نظرية الأوتار الفائقة والمفاوضات


د حيدر البستنجي
نظرية الأوتار الفائقة (Superstring Theory) هي نظرية فيزيائية تحاول دمج جميع القوى الأساسية في الكون (مثل القوة الكهربائية والمغناطيسية والجاذبية وقوى نووية) في إطار رياضي واحد. في السياسة يمكن استخدام هذا المفهوم لاستعادة التوازن أو العدالة بين فريقين متنافسين أو اكثر لدراسة مراكز القوى المتصارعة وإمكانياتها وطموحاتها بحيث يتم تقديم اطار جامع يجمع كل المتناقضات لخلق ارضية تأخذ في الإعتبار قوة كل طرف مطروحا منها طموحاته لتشكيل ارضية استاتيكية او مقترح ما لا ينظر إلى التاريخ او اصل الصراع بقدر ما ينطلق من الواقع القائم وكيف نتحرك للأمام . اي بالخلاصة عقل وفيزياء فقط دون اي تأثير للأفكار او الاحلام الدينية او التاريخية لأي صراع .
من الطبيعي ان هذا المفهوم السياسي يركز على
المرئي والواقعي ولكنه ايضا يأخذ بالحسبان الأبعاد أو الجوانب غير
المرئية أو المغمورة في السياسة. على سبيل المثال، يمكن أن تشير الأبعاد الإضافية
إلى القوى أو التأثيرات التي لا تظهر على السطح ولكنها تؤثر في الأحداث السياسية
(مثل التأثيرات الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية) دون ان يعطيها اكثر من
حجمها الحقيقي وفي النهاية تخرج خطة ما تصبح هي الأرضية التي يتم الحديث
عنها ومنا تنطلق الأفكار واليها يعود الجميع دائما مايهمني في هذا
الأمر ان مع عودة الحديث حول مفاوضات التهدئة في غزة وبوجود ويتكوف الوسيط
الأمريكي ومن خلفه ترامب تلاميذ نظريات الفائق في السياسة والاقتصاد فلن
تكون هناك عودة إلى الوراء بل ستنطلق اية خطة من الامر الواقع وموازين القوى
الحالية، ووحدها تغيرات موازين القوى هي التي يمكن ان تخلق تعديلا
جوهريا أو تبدل في الأرضية الصلبة للأفكار .
خرج مقترح ويتكوف من
رحم نظرية الفائق في السياسة وأصبح هو الأرضية الصلبة والوحيدة
على ما يبدو لأي تعديل قادم وفق خطوطه العريضة ومحدداته الثابتة .. قد يحدث تغيير
وتعديل وإعادة صياغة في بند ما لكن الجوهر الأساس للاتفاق اليوم وغدا وبعد
غد هو مقترح ويتكوف الأخير .. هامش المناورة ضيق جدا ..
بشكل عام تتداخل
العلوم الطبيعية مع العلوم السياسية بشكل غير مباشر كمصدر الهام او اداة
للتفكير في الصراعات المعقدة والمتعددة التحديات والتي تحتاج إلى تحقيق
توازن بين مصالح متناقضة ، وإذا أعدنا قراءة مراحل الإشتباك السياسي الفلسطيني مع
الاحتلال او مع الادارة الأمريكية وكيفية التعامل وبناء المقترحات
والخطط والأفكار ستجد فيها الكثير من نظرية الفائق وربما تكون هي المتحكم في
كل ما وصلنا اليه من سنوات طويلة .ولا غالب الا الله