حفل البترا والجدل الواسع


تمارا خزوز
تابعت بشكل مقتضب قصة
الحفل الذي أُقيم في البتراء. ما أزعجني شخصيًا لم يكن نوع الحفل بحد ذاته، بل
اختيار الموقع، فالبتراء "درّة تاج" الأردن، وأي نشاط، حتى لو كان
تراثيًا أو ثقافيًا، يجب أن يُخضع لمعايير عالية تحفظ تفاصيل المكان الأثرية من أي
تلف.
ما استوقفني حقًا
التصريحات الحكومية، خاصة ما صدر عن مدير عام هيئة تنشيط السياحة، والتي بدت
إشكالية بكل تفاصيلها.
أولًا، الإشارة إلى أن الهيئة، وربما الوزارة
نفسها، لم تكن على علم بالحفل. فهل من المعقول أن يتم تنظيم فعالية بهذا الحجم في
موقع بأهمية البتراء دون علم الجهات الرسمية؟ من سمح؟ ومن نسّق؟ ومن فتح الأبواب؟
ثانيًا والأهم، أن
الحديث عن التصدي لأي نشاط "يخدش الحياء العام” ويتعارض مع "الثوابت الأردنية”
توصيف نسبي لا يخضع لمعايير ثابتة أو مطلقة، وهو خطاب يُستخدم فقط لتهدئة الرأي
العام، لكنه يتعارض مع السياسات الحكومية المتعلقة بقطاع السياحة.
وإذا عدنا لأهداف لجنة
التحديث الاقتصادي المتعلقة بمحركات النمو الاقتصادي، نجد أن محرّك "الأردن وجهة
سياحية عالمية” هو الأهم بين المحركات الثمانية، وإنه يدعو إلى تفعيل الاستثمار
السياحي، وجعل السياحة محركًا أساسيًا للنمو، والتي تضررت بشدة في ظل التحديات
الإقليمية الحالية.
فإذا كانت الحكومة ترى
أن ما جرى في البتراء "خادش للحياء وضد القيم والثوابت الأردنية"، فهل ستُغلق
المنتجعات السياحية التي ترخص السباحة والمشروبات الكحولية؟ هل ستمنع الأعراس
والمناسبات الخاصة المختلطة التي تُقام في تلك المرافق؟ وهل سيتم إعادة النظر في
ترخيص المطاعم والمقاهي والفنادق السياحية وكل ما لا ينسجم مع هذا التوصيف
المطاطي؟
بالمحصلة يستطيع كلّ
منا مقاطعة كل ما لا ينسجم مع قيمه وثقافته وعاداته، في أي نشاط مجتمعي عام أو
خاص، وأن يمتنع وعائلته عن المشاركة أو المتابعة، وأن يرفض أي تدخل من قبل أي جهة
في مساحاته الخاصة، ويحافظ على ذلك دون أن تحمل تصرفاته أي تناقض.أما الحكومة،
فإمّا أن تكون تصريحاتها منسجمة مع سياساتها، وإلّا فإن في ذلك إشكالية كبرى.