بدت شوارع منطقة الظهير في مرج الحمام التابعة للواء وادي السير جنوب غربي عمّان، اليوم الجمعة، هادئة على غير المتوقع. صمت ثقيل يلف محيط المنطقة التي يقطنها الشهيد عبد المطلب القيسي، والذي نفذ أمس الخميس عملية على معبر الكرامة (جسر الملك حسين) الرابط بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، والتي أسفرت عن مقتل إسرائيليَّين، ولم تُنصب خيمة عزاء للشهيد كما جرت العادة. المنطقة خالية من المظاهر الأمنية، وربما يعود ذلك إلى إعلان ذويه أنه لا يوجد أي تجمع أو بيت أجر في الوقت الراهن، إذ نشر المجلس الأعلى لشباب بني قيس لتنمية السياسة والمجتمع المدني على صفحته في "فيسبوك"، بياناً أوضح فيه أن العزاء مؤجَّل حتى وصول الجثمان لأسباب أمنية. وجاء في البيان: "أبناء عمومتنا الكرام، لا يوجد أي تجمع أو بيت أجر إلى حين وصول جثمان الشهيد".

ورغم غياب أي مظاهر علنية، إلا أن اسم الشهيد عبد المطلب القيسي لم يغب عن أحاديث الناس ومنشوراتهم التي تعكس حجم الغضب الشعبي الأردني تجاه ما يحدث في قطاع غزة. ووصف الدكتور محمد المناصير، أحد معارفه القدامى، الشهيد في حديث مع "العربي الجديد"، بأنه "شخص بسيط جداً، متدين، خلوق إلى أبعد الحدود، لم يُكمل سوى الثانوية العامة، وليس سياسياً، مجرد مواطن وفيّ ومخلص".

وانتشرت على مواقع التواصل وصية بخط اليد منسوبة إلى القيسي سرعان ما نفاها أقاربه. وكانت وزارة الخارجية الأردنية قد أصدرت، أمس الخميس، بياناً أعلنت فيه اسم المنفذ من مواليد عام 1968، وهو مدني بدأ منذ ثلاثة أشهر العمل سائقاً لإيصال المساعدات إلى قطاع غزّة، وشدّدت على أن الأردن "يدين كل أعمال العنف، ويرفض أي ممارسات غير قانونية تعرّض مصالحه وعمليات إيصال المساعدات إلى غزة للخطر". وفي السياق، قال الأمين العام لحزب النهج الجديد فوزان البقور، إنّ "العدوان على غزة يؤثر بشكل كبير على الشعب الأردني وعلى موقفه السياسي، ومنذ بدء العدوان حاول الأردن تقديم ما يمكن من مساعدات إنسانية على المستويين الرسمي والشعبي، إضافة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي القوي".

ورأى أنّ عملية معبر الكرامة "ليست عملية مؤسسية، فهي ليست موقف دولة ولا يقف خلفها تنظيم سياسي، وإنما عمل فردي لن يكون له انعكاس على الجهد الأردني الدبلوماسي والسياسي لإيقاف الحرب على غزة".

 وحول العملية وتداعياتها، قال الكاتب الصحافي ماجد توبة في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ هذه العملية "تعكس الغضب الكبير الذي ينتاب غالبية الشعب الأردني مما يحدث من إبادة جماعية، وتشريد، وتهجير، وقتل على مدار الساعة في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، إضافة إلى العنجهية الإسرائيلية التي استباحت الوطن العربي، وتهدد الأردن أيضاً".

من جانبه، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الشعب الأردني جزء من الشعوب العربية والعالم، الذي يتأثر بما يحصل في قطاع غزة والضفة الغربية، والشعب الأردني هو الأقرب تاريخياً وجغرافياً إلى الشعب الفلسطيني، وجزء كبير من المجتمع الأردني من أصول فلسطينية، وبالتالي ما حدث متوقع". وأضاف أنّ "إسرائيل التي تحكم سيطرتها على الضفة الغربية تشهد يومياً عمليات مشابهة، وقد يتكرر الأمر أيضاً".

وأوضح أنّ الموقف السياسي والدبلوماسي الأردني يتبنّى السردية الفلسطينية في ما يتعلق بما يحدث، ورأى أنّ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جزء من تاريخ ممتد على مدى أكثر من 70 عاماً. بدوره، قال الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تكرار العمليات في معبر الكرامة يثير قلق المؤسسة الأمنية. واعتبر أنه على المستوى السياسي، فإنّ "التصعيد في الخطاب السياسي يجب أن يرافقه اتخاذ خطوات إجرائية كوقف اتفاقية السلام والتنسيق مع الجانب الآخر، وإلا ستكون هناك انعكاسات"

انور الزيادات-  العربي الجديد