شريط الأخبار
غزة و"وهم" وقف الحرب وانتهاء المجاعة...أية مسؤوليات على "ثلاثي الوساطة" و"مجموعة الثمانية"؟ نتنياهو يرفض عرض حماس بخروج مقاوميها من "الخط الأصفر" الملك يزور المجلس القضائي ويوعز بتشكيل لجنة لتطوير القضاء "الصحفيين" يقر حلولا لتسوية اشتراكات المواقع الالكترونية من بين 316 ألف طلب قرض جديد.. البنوك ترفض 77 ألفا بقيمة تتجاوز المليار دينار اجراءات احترازية بعد الإشتباه بحقيبة مجهولة بمحيط مجلس الاعيان الملك في وسط البلد مطالب عمالية أمام شركة أمنية تتضمن صرف تحسين اوضاع وراوتب إضافية للموظفين الجيش الإسرائيلي يبدأ بجمع مئات السيارات الصينية من ضباطه تخوفا من التجسس! بعد عامين من العدوان.. الغزيون يعانون من "وباء" الصدمة النفسية حماية المستهلك: ارتفاع اسعار تنكة زيت الزيتون الى 150 ديناراً "الفوسفات" تتطوع لحل مشكلة تلوث مياه قرية البربيطة مقتل امرأة كل 3 أيام في فرنسا على يد زوجها عاجل. واخيرا.. أبواب البيت الأبيض تفتح لـ"رئيس" سوري.. والشيباني يطمئن اسرائيل: لا نريد أن ندخل حربا جديدة القوات المسلحة تحبط محاولة تسلل شخصين عبر الواجهة الشمالية ولي العهد يتابع التمرين النهائي لدورة القوات الخاصة الفصائل الفلسطينية تجتمع بالقاهرة الأسبوع الحالي لبحث إدارة انتقالية لقطاع غزة شيطنة المقاومة... لوم الضحية الاحتلال يهدد حزب الله: يلعب بالنار! الجرائم الإلكترونية تحذر: لا تدخلوا لروابط مجهولة تحت أيّ ظرف كان

الْسِتْــرُ إيمـان ...والْظالِـمُ جَبَـانْ

الْسِتْــرُ إيمـان ...والْظالِـمُ جَبَـانْ


 

الْجُزء الأول 

 

كَتَبَ /  أيمن بــدر 

قد يَبلُغُ المَرءُ مستوىً عالٍ من الإدراك والثقافة ويصبحُ لديه مخزوناً كبيراً من المعلومات يفيضُ عن حاجته ومتطلباته المَعْرِفية لِمُجاراة حياتِه اليومية ومُحيطه الثقافي يغدو معها مُتَعَطِشاً لأيةِ معلومَةٍ جديدةٍ تستفِزُ مخزونه الثقافي وتُداعِبُ رصيدَهُ الثقافي. لذلك تَجِدُ من أبْتُلي بكثيرِ المعرفة غالِباً ما تجده إما صامِتاً صَمْتاً مُطْبِقاً أو قليل الكلام حين تَعْصِفُ الجلسات بالحورات والمجادلات والنقاشات لأنه لا يسمَعُ شيئاً جديداً ولا إضافةً مَعْرفيةً قَدّ تَستَفِزُ معرفتًهُ وعلمه. وها النوعُ من الناس قَدْ يراه البَعضُ متكبراً أو من أحاديثهم نافراً غير أنّ واقع الأمر أنه يكونُ مُتَعَطِشاً لِمُجالَسَةِ وسَماعِ من هو أعلَمُ منه وأوسع ثقافةً ومَعرِفةً وإدراكاً، وتغمُرُه سعادةً بالِغَةً حينَ يسمَعُ شيئاً جديداً وكأنه أوتي رِزْقاً من حيثُ لا يحتَسِبْ.  

حدثني أحدُ الرجال الأفاضل عن قصةٍ كانَ قد سمعها أو قرئها ولا أعرفُ ان كانت واقِعاً أو نَسجاً من خيالْ، غير أنها تحمل في جوهرها وظاهرها صِفَةً حميدةً جليلةً وخُلُقاً عظيماً ألا وهي ( الــسِتْــرْ

الْــِسِتْـرُ خُلُقاً وَصِفَةً وَمُمارسةً أحوجُ ما نكونُ أليه في هذه الأيام التي غدا فيها هَتكُ السِترِ ونَشْرُ الفضائِحِ مِهنةً يُمارِسها الكثير صوتاً وصورةً على مواقع التواصل الإجتماعيّ، فترى الذينَ في قلوبهم مَرَضٌ يتتبعون عوراتِ الناس ويوثقونها إما تَكَسُباً او تَشهيراً وانتقاماً وكم من بيوتٍ هُدِمت وأُسَرٍ شُتِتَتْ وأرواحاً أزهِقَت بفعلهم هذا ونسوا ان من تتبع عوراتِ الناسٍ تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فَضَحَهٌ ولوْ بِعُقْرِ دارِه

وتقولُ القِصةُ أن طالباً سرق ساعةَ زميله في خلال أحدِ الصفوف المدرسية ، وأشتكى الذي سُرِقت ساعته للأستاذ الذي بادَرَ لأيقاف جميع الطلاب ووجوههم تِلقاء الحائِطِ  حتى لا يعرف باقي الطلاب من هو السارق ثم أخَذَ يُفتِش في جيوبهم حتى لَقيَ الساعة في جيبِ أحدهم وأعادها لصاحَبِها. هُنا بداية القِصة ...نعَم البداية فخاتمتها أعظَمُ وأجل وأكثرُ تشويقاً. وقَبلَ الخوض في خاتِمَةِ القِصة دعوني وإياكم ان نتخيل ما سيكونُ عليه حال هذا الطالبِ لو أن الأستاذَ أخرج الساعةَ من جيبه على مرأى ومسمعِ باقي زُملائه، إنّ أقل ما قَدّ يحدُثُ له ان يوصَفَ بأنه سارِقٌ وستبقى هذه الصِفَةُ ملازمةً له طيلة حياته ، عدا عن الدمار العلمي والمجتمعي والنفسي والعائلي الذي سيحُلُ به. فقد كان مصيره ومآلُ حياته مُعَلَقاً على هذه اللحظات ألتي ستُحَدد المنحى الذي سيسير به حتى آخر أنفاسه. وهذا الفيصل بين الستر والفضيحة كان بكلمةٍ أو فِعلٍ من هذا الأستاذ الذي آثر أن يسْتُر عيبة هذا الطالب، فأنه لم يكن أستاذاً فقط يتقاضى راتِباً على ما يُلَقِنَهُ لطلابه بل كان مُربياً ومُعَلِماً وقائداً وقدوةً ستر زَلَةَ طالبٍ مراهِقٍ في لحظة جهلٍ وضَعْف وغيرَ مسارَ حياته من دمارٍ لعمار ومن أنحرافٍ لأستقامة.

مَرَت أعوماً كثيرةً منذ هذه الحادثة وأنغمسَ هذا الطالبُ الذي تابَ توبةَ صادقة عن السرقة، إنغَمَسَ في معمعة الحياةِ  التي نقلته الى مكانةٍ مرموقةٍ في المُجتمع وأصبح له يدٌ طولى والآمِرُ والناهي وصاحِبُ القرارفي موقِعٍ يتوقُ الكثيرُ لبُلوغه.  ثُمّ وَبِمَحضِ صُدْفَةٍ خالصة ألتقى هذا الطالِبُ بِمُعَلِمَهِ، وأخَذ يُعَرِفُ الأُستاذ بشخصه وَبِمَن يكون وَذكرهُ بِقِصَة الساعة. وَبَعدَ جُهدٍ تذكر الأستاذ الواقِعة والتي كان قدّ نسيها أصلاً ، وهذا حالُ المُحسنين، فهم يتَذكرون أسائاتهم إنّ كان لهم إسائآت ويتناسون إحسانهم ولا يطلبون أو يرجوا جزائاً ولا شُكوراً لإحسانهم  ولا يُتبعون إحسانهم مناً ولا أذىً ولا يستحضرونه ويتفاخرون به بمناسبةٍ وغير مناسبة.

وهنا قِمَة ورَأسُ هرمِ الرُقيّ والإحسانِ في هذه القِصَة ....فقد تذَكرَ هذا الأستاذ المربي والمعلم القِصَةَ بعدَ جُهْدٍ من تذكير الطالبِ له ولكنه لم يَتَذَكر الطالب ذلك أن هذا المُحسن والمُربي الفاضِل كان قد عَصَبَ عينيه قبل مباشَرَةِ تفتيش الطَلبة لكي لا يعلَمَ هو نفسُهُ من هو الطالبُ السارق....!!!! 

لَنْ أُسْهِبّ في التعليق على هذه القِصة ، ولكن أختِمُ بالقول ان أبواب الصدقات كثيرةٌ قد يكونُ أدناها التَصَدُقُ بِالمال. فالكَلمة الطيبة صدقة ، وتغافلك عن الإسائات صدقة وسِتْرُكَ على العاصي والمذنب صدقة والتاجُ الذي يُزَيِنُ كُلَّ هذه الَدَقاتْ هو نسيانُكَ لها وعَدَمُ إستحضارها حتى لا تعلم شِمالُكَ ما أنفَقَتْ وتَصَدَقَتْ به يمينُكْ.