرهج

في قلب الشرق الأوسط حيث تتقاطع خطوط التوتر الجيوسياسي مع الصراعات الداخلية، أصبحت سوريا نموذجاً حياً لكيفية تحول دولة ذات تاريخ حضاري عريق إلى ملاذ للتنظيمات الإرهابية، حيث أن سيطرة هذه الجماعات على مساحات جغرافية واسعة ليست مجرد واقع عابر، بل هي نتاج تراكمي لفشل الدولة في احتضان تنوعها الاجتماعي والطائفي، مما سمح بانتشار التطرف عمودياً داخل الهياكل الاجتماعية من الأفراد إلى العائلات والمجتمعات، وأفقياً عبر الحدود الإقليمية. هذا الانتشار يعكس ديناميكية خطيرة حيث أن الفقر والإحباط في المشهد السوري جراء سيطرة التنظيمات المتطرفة على الحكم في سورية، تحول إلى أرض خصبة للأيديولوجيات المتطرفة، التي تُغذيها شبكات دولية تستفيد من الفراغ الأمني.

ربطاً بالواقع السوري فإن السوريين سيستيقظون قريباً على واقع أشد مرارة، حيث أن إدراج سورية على لوائح الممنوعين من السفر إلى الولايات المتحدة، سيتبعه بشكل مباشر منع السوريين أيضاً من السفر الى غالبية دول العالم باستثناء الدول الحاضنة والداعمة للجولاني، وهذا ليس تنبؤاً درامياً، بل استنتاجاً منطقياً من معادلة الأمن القومي العالمية. الدول الغربية والإقليمية، التي تُقيم علاقاتها على أساس المخاطر المحتملة، لن تتهاون مع مواطنين يأتون من بيئة يسيطر عليها الإرهاب.

أما السوري العادي والذي يرفض سياسات الجولاني وحتى الذي لا يجاهر صراحة بأنه ضد الجولاني ونظام حكمه، اضافه الى السوري الذي يحلم بالهجرة بحثاً عن فرصة، سيجد نفسه محاصراً بسبب انتمائه الجغرافي، تماماً كما حدث مع مواطني دول أخرى شهدت صعود المتطرفين. هذا الإدراج ليس عقاباً شخصياً، بل إجراء وقائياً يحمي الدول من مخاطر الاستيراد غير المنضبط للعناصر المتطرفة، مما يعمق عزلة سوريا دولياً.

في جانب آخر فإن تلك الابتسامات الدبلوماسية التي تُقابل بها الدول "السلطة الوظيفية السورية” تلك التي تتكون من أصحاب سجلات القتل والتطرف، ليست سوى قناع استراتيجي. هذه السلطات، التي غالباً ما تُقدم نفسها كحكومات انتقالية أو وظيفية، تبقى مجرد أدوات للحفاظ على الاستقرار الداخلي دون تهديد الجيران مباشرة. لكن في حسابات الأمن القومي، لا يُقبل الشكل على حساب المضمون؛ فالدول تدرك أن أي دعم لهذه السلطات قد يعود عليها بالخطر إذا تحولت هذه الجماعات إلى قوة تصدير للتطرف. هكذا، تستمر العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية كوسيلة لاحتواء التهديد، لكنها لا تغير الواقع فالسوريون يظلون تحت الشبهة الجماعية، والعزلة تتعمق.

من الناحية الاستراتيجية، يُشكل هذا الواقع حلقة مفرغة، حيث أن السيطرة الإرهابية تُعمق التطرف، مما يُعزز العقوبات الدولية، وتلك بدورها تُفاقم الفقر واليأس داخل سوريا، مغذية بذلك الدورة العُنفية من جديد. السوريون، كشعب، يدفعون ثمن فشل نخب سياسية سابقة في بناء دولة قائمة على المواطنة لا الطائفية، مما يجعل الاستقرار المستقبلي رهينة بإعادة بناء هوية وطنية شاملة. ومع ذلك، فإن الوقت ليس بعيداً حتى يدرك العالم والسوريون أنفسهم أن الخروج من هذا المأزق يتطلب حلول جذرية في مواجهة التطرف، لا مجرد ابتسامات دبلوماسية.

في المحصلة، يكشف المشهد السوري عن مأزق تاريخي تتداخل فيه مسؤولية الداخل مع حسابات الخارج، حيث تحوّلت الجغرافيا السورية إلى ساحة اختبار قاسية لمعادلات الأمن القومي الدولي وحدود التسامح مع التطرف. فسيطرة التنظيمات الإرهابية وما تفرزه من بيئات حاضنة للكراهية، لم تعد تهديداً محلياً فحسب، بل باتت عنصراً فاعلاً في صياغة صورة السوري في العالم، وفي تكريس عزلة جماعية تطال الضحية بقدر ما تطال الجلاد. وإزاء هذا الواقع، تبدو الابتسامات الدبلوماسية والصفقات الوظيفية مجرد هوامش على نصّ أكبر عنوانه استمرار الحلقة المفرغة بين التطرف والعقوبات والفقر.

إن كسر هذه الحلقة لن يتحقق عبر إدارة الأزمة أو تجميل واجهتها، بل عبر مشروع وطني جذري يعيد تأسيس الدولة على قاعدة المواطنة الجامعة، ويفصل نهائياً بين هوية السوريين وبين منظومات الإرهاب، بحيث تصبح سوريا جزءاً من معادلة الاستقرار الإقليمي والدولي، لا خزّاناً دائماً للتطرف ولا ذريعة مستمرة لعقوبات لا تنتهي.

أكاديمي ومحاضر وخبير الشؤون السورية والشرق أوسطية