شريط الأخبار
200 شخصية سورية تؤسس جبهة للانقاذ وتطالب بدولة ديمقراطية.. فهل يستجيب الجولاني؟ وفاة نجل فيروز الفنان الكبير زياد الرحباني حماس تكشف تفاصيل الجولة التفاوضية الأخيرة وتطالب ويتكوف بالنزاهة ترامب يحرض على حماس ويطالب “إسرائيل” بانهاء المهمة واغتيال قادتها "الخيرية الهاشمية": لا نستطيع إنهاء حصار غزة.. ونواصل إدخال المساعدات كجزء من محاولة جادة لإنقاذ الأرواح ويتكوف ونتنياهو يحملان حماس مسؤولية تعثر المفاوضات.. ويلوحان بالرد قافلة مساعدات اردنية تعبر اليوم الى غزة مقتل ستيني بمشاجرة.. وكشف مصير سيدة قتلها زوجها في اربد "الكهرباء الاردنية" تنفي نية تعديل تشريعاتها للحجز على املاك المواطنين قافلة مساعدات من 50 شاحنة تنطلق إلى غزة بالتعاون مع المطبخ العالمي وبرنامج الغذاء العالمي الحملة الأردنية توزّع الخبز الطازج على مئات العائلات في المواصي بخان يونس "العمل الإسلامي" يثمن الجهود الرسمية لإدخال المساعدات لغزة ويدعو لتكثيف الجهد بمواجهة حرب التجويع الاردن يدين تصويت الكنيست على بيان دعم السيادة الاسرائيلية على الضفة مندوبا عن الملك.. حسان يشعل شعلة مهرجان جرش ايذانا بانطلاق فعالياته الملكة: الكلمات لا تطعم أطفالنا.. رسالة من غزة مصدر إسرائيلي يزعم: ردّ حماس على المقترح الإسرائيلي لم يرضِ الوسطاء ولم يمرر لاسرائيل العيسوي: الأردن بقيادته الهاشمية يواصل التحديث بإرادة راسخة ونهج يضع المواطن في صميم الأولويات بتوجيهات ملكية .. الأردن يسير قافلة إغاثية لجنوب سوريا التجويع يفتك بالفلسطينيين في غزة… وأوروبا تلوّح بـ«إجراءات» الجيش يحبط محاولة تسلل طائرة مسيّرة على الواجهة الغربية

فزاعة "معاداة السامية" لماذا ومن أوجدها ؟!

فزاعة معاداة السامية لماذا ومن أوجدها ؟!


 بقلم د. موسى العزب

 

 تدعي الطبقة السياسية الغربية بأنه منذ بداية القرن الحالي، وفي كل مرة يتجدد فيها "العنف" في الشرق الأوسط، كانت هناك زيادة في الأعمال المعادية للسامية في عدد ولو محدود من الدول الأوروبية

ويمكننا الإقرار بأن بعض الدول الأوروبية قد شهدت -على فترات- تداعيات لأحداث الشرق الأوسط، من نوع هجمات على مواقع رمزية لليهود وُضعت في سياق "معاداة السامية"، ونعلم الآن أن من ارتكب هذه الأعمال -في الغالب- هم أشخاص مهمشون في مجتمعاتهم، وعاطلون عن العمل من سكان ضواحي المدن، متذرعون بتأييد القضية الفلسطينية.. بينما يرفض النشطاء من أصدقاء القضية الفلسطينية هذا الأسلوب، كما يرفضون نقل الصراع إلى الغرب.

ومن المهم التذكير هنا، بأن لدى بعض البلدان الأوروبية تاريخ طويل من "معاداة السامية" حتى قبل بلورة القضية الفلسطينية، وصولا إلى ترحيل اليهود إلى معسكرات النازية، أو وضعهم في معازل..

حالة الأميركيّ إلياس رودريغز اختلفت قليلا، فهو ليس شخصا مهمشا، ولم يأت من ضواحي المدن، ولكن عندما قام بإطلاق النار داخل السفارة الإسرائيلية، كان ينطلق من قرار فردي، ويعبر عن صوت الضمير الإنساني اليقظ، وينفذ واجب أخلاقي نبيل دون أن يطلب منه أحد القيام بذلك. ولكن سرعان ما اتُهم بمعاداة الساميّة.. !!

 

ومع تدهور الوضع الجيوسياسي، وتلاشي الآمال في السلام في الشرق الأوسط في بداية هذا القرن، توطنت مكارثية جديدة، يصبح فيها مجرد ذكر فلسطين يعد بمثابة هجوم على اليهود وبالتالي "معاداة للسامية"، وأي انتقاد للحكومة الإسرائيلية يعرض صاحبها للعقوبة السياسية والمهنية.. وأصبحت خطابات إسرائيل وأنصارها أكثر عدوانية إلى حد كبير، ولم يعد من الممكن إجراء نقاش موضوعي وحر. ولم يعد يُسمح بالدخول إلى المنصات والمنابر الإعلامية المؤثرة إلا لأولئك الذين يتشاركون وجهات نظرهم. وكلما أصبحت "إسرائيل" في خطر على مستوى الرأي العام، كلما تصبح الرغبة في (حماية سمعتها) أهم من أي أولوية سياسية وأخلاقية أخرى.

 

 الصهيونيّة بالأساس هي منتج غربي استعماري، وإن كانت قد بنت وجودها على أساطير ذات طبيعة لاهوتية متناقضة.. ثم افتعلت أكذوبة "معاداة السامية" كأداة حربية للجم كل معادٍ لهيمنتها ومخططاتها، واستعملتها في نفس الوقت، كفزاعة مضللة تبني عليها مغالطات حمل اليهود للهجرة إلى فلسطين «أرض الميعاد».

 

بنى الصهاينة الأوائل فكرتهم الأولى على إدعاء استحالة اندماج اليهود مع الأمم الأخرى، وبالتالي ضرورة إسنادهم في تشكيل دولتهم المستقلة، وتواطؤوا ليجعلوا من مضايقة اليهود في أوطانهم حيث يقيمون واقعا يصعب معايشته.. فكانت الأيدلوجية الصهيونية هي المحفز الرئيسي لابتداع آفة "معاداة السامية"، وتسويقها، واستقبلت الصهيونية دوما العداء لليهود برضى كبير، وطوبته بكثير من الخداع لتعزيز كذبة "معاداة السامية" لتستثمر فيها سياسيا في خطابها ومشاريعها رغم عدم إيمان معظم القادة الصهاينة المؤسسين -الذين طغت لديهم النزعة القومية الأوروبية- بالديانة اليهودية!!

المفارقة بأن من اعتبروا أن اليهود شعب، وليس أتباع ديانة، هم أنفسهم من روجوا لبدعة الحقوق التاريخية، والأسطورة التوراتية التي أسموها "أرض الميعاد"، و"شعب بلا شعب، لشعب بلا أرض". ثم بنوا فرضيتهم على فكر رجعي عنصري، يتجاهل أسس تشكل الفكر القومي الاجتماعي، ليأخذ بالبعد العرقي والتفوق البيولوجي، وصولا لخرافة "شعب الله المختار"..!!

   الآن يأخذ الوضع شكلا متطرفا، وتفرض قوانين متشددة جدا ضد "معاداة السامية"، ويتم النظر إلى "إسرائيل" كامتداد مصلحي وسياسي وحضاري للغرب. وإذا اعتبرنا بأن أهم انتصار أيديولوجي لإسرائيل هو استطاعتها إدماج معاداة الصهيونية، ومعاداة السامية في صلب النقاش الداخلي للغرب. وانعكاس  هذا الأمر على غالبية المسؤولين الغربيين، فإن أنصار غزة ينجحون الآن بفرض غزة وفلسطين على الحياة السياسة في الغرب، وإدماجها بالنقاش البرلماني والاجتماعي الداخلي، رغم قيام المنظمات اليهودية الصديقة لإسرائيل بالعمل بكل طاقتها كسفارات وقواعد ثقافية وسياسية إسرائيلة داخل بلدانها، وتحاول بشكل مستميت فرض معادلة "إن معاداة الصهيونية هي أحد الأشكال الحديثة لمعاداة السامية"، كما تحاول بعض مراكز الرأي، جمع التهديد الإرهابي، والإسلاموية، ومعاداة السامية. في ملف واحد وينجح هذا غالبا، مما يدفع الكثيرين إلى الصمت.

 

 الوضع أصبح أكثر صعوبة مما كان عليه قبل 25 عاما، مع تدهور خطير للمناخ الفكري والقيمي الغربي، فحلت الشتائم والتجريم محل الحجج والقرائن، والرهان الآن بأن تشكل غزة وأنصارها إرهاصات التغيير التراكمي في هذا المجال.