وجدتُ في أحلامي...


بقلم / سوسن
الحلبي
مشيتُ ومشيت... وتعبتُ
من كثرة المسير... دربٌ طويلٌ... وشمسٌ ساطعةٌ أرهقتني بِحرِّها... فما عدتُ أقوى
على المضيّ... وما عادت قدماي تحملاني... ولم أجد في الأرض مكانًا أركن إليه...
ساقتني خطاي إلى حيث لا
أعلم... ووجدتُ في متاهتي مركبةً متهالكة... لا تصلح لشيءٍ، سوى الشفقة على حال
أصحابها...
ووجدتني أحتضن نفسي
بآخر ما تبقّى لي من جَهد...
ألقيتُ بجسدي المتعب
على بقايا كرسيٍّ ممزقٍ بداخلها... كنتُ أنوي الجلوس فحسب... لكني وجدت نفسي
أغطُّ في نومٍ عميق... يفصلني عن حاضري المضني... ويتركني هُنيهةً في حضن الأحلام...
وفي منامي، كانت
الأحلام تأخذني في كلِّ صوب... تحاول إسعادي كلّما هدأ صوت القنابل واستطعت إغماض
عينيّ... ساعةً تأخذني لأغفو في فراشٍ وثير، أغُطَّ فيه دون حراك...
وساعةً أجدني جالسًا
على طاولةٍ امتلأت بألذِّ الطعام... أشياءٌ كثيرةٌ اشتهيتها، ولم أستطع حتى رؤيتها
من بعيد...
رأيتُ ألعابي وكأنّها
لم تحترق... ورأيت بيتي وكأنّه قائمٌ هناك، لم يُدمّر بعد...
أما مدرستي الجميلة،
فكانت لا تزال تقرع الأجراس... وكأنها تنادينا... لتضمني مع رفاقي وكأنهم لم
يرحلوا...
كانت الحافلة تدور بين
المباني لتجمعنا في الصباح، فنمضي في دربنا مسرعين... ثمّ تعيدنا ظُهرًا إلى
بيوتنا... لنلتقي والدينا واخوتنا، ونجلس معهم جميعًا لتناول الغداء...
ثمّ ينجلي الصمتُ في
كلّ مرةٍ... وتعود الصواريخ والقنابل تقصف من جديد... فأصحو من حلمي في كلِّ
مرةٍ... وأجدني نائمةً بوجعي كما أنا... لا درب يوصلني إلى أيّ من تلك الأحلام...
وأدركت أني إذا ما أردت
السعادة، فلا بدّ لي من إغماض عينيّ...
فلربما إذا ما أغمضتهما
في مرةٍ... أجد نفسي في عالمٍ آخر... يضمّني بأمانهِ، بعيدًا عن عالم الخوف
والآلام... هنالك عند ربٍ رحيم...
عندها سأجدُ كلّ جميلٍ
مضى بي... وكلّ حلمٍ أرتجيه...