شريط الأخبار
. قتيلان في حادث طعن قرب كنيس يهودي بمانشستر أربعة جرحى بهجوم بسكين خارج كنيس يهودي في مانشستر سفينة “ميكينو” تنجح بكسر الحصار وتدخل مياه غزة.. ودول غربية تتحرك ضد إسرائيل بعد اعتراض “أسطول الصمود” عندما تستفز الابادة اشد مناصري اسرائيل.. كارلسون: لا يوجد شعب الله المختار.. الله لا يختار شعباً يقتل النساء والأطفال كولومبيا تفسخ اتفاقية التجارة الحرة مع "إسرائيل" وتطرد بعثتها الدبلوماسية رئاسة "النواب": بين القاضي والخصاونة بعد إنسحابات متتالية لمرشحين مصدر قريب من حماس يعلن ان الحركة تريد تعديل بعض بنود خطة ترامب وبينها نزع السلاح ومغادرة مقاتليها القطاع “لجنة كسر حصار غزة”: إسرائيل تقتحم سفن الأسطول وتعتدي على ناشطين بعد رفض طلب تغيير مسار السفن بحرية العدو تعترض أسطول الصمود في البحر المتوسط وقفة تضامنية مع اسطول الصمود في العبدلي ولي العهد يطلع على الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2025 – 2028 بن معروف يرفع اسعار قهوته ليلحق ببن العميد ترمب يوقع أمرا تنفيذيا: اي هجوم على أراضي قطر أو سيادتها تهديد لامن الولايات المتحدة الحملة الأردنية تطلق مخبزاً جديداً لدعم النازحين بغزة العيسوي: التحديث الشامل خيار وطني يعزز ثقة الأردنيين بمستقبلهم قراءة في بنود خطة ترامب وانقلاب نتنياهو على نتنياهو ضغوط قطرية وتركية ومصرية على حماس للقبول بخطة ترامب.. وتوقع ردا ايجابيا انباء عن حشد امريكي يهدد بفتح حرب جديدة مع ايران شغب واعتقالات واسعة في مظاهرات شبابية في المغرب للمطالبة باصلاحات داوود أوغلو ينتقد خطة ترامب بشأن غزة: عزّة لأهلها ومذلّة لقادة العالم الإسلامي

قراءة في بنود خطة ترامب وانقلاب نتنياهو على نتنياهو

قراءة في بنود خطة ترامب وانقلاب نتنياهو على نتنياهو

 

امير مخول

 

اعتبر بنيامين نتنياهو أن الخطة كما طرحها ترامب هي الانجاز الاكبر والأفضل لإسرائيل والذي بالإمكان الحصول عليه، وبأنه يشكل تحقيقا لمعظم أهداف الحرب. وعكف على إظهار التماهي الكامل مع الرئيس الامريكي الساعي الى انقاذ اسرائيل من عزلتها، والى توسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية والى إبقاء مصير قضية فلسطين غامضا بخلاف الموقف الدولي المتبلور حول الاعتراف بدولة فلسطين، واتخاذه اجراءات ضد اسرائيل ضمن الضغوطات لوقف الحرب على غزة وللحل الشامل.
يعتقد نتنياهو وفقا لتصريحاته بأنه حرّر اسرائيل من عزلتها دولياً واقليميا، وبأنه وبالنفَس الامريكي يستعيد أثره اقليميا. فيما لا يخاطب الموقف العربي نتنياهو ولا اسرائيل، بل يوجه كل رسائله الى ترامب وادارته.

في القراءة اسرائيلياً:

·         لغاية الان، تبدو الحالة السياسية الاسرائيلية مرتبكة، والقراءات متفاوتة سواء فيما يتعلق بكون مثل هذا المخرج كان ممكنا منذ فترة طويلة ورفضه نتنياهو رغم تأييد المعارضة لجوهر الخطة. أما ردود الفعل من أقصى اليمين فلا تزال محدودة رغما عن القلق من انكسار الحلم اليميني باحتلال غزة وضمها، وتهجير اهلها واستيطان اراضيها وتهويدها. وهو ما تم ادراجه في البندين 12 و16 من الخطة اللذين يؤكدان ان لا احتلال ولا ضم ولا استيطان. الا ان التريّث في رد فعل أقصى اليمين بذريعة انتظار رد حماس واجتماع الكابنيت للاستيضاح من نتنياهو، يشير الى تراجع مشروع اقصى اليمين ليس لصالح السلام، بل لصالح المركز السياسي الاسرائيلي

·         تتضاعف أهمية هذا البعد في حال تطبيقه بأنه يشهد وبخلاف الطلب الاسرائيلي من ترامب، إنهاء دور مؤسسة غزة الانسانية والتي شكلت آلية احتلال وهيمنة ومصيدة موت، بالإضافة الى دورها الاساس في هندسة التواجد السكاني الفلسطيني نحو تهجيره. كما ينص البند السابع.

·         رغم ضبابية البندين 19 و20، الا ان هذه اول مرة منذ ما أطلق عليه "خطاب بار ايلان" في جامعة بار ايلان من العام 2009 والذي ابدى نتنياهو فيه تصوره لقبول مشروط بدولة فلسطينية منزوعة السلاح وبعد اعتراف الاخيرة بإسرائيل كدولة يهودية. لكن الخطة الامريكية تعود ولو لفظيا الى صيغة "مع تقدّم إعادة إعمار غزة وإصلاحات السلطة الفلسطينية، قد تتهيأ الظروف لمسار موثوق نحو تقرير مصير الفلسطينيين وإقامة دولة، وهو ما ندرك أنه طموح الشعب الفلسطيني" اي ان الموقف الامريكي لا يلتزم بالسعي الى ذلك ولا يلزم اسرائيل. يضاف اليه ما ورد في البند 20 "ستؤسس الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر"..

·         في حال اقرار الخطة نهائيا يكون نتنياهو قد انقلب على نتنياهو ما قبل الاجتماع بترامب، والذي كان بصدد حسم المعركة عسكريا وبالقضاء على حماس حتى اخر عنصر فيها وبإطلاق سراح الاسرى والمحتجزين بالقوة والضغط العسكري التدميري. بعد لقاء ترامب سيضطر نتنياهو للإجابة عن السؤال، لماذا لم يصل الى هذه النتيجة قبل عام او نصف عام؟

·         تكرار مفردات الازدهار وبناء غزة على غرار "هندسة المدن الحديثة" هي مفردات مضللة، فمفهوم الازدهار من ترامب او نتنياهو هو شكل اخر من تجليات "السلام الاقتصادي" القائم على رفع مستوى رفاهية الشعب الفلسطيني مقابل استبعاد تقرير المصير والدولة المستقلة؛ فيما فكرة المدن الحديثة تعيد الى الاجواء ما تراجع عنه ترامب تصريحيا وهو التعامل العقاري من ناحية لكنه في المقابل يعيد الى الواجهة المشروع الاسرائيلي العلني والذي يتجسد في عدد من المؤشرات

·         استهداف مخيمات اللاجئين في غزة والضفة على السواء وهدمها ضمن المسعى الى إلغاء وكالة غوث اللاجئين "الاونروا" ومعها قضية اللاجئين وحق العودة الفلسطيني. فالمدن الحديثة كما يبدو هي مقولة موازية لإعادة هندسة الوجود السكاني قبل العمراني بما يتماشى مع اليات السيطرة والهيمنة من منظومات الذكاء الاصطناعي وبعيدا عن اي بعد وطني سياسي للسكان.

·         فيما يعود البند 19 الى التأكيد على "مع التركيز على منع النزوح القسري وتشجيع الاستثمارات لتحويل غزة الى نموذج للازدهار".

·         في تلميحات البند 18 من الخطة حول "حوار بين الأديان لتعزيز التسامح والتعايش السلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، هناك دلالة على أن عين ترامب على الاتفاقات الإبراهيمية وتوسيع نطاقها، فمثل هذه المفاهيم هي من مفردات تلك الاتفاقات التي يعتبرها من اهم انجازاته في دورته الاولى. فيما يأتي تفخيمه الخاص لكل من دولتي قطر واندونيسيا، ونيته في تخصيص دور خاص للأخيرة، باعتبارها الدولة المرشحة الاولى للانضمام الى الاتفاقات الإبراهيمية، وكذلك حلمه بشأن ضم إيران حسب كلماته.

فلسطينيا وعربيا:

·         الصيغة لا تفي بالحد الأدنى لحل سلمي عادل للقضية الفلسطينية، بل قد تجاوزتها معظم دول العالم. لكن مثل هذه الصيغة لا ذكر لها في الخطاب السياسي الاسرائيلي حتى ولا في المعارضة بكل تياراتها الصهيونية كما لم تتوقف عندها ادارة ترامب الاولى ولا الحالية. لكن قد تعيد الى جدول الاعمال الاسرائيلي والامريكي على السواء خطاب الدولة الفلسطينية والحل السياسي ومن دون بناء الاوهام بأن الرأي العام الاسرائيلي سيتحول في المدى المنظور نحو هذا الحل او اي حل سياسي سلمي.

·         لا توجد اولوية فلسطينية او عربية او دولية شعبية ورسمية تتقدم اولوية انهاء حرب الابادة، ومن خلالها عودة تدفق المساعدات الانسانية بشكل حرّ ومن خلال المنظمات الانسانية الدولية والاممية وبمسؤوليتها الكاملة دون تدخل أيّ من الاطراف. وكما ينص البند الثاني ايضا "تعاد تنمية وتطوير غزّة لصالح سكانها الذين عانوا بما فيه الكفاية". دون ذكر لدور وكالة الغوث الاونروا اواي من منظمات الأمم المتحدة.

·         هناك خطورة ايضا في فصل "ملف غزة" عن قضية فلسطين، وقد تراجع ترامب عن الصيغة ما قبل اللقاء مع نتنياهو وذلك بشطبه البند المتعلق بالربط الكياني بين مصير قطاع غزة والضفة الغربية. الا انه لم ينجح في الغاء الاحتمالية اذ ان الامور ستخضع للتطورات على الأرض، ودبلوماسيا وتاريخيا ولا تتوقف عند نصوص ترامب، وحصريا لكونه هو ونتنياهو يسعيان الى اخراج إسرائيل من عزلتها غير المسبوقة والتي بدأت تتحول الى عزلة امريكية.

·         المتغير العربي الاقليمي كبير الأثر، وبكونه مسنودا بالمتغيرات الدولية بصدد فلسطين، من شأنه ان يكون حاسما في منع تحقق نوايا نتنياهو او ترامب حتى من تجاوز الدولة الفلسطينية، اذ سيدرك ترامب ان الطريق الى توسيع الاتفاقات الإبراهيمية او السلام يمر بالضرورة عبر الدولة الفلسطينية والتوافق عليها ان لم يكن قيامها فعليا.

·         يبدو احتمال عدم موافقة حماس على الخطة مستبعدا، وذلك في سياق الموقف العربي والفلسطيني والدولي وتوازن القوى على الارض. كما سيكون من المستبعد عدم اعطاء الاولوية لأصوات غزة الجائعة حتى الموت والمبادة والنازحة.

طبيعة الحل الامريكي:

·         التدخل الامريكي في المنطقة كما في العالم يقوم على مفهوم الحل الامريكي والسلام الامريكي Pax Americana  وهذا ما يرافق المنطقة العربية على الاقل منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، وبعيدا عن اسس العدالة والقانون الدولي والقرارات الأممية، وهو يقوم على المصالح والاولويات الامريكية قبل اي شيء اخر

·         التدخل الامريكي الحالي يحدث في ضوء تبلور عاملين دوليين غير مسبوقين ومن المستبعد تمام تجاوزهما؛ الاول هو حملة الاعترافات بفلسطين بما فيه من الدول الاوروبية الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، والعامل العربي الاقليمي الذي يتحول الى تكتّل قوي متمسك بدولة فلسطين وانهاء حرب الابادة وانهاء الاحتلال. هذا العامل مهم بشكل خاص في سياق تطبيق خطة ترامب التي باركتها الدول العربية بما فيها السلطة الفلسطينية وتدعو جميعها حماس لقبولها.

في الخلاصة:

·         لا تتجاوب الخطة مع الحلم الفلسطيني ومع اساس الحق الفلسطيني، لكن الاولوية هي وقف الحرب، ادخال المساعدات بشكل حر واعادة الاعمار ولا شيء يتقدم على هذه الاولوية. فيما ان الفجوات الجوهرية في الخطة تعتمد على التطبيق والى مدى حزم الموقف العربي والاقليمي.

·         مفتاح الموقف الفلسطيني حاليا وكما يبدو مستقبلا منوط بالموقف العربي الذي يتأكد ان لا حل لقضية فلسطين خارج البعد العربي الذي يشكل البوابة الى الموقف الدولي. فيما الموقف العربي الذي بدأ يتعامل بتناسق وبادراك لمواطن قوته ورغم ترحيبه بالجهود الامريكية، مطالب بالضغط على ادارة ترامب والسعي الى اعادة النصوص التي تثبّت المواقف التي التزم بها ترامب للقادة العرب والمسلمين.

·         من المتوقع أن تتجه الانظار الاسرائيلية، الحاكمة حصريا، الى الضفة الغربية سعيا لتقويض مقومات دولة فلسطينية ، والتحريض على السلطة الفلسطينية وشيطنتها معتمدين على تصريحات ترامب واشتراطاته غير الممكنة من السلطة.

·         يبدو ان نتنياهو قد يقوم بفك التحالف مع سموتريتش وبن غفير، بالاستعانة بوعود المعارضة لتشكيل شبكة امان للحكومة اذا مضت في تنفيذ الصفقة في غزة، او الذهاب لانتخابات قريبة، والاستمرار مؤقتا في حكومة تصريف الاعمال.

·         يواجه نتنياهو ورطة خطابه الثابت وغير المحقق "النصر على بعد خطوة" وترويجه لضرورة مواصلة الحرب الابادية وتكثيفها بكل أثمانها العسكرية البشرية والاقتصادية والمعنوية والسياسية. كما سيواجه اتساع المطالب بلجنة تحقيق رسمية في اخفاق 7 اكتوبر 2023.

·         ردود فعل اقصى اليمين هي تهديدات خالية من الرصيد، ولا يوجد احتمال لاسقاط فوري للحكومة ان لم يكن نتنياهو يريد ذلك.

·         امتحان خطة ترامب هو في الصيغة والنص، لكن بالأساس في الممارسة العملية، ولا تبدو امكانية لتطبيقه بتجاوز الدور المصري حصريا لكون اي حل له تداعياته على موقف مصر وعلى أمنها القومي. وإذا نجح الموقف العربي في فرض نفسه، فإن استبعاد مشاركة السلطة الفلسطينية في ادارة غزة سيكون مستبعدا بحد ذاته، اذ ان نتنياهو ليس اللاعب الوحيد لا في صياغة الخطة ولا في تطبيقها.

·         فلسطينيا، تبدو اللحظة الراهنة مصيرية ، وتحتاج الى إعادة النظر في مجمل شروط مواجهة واستحقاقات الحاضر والمستقبل، فالفرص كبيرة والتحديات كذلك، فيما يتأكد انه من المستبعد تماما قدرة نتنياهو او ترامب على اعادة العجلة الى الوراء.

صحيفة الاتحاد الفلسطينية