شريط الأخبار
محافظة: وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية بديلا لوزارة التربية ولا دمج مع "التعليم العالي" ولي العهد يحيي النشامي ويبارك للمغرب ويشكر قطر الملك للنشامى: كلنا فخورون بكم وبما حققتم "الشيوعي الاردني": اعتقال عضو الحزب محمد فرج منذ اسبوع الموت القلبي المفاجئ… خطر صامت مقدر يختصر أعمار مرضى السكري الأمن العام : مدافئ الشموسة أداة قتل داخل منازلكم.. تخلصوا منها في نقد التحول من الاشتراكية الى الرأسمالية مربعانية الشتاء تدخل الأحد.. توقع اجواء باردة جدا وأمل بالامطار والثلوج امريكا تواصل "بلطجتها" ضد الجنائية الدولية دعما لاسرائيل.. والمحكمة ترفض معاريف: موافقة نتنياهو ونرامب على صفقة الغاز لمصر تهدف لاحتواء النفوذ التركي والقطري بغزة ولي العهد يتوج علي علوان هداف كأس العرب الملك: شكرا للنشامى ولجمهورنا الوفي الملكة: فخورون بالنشامى وآداء مميز العيسوي: الأردن يمضي بثقة بقيادته الهاشمية ومسارات التحديث ركيزة قوة الدولة النشامى يخسر بشرف كأس العرب ويحل وصيفا امام المغرب ولي العهد يدعو جماهير الاردن الوفية لدعم النشامى والدة النائب والعين السابق خالد رمضان بذمة الله الأمم المتحدة و200 منظمة إغاثة: العراقيل الإسرائيلية تهدد العمليات الإنسانية في غزة بالانهيار بعد مماطلة اسرائيلية.. المصادقة على صفقة الغاز مع مصر بقيمة 35 مليار دولار اسرائيل تقصف مجددا ريف القنيطرة.. وحكومة الجولاني تتباهى بضبط كمية كبيرة من قذائف "آر بي جي" للمقاومة اللبنانية

الْسِتْــرُ إيمـان ...والْظالِـمُ جَبَـانْ

الْسِتْــرُ إيمـان ...والْظالِـمُ جَبَـانْ


 

الْجُزء الأول 

 

كَتَبَ /  أيمن بــدر 

قد يَبلُغُ المَرءُ مستوىً عالٍ من الإدراك والثقافة ويصبحُ لديه مخزوناً كبيراً من المعلومات يفيضُ عن حاجته ومتطلباته المَعْرِفية لِمُجاراة حياتِه اليومية ومُحيطه الثقافي يغدو معها مُتَعَطِشاً لأيةِ معلومَةٍ جديدةٍ تستفِزُ مخزونه الثقافي وتُداعِبُ رصيدَهُ الثقافي. لذلك تَجِدُ من أبْتُلي بكثيرِ المعرفة غالِباً ما تجده إما صامِتاً صَمْتاً مُطْبِقاً أو قليل الكلام حين تَعْصِفُ الجلسات بالحورات والمجادلات والنقاشات لأنه لا يسمَعُ شيئاً جديداً ولا إضافةً مَعْرفيةً قَدّ تَستَفِزُ معرفتًهُ وعلمه. وها النوعُ من الناس قَدْ يراه البَعضُ متكبراً أو من أحاديثهم نافراً غير أنّ واقع الأمر أنه يكونُ مُتَعَطِشاً لِمُجالَسَةِ وسَماعِ من هو أعلَمُ منه وأوسع ثقافةً ومَعرِفةً وإدراكاً، وتغمُرُه سعادةً بالِغَةً حينَ يسمَعُ شيئاً جديداً وكأنه أوتي رِزْقاً من حيثُ لا يحتَسِبْ.  

حدثني أحدُ الرجال الأفاضل عن قصةٍ كانَ قد سمعها أو قرئها ولا أعرفُ ان كانت واقِعاً أو نَسجاً من خيالْ، غير أنها تحمل في جوهرها وظاهرها صِفَةً حميدةً جليلةً وخُلُقاً عظيماً ألا وهي ( الــسِتْــرْ

الْــِسِتْـرُ خُلُقاً وَصِفَةً وَمُمارسةً أحوجُ ما نكونُ أليه في هذه الأيام التي غدا فيها هَتكُ السِترِ ونَشْرُ الفضائِحِ مِهنةً يُمارِسها الكثير صوتاً وصورةً على مواقع التواصل الإجتماعيّ، فترى الذينَ في قلوبهم مَرَضٌ يتتبعون عوراتِ الناس ويوثقونها إما تَكَسُباً او تَشهيراً وانتقاماً وكم من بيوتٍ هُدِمت وأُسَرٍ شُتِتَتْ وأرواحاً أزهِقَت بفعلهم هذا ونسوا ان من تتبع عوراتِ الناسٍ تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فَضَحَهٌ ولوْ بِعُقْرِ دارِه

وتقولُ القِصةُ أن طالباً سرق ساعةَ زميله في خلال أحدِ الصفوف المدرسية ، وأشتكى الذي سُرِقت ساعته للأستاذ الذي بادَرَ لأيقاف جميع الطلاب ووجوههم تِلقاء الحائِطِ  حتى لا يعرف باقي الطلاب من هو السارق ثم أخَذَ يُفتِش في جيوبهم حتى لَقيَ الساعة في جيبِ أحدهم وأعادها لصاحَبِها. هُنا بداية القِصة ...نعَم البداية فخاتمتها أعظَمُ وأجل وأكثرُ تشويقاً. وقَبلَ الخوض في خاتِمَةِ القِصة دعوني وإياكم ان نتخيل ما سيكونُ عليه حال هذا الطالبِ لو أن الأستاذَ أخرج الساعةَ من جيبه على مرأى ومسمعِ باقي زُملائه، إنّ أقل ما قَدّ يحدُثُ له ان يوصَفَ بأنه سارِقٌ وستبقى هذه الصِفَةُ ملازمةً له طيلة حياته ، عدا عن الدمار العلمي والمجتمعي والنفسي والعائلي الذي سيحُلُ به. فقد كان مصيره ومآلُ حياته مُعَلَقاً على هذه اللحظات ألتي ستُحَدد المنحى الذي سيسير به حتى آخر أنفاسه. وهذا الفيصل بين الستر والفضيحة كان بكلمةٍ أو فِعلٍ من هذا الأستاذ الذي آثر أن يسْتُر عيبة هذا الطالب، فأنه لم يكن أستاذاً فقط يتقاضى راتِباً على ما يُلَقِنَهُ لطلابه بل كان مُربياً ومُعَلِماً وقائداً وقدوةً ستر زَلَةَ طالبٍ مراهِقٍ في لحظة جهلٍ وضَعْف وغيرَ مسارَ حياته من دمارٍ لعمار ومن أنحرافٍ لأستقامة.

مَرَت أعوماً كثيرةً منذ هذه الحادثة وأنغمسَ هذا الطالبُ الذي تابَ توبةَ صادقة عن السرقة، إنغَمَسَ في معمعة الحياةِ  التي نقلته الى مكانةٍ مرموقةٍ في المُجتمع وأصبح له يدٌ طولى والآمِرُ والناهي وصاحِبُ القرارفي موقِعٍ يتوقُ الكثيرُ لبُلوغه.  ثُمّ وَبِمَحضِ صُدْفَةٍ خالصة ألتقى هذا الطالِبُ بِمُعَلِمَهِ، وأخَذ يُعَرِفُ الأُستاذ بشخصه وَبِمَن يكون وَذكرهُ بِقِصَة الساعة. وَبَعدَ جُهدٍ تذكر الأستاذ الواقِعة والتي كان قدّ نسيها أصلاً ، وهذا حالُ المُحسنين، فهم يتَذكرون أسائاتهم إنّ كان لهم إسائآت ويتناسون إحسانهم ولا يطلبون أو يرجوا جزائاً ولا شُكوراً لإحسانهم  ولا يُتبعون إحسانهم مناً ولا أذىً ولا يستحضرونه ويتفاخرون به بمناسبةٍ وغير مناسبة.

وهنا قِمَة ورَأسُ هرمِ الرُقيّ والإحسانِ في هذه القِصَة ....فقد تذَكرَ هذا الأستاذ المربي والمعلم القِصَةَ بعدَ جُهْدٍ من تذكير الطالبِ له ولكنه لم يَتَذَكر الطالب ذلك أن هذا المُحسن والمُربي الفاضِل كان قد عَصَبَ عينيه قبل مباشَرَةِ تفتيش الطَلبة لكي لا يعلَمَ هو نفسُهُ من هو الطالبُ السارق....!!!! 

لَنْ أُسْهِبّ في التعليق على هذه القِصة ، ولكن أختِمُ بالقول ان أبواب الصدقات كثيرةٌ قد يكونُ أدناها التَصَدُقُ بِالمال. فالكَلمة الطيبة صدقة ، وتغافلك عن الإسائات صدقة وسِتْرُكَ على العاصي والمذنب صدقة والتاجُ الذي يُزَيِنُ كُلَّ هذه الَدَقاتْ هو نسيانُكَ لها وعَدَمُ إستحضارها حتى لا تعلم شِمالُكَ ما أنفَقَتْ وتَصَدَقَتْ به يمينُكْ.