طارق خوري: تضليل المواطن.. السيارات الفارهة انخفض سعرها وارتفع سعر سيارات الكادحين


انتقد النائب الاسبق
طارق خوري ما اسماه "تخبطا في السياسات واستخفافا بعقول المواطنين وتضليلا
اعلاميا تمارسه مؤسسات الدولة ضد المستهلك البسيط". مثيرا قضية ما سمي بخفض
الحكومة لاسعار السيارات، معتبرا انه الاعلان عن هذه التخفيضات "حمل
تضليلا" يستحق اقالة وزراء عليه!
وفيما يلي ما كتبه طارق
خوري على شكل رسالة الى رئيس الوزراء...
دولة رئيس الوزراء
المحترم،
معالي وزير الصناعة
والتجارة المحترم،
تحية وطنية وبعد،
أكتب إليكم اليوم وقد
بلغ السيل الزبى، لا من باب المعارضة العبثية أو المزاودة الشعبوية، بل من منطلق
المسؤولية الوطنية والضمير الحي الذي لا يسمح لنا أن نصمت أمام ما بات واضحًا من
تخبّط في السياسات، واستخفاف بعقول المواطنين، وتضليل إعلامي تمارسه مؤسسات الدولة
ضد المستهلك الأردني البسيط.
بلغني، كما بلغ كثيرين،
أن سعر سيارة BMWكان قبل ما سُمّي
بـ”خفض الجمارك” 70 ألف دينار، وبعد حملة التسويق الحكومي لما سُمي تخفيفًا عن
المواطن، أصبح السعر 67 ألف دينار فقط. أي أن "التخفيض” الفعلي لا يكاد يُذكر، رغم
كل الضجيج الإعلامي الذي رُوّج له باستخدام النسب والرسوم البيانية وكأننا أمام
فتح اقتصادي مبين.
وعند بحثي عن أسعار
السيارات الكهربائية الصغيرة، وهي سيارات الكادحين، مندوبي المبيعات، موظفي
الشركات، وعمال التوصيل، تبيّن أن أسعارها ارتفعت! أي أن ما تم تقديمه كـ”إنجاز
اقتصادي” انعكس فقط على السيارات الفارهة، بينما ازدادت معاناة المواطن البسيط.
وهنا أطالب معالي وزير
الصناعة والتجارة باتخاذ إجراءات قانونية تجاه الحكومة نفسها، بسبب مخالفتها في
إعلاناتها (الإعلان مرفق) لأحكام قانون حماية المستهلك من الإعلانات المضللة، وهو
قانون من صلب اختصاص الوزارة. فالإعلام الرسمي والحكومي، ومعه بعض المنصات
المدفوعة، استخدم بيانات مجتزأة وأرقاماً توحي بتحسينات لا وجود لها على أرض
الواقع.
دولة الرئيس،
أنا أعرفك صادقًا،
جادًا، مؤمنًا بالإصلاح. لكن يبدو أن الثقة التي أوليتها لفريقك الوزاري، لم
تُقابل بالكفاءة والخبرة المطلوبة. نحن لا نتحدث عن خيانة أو فساد، بل عن غياب
المعرفة الحقيقية بالسوق، وافتقاد لفهم الشارع والمستهلك، وابتعاد كامل عن الخبرة
العملية.
ما حدث ليس في هذا
الملف فقط يدل أن كثيرًا من الوزراء اليوم ليسوا "أولاد سوق اولاد تجربة”، ولا
يملكون الخبرة التراكمية، ولا الحس الشعبي، ولا أدوات الإدارة الاقتصادية أو
الاجتماعية الفعلية.
من هنا، ومن باب الأمل
لا اليأس، ومن منطلق الحرص لا الخصومة، أدعو دولة الرئيس إلى إجراء تعديل وزاري
واسع وجريء، يقوم على تقييم الأفعال لا الأقوال، والنتائج لا الشعارات، والخبرة لا
العلاقات.
نحن في لحظة مفصلية،
ولا بد من مصارحة حقيقية مع الذات والناس. فكرامة المواطن تبدأ من احترام وعيه، لا
من تسويقه ضحية لنسب لا تمسه، وأرقام لا تخدمه، وقرارات لا تراعي ظروفه.
أقول قولي هذا وأستغفر
الله لي ولكم،
والله من وراء القصد.
د. طـارق سـامي خـوري