انتهت الحرب.. ولكن


وائل منسي
انتهت الحرب…
لكن المشهد في غزة ليس
نهاية رواية، بل بداية فصل جديد من الوجع الإنساني الممتزج بالعزة والكرامة.
السماء التي غطّاها
دخان الموت لعامين متتاليين بدأت تُشرق على مدينة لم تمت، على بشرٍ أنهكتهم
المجازر والحصار والجوع، لكنهم لم ينحنوا.
ها هو صوت الحياة يعلو
فوق الركام، والدموع تختلط بالزغاريد.
غزة التي قاومت الإبادة
لم تنتصر بالسلاح فحسب، بل بإرادةٍ خالدةٍ لا تُكسر.
قالها أحدهم: «انتصار
إرادة الحياة… وانكسار الفعل الحضاري المزيّف»، فقد أثبتت غزة أن الحضارة ليست في
الآلة، بل في الإنسان الذي يقف أمامها عاريًا، يواجهها بالحجر، بالصبر، بالكرامة.
وفي لحظةٍ تاريخية،
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس التوصل إلى اتفاقٍ شاملٍ ينهي الحرب على
القطاع، وينصّ على انسحاب قوات الاحتلال من كامل غزة، وبدء إدخال المساعدات
الإنسانية، وتبادل الأسرى.
صفقةٌ جاءت بعد
مفاوضاتٍ عسيرة، شاركت فيها قطر ومصر وتركيا، وضمنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
بنفسه، الذي قال:
"إنه يوم عظيم للسلام… وسنشارك في إعادة إعمار
غزة."
لكن خلف هذه الكلمات
السياسية تقف حكايات لا تُروى:
جثث الشهداء التي
تُكتشف تحت الركام،
أطفال يبحثون عن
آبائهم، أمهات ينتظرن أبناءً لن يعودوا، ومدينةٌ كاملة تحاول أن تتعلم المشي من
جديد على ركامها.
في الشوارع، خرج
الغزيون يحتفلون، لا لأنهم انتصروا فحسب، بل لأنهم بقوا أحياء.
الأعلام الفلسطينية
ترفرف، والأغاني تنبعث من بين الأطلال،
بينما العالم، الذي صمت
طويلاً، يتحدث اليوم عن "السلام" و"إعادة الإعمار"،
وكأن الدم الذي سال
مجرد مشهد عابر في فيلمٍ طويل.
قال عزّت الرشق، عضو
المكتب السياسي لحماس:
"اتفاق وقف العدوان إنجاز وطني جسّد وحدة شعبنا
والتحامه مع خيار المقاومة…"
أما في الجانب الآخر،
فحاولت إسرائيل أن تُجمّل هزيمتها بالقول إنها "تحقق أهداف الحرب".
لكنها تعلم كما يعلم
العالم، أن من خرج مهزوماً هو من امتلك كل القوة وفقد المعنى.
كتب أحدهم من قلب
المأساة:
"الحرب انتهت، لكنها لن تنتهي…"
فما زالت غزة تنزف، وما
زال الليل طويلاً على من فقدوا أحبتهم.
هي نهاية حربٍ… وبداية
اختبارٍ للضمير الإنساني.
فهل سيتعلم العالم
شيئاً من دماء الأطفال والنساء؟
وهل سيعرف أخيراً أن
المجازر لا تصنع أمناً، وأن القوة لا تهزم شعباً قرّر أن يعيش؟
سلامٌ على غزة،
سلامٌ على أمهات
الشهداء،
سلامٌ على مدينةٍ علّمت
العالم أن الصمود أبلغ من الكلام،
وأن النصر الحقيقي ليس
نهاية الحرب،
بل استمرار القدرة على
الحلم وسط الرماد.