الْسِتْــرُ إيمـان ...والْظالِـمُ جَبَـانْ - الْجُزء الثاني


كَتَبَ / أيمن
بــدر
كُنتُ أشاهِدُ أحدّ
الأفلام حيث لِصٌ سارِقٌ سابِقٌ تائِب يستَقِلُ هو وصديقتُه حافلةً حين لاحَظَ هذا
السارِقُ التائب سارِقاً آخرَ ينتشِلُ مَحفظةَ إحدى السيدات ، فما كان منه إلا ان
لَحِق بِه فأذا بالسارِقِ يُلقي المَحفظةَ ويولي هارباً مذعوراً مُتعَثِراً
بخطواته من شِدَة الخوف. فما كان من صديقةِ هذا السارق التائب إلا أن أثنت على
فعلِهِ وشجاعته، حينها أجابها بكلِمةٍ هي خُلاصَة هذا المقال حيث قال لها.....
( إنّ السارِقَ يكون أشَدُ ذُعراً وهَلَعاً وخوفاً
من الذي يُسْرَقُ منه)
إستحضرتُ هذا المشهد
وأنا أستَمِعُ لأحد الأخوة الأفاضل وهو يحدثني اليوم عن الرُعبِ والخوف الذي يعيشه
كيانُ الإحتلال رُغمَ ما لديه من إمكانات عسكريةٍ وماديةٍ ودعمٍ غير محدودٍ ولا
مشروط من العالم أجمع ، والمفارقةُ هنا كما جاء في حديثه هو الأمنُ والأمان الذي
يشعر به ويعيشه المواطن العربي ويعيشه واقِعاً رغم تكالُب العالم عليه.
السارِقُ وإن كان يبدو
في ظاهِره متماسِكاً قوياً إلا أنه في واقع الحال منهاراً وضعيفاً وَهَشاً وتلازمه
الشعورُ بالدونية وأنه أضعَفُ بكثيرٍ من المَسلوب حقَهُ وإن بدَت الصورةُ في
ظاهرها مُغايرة.
السارِقُ يحسب كُلّ
صيحةٍ عليه ، ويعيشُ قَلقاً وتوتراً متواصلاً ولن يبلغ نشوة التمتع بما تَحَصَلّ
عليه وما سلَبهُ ، بل إن ما غَنِمهُ من سرقته تُصبِحُ وبالاً عليه ومصدر خوفٍ
ورُعبٍ متواصل. بينما المسلوبُ حقه تغمره الطمأنينة رغم الألم والأذى الذي أحدثه
اللصُ المُختلس به ذلك أن من سُلِبَّ حقُه يعلم يقيناً ان سُنن الكون في العدالةِ
ستأخذ مجراها طال الزمان أم قَصُرْ.
ولن أَسْتَجلِبّ ما
يُعزِزُ هذا المعنى في الخوفِ الذي يعيشه السارقُ الظالم والطمأنينة التي يَنْعَمُ
بها المسلوب المظلوم لن أستجلِبَهُ من الأثر وسالِفِ الأمم بل مما نحياه
واقعاً مُشاهداً والمقارنةُ هنا وإن كانت غير عادلة هي بين كيان احتلال وغزة.
فالرعب والخوف
والهجرة وترك الكيان الى كآفة أصقاع الأرض ، والهروع بالملايين الى الملاجئ
هَلَعاً للنجاةِ بالنفس، والعويل والنحيبُ والقَلَقُ والإنقسامُ والتشرذم.
يقابل ذلك كله في غزةّ خاصةً والعالم العربي على
العموم رغم تكالب الأمم علينا طمأنينة وثباتٍ وسلامٍ نفسي وداخلي وأمنٍ
وأمانٍ ويقيناً أن ألحَقّ سيعودُ لأهله وأنها مسألة وقتٍ لا أكثر حتى يَفِرّ هذا
الكيانُ مُتَخَبطاً بخطواته كما سارقُ المحفظةِ في الحافلة الى شتاتٍ لا يجتمع به
لهم جَمعٌ تُلازمه عُقْدَة السارق ومتلازمة الظالم المشحونة خوفاً وقلقاً
وتَرَقُباً لِعِقابٍ لا محالة قادم.
وفيما تتسارَعُ الأيامُ
ويتقارَبُ الزمان لتَتَحَقَ مقولةُ أن يوم المظلوم على الظالم أشَدُ من يومِ
الظالمِ على المظلوم وحتى بلوغ هذا اليوم سيبقى المسلوبة أرضه والمظلوم
أمناً مطمئناً والظالم السارقُ خائفاً ومرعوباً وإن بدت لك الصورة مُعاكِسة ،
فأنظر لواقع الأمن والطمأنينة والأمان الذي تعيشه عواصم العرب أجمع وما
تعيشه عاصمة الكيان المصطنع في المقابل.....