برّاك يحذر من "مواجهة كبرى" بين حزب الله وإسرائيل.. وسورية قطعة السلام المفقودة حتى الان


حذّر الموفد الأميركي توماس
برّاك في مقال مطوّل على حسابه في إكس، اليوم الاثنين، من أنه "إذا لم تتحرّك
بيروت، فسيكون الجناح العسكري لحزب الله حتماً في مواجهة كبرى مع إسرائيل
وهي في لحظة قوتها، فيما دعم إيران للحزب في أضعف نقاطه، وفي المقابل، سيواجه
جناحه السياسي، بلا شك، عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات مايو/أيار 2026
النيابية"، مشدداً على أنه حان الوقت لأن يتحرّك لبنان الآن.
وكشف برّاك عن عرض قدّمته
الولايات المتحدة إلى لبنان في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، يندرج في إطار خطة بعنوان
"محاولة أخرى"، تحوي إطار عمل لنزع السلاح على مراحل، وامتثال موثق،
وحوافز اقتصادية تحت إشراف أميركا وفرنسا، لكن لبنان "رفض تبنّيها نظراً
لتمثيل حزب الله ونفوذه في مجلس الوزراء اللبناني".
وتحدّث الموفد الأميركي عن
سعي الولايات المتحدة إلى دفع لبنان نحو حلّ سلمي مع إسرائيل، حسب زعمه، "من
خلال تقديم حوافز، وربط مساعدات إعادة الإعمار من دول الخليج بمعالم قابلة للقياس،
وضمان التحقق، من خلال إشراف أميركا وفرنسا والأمم المتحدة، وتعزيز القوات المسلحة
اللبنانية عبر التدريب والدعم المستهدفين" (وقد التزمت الولايات المتحدة هذا
الشهر بأكثر من 200 مليون دولار إضافية للقوات المسلحة اللبنانية).
وأشار إلى أن "واشنطن
كانت على استعداد لتوفير غطاء دبلوماسي للانتقال السياسي السلمي لحزب الله، وتنسيق
البيانات الإقليمية التي تربط الاستثمار بالتقدم، ومساعدة بيروت في تقديم نزع
السلاح ليس باعتباره استسلاماً، بل بوصفه استعادة السيادة، وقد تعثرت كل هذه
المبادرات بينما تسارع بقية دول المنطقة نحو طرد وكلاء إيران الإرهابيين".
ونشر برّاك صباح اليوم
الاثنين عبر حسابه على منصّة "إكس" مقالاً مطوّلاً باللغة الإنكليزية
تحت عنوان "سورية ولبنان، هما القطعتان التاليتان في مسار السلام في
المشرق"، تحدّث فيه عن وقائع مرتبطة بسورية ولبنان، من منظوره الشخصي، وقضايا
لبنانية وصفها بالمعقدة، لافتاً إلى أن تأجيل الانتخابات النيابية في لبنان
المرتقبة في مايو/ أيار 2026، "بحجة الحرب من شأنه أن يشعل فوضى عارمة في
لبنان، ويمزق نظاماً سياسياً هشاً أصلاً، ويعيد إشعال فتيل انعدام الثقة
الطائفية"، مشيراً إلى أن السفير الأميركي الجديد لدى بيروت ميشال عيسى سيصل
إلى بيروت الشهر المقبل، "لمساعدة لبنان على السير بخطى ثابتة في هذه
القضايا".
واعتبر برّاك أنه إذا تعرّض حزب الله لهجوم عسكري
خطير من إسرائيل وواجه خسائر إقليمية أو سياسية أو في سمعته، "فمن شبه المؤكد
أنه سيسعى إلى تأجيل انتخابات مايو 2026 للحفاظ على قاعدته وإعادة تنظيم
صفوفه".
ويأتي مقال الموفد الأميركي
في وقت يشهد فيه لبنان حراكاً مكثفاً في الأيام الماضية على مستوى الرئاسات الثلاث
من أجل الخروج برؤية موحّدة، تحضيراً لأي استحقاق مرتقب، خصوصاً في ظلّ الحديث
المكثف عن احتمال بدء مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل.
وشدد الرئيس اللبناني جوزاف
عون، يوم الاثنين الماضي، على "ضرورة أن نصل إلى وقت تلتزم فيه إسرائيل بوقف
العمليات العسكرية ضد لبنان ليبدأ مسار التفاوض، لأن هذا المسار الذي نراه في
المنطقة يجب ألا نعاكسه، وقد سبق للبنان أن تفاوض مع إسرائيل برعاية كل من
الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية".
سورية قطعة السلام المفقودة
وبدأ برّاك مقاله بالإشارة
إلى أنّ تاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025، "سيُذكر باعتباره لحظة فارقة في
الدبلوماسية الشرق أوسطية الحديثة، ففي شرم الشيخ لم يقتصر قادة العالم على
الاحتفال بإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار وبدء مفاوضات السلام، بل اجتمعوا
لتأييد رؤية الرئيس دونالد ترامب الجريئة، المكوّنة من عشرين نقطة، للتجديد وإعادة
الإعمار وتحقيق الرخاء المشترك في جميع أنحاء المنطقة"، معتبراً أنه ما
"بدأ هدنة في غزة تطوّر إلى شيء أعظم بكثير، أولى قطع فسيفساء الشراكة
المتجددة"، لافتاً إلى أن "الاستقرار لم يعد يفرض بالخوف، ولم يعد
السلام مجرد توقف للعنف بل منصّة للازدهار".
وشدد برّاك على أن
"الالتزامات التي قُطعت في شرم الشيخ أرست أسساً يجب مراقبتها وتعديلها
وإدارتها باستمرار في غزة، فلا شك أن هذه عملية وليست حدثاً عابراً، ومع ذلك، يجب
الآن توسيع إيقاع الحوار شمالًا إلى سورية، وفي نهاية المطاف إلى لبنان"،
معتبراً أن "الاتفاقيات الإبراهيمية للمنطقة بأسرها هي النجم القطبي
الحقيقي".
واعتبر برّاك أن سورية هي
قطعة السلام المفقودة، و"لا يمكن لأي نسيج سلام أن يكتمل بينما ترزح إحدى
أقدم حضارات العالم تحت الأنقاض، إذ يجب أن تعبر رياح المصالحة التي انطلقت من غزة
الحدود الشمالية لإسرائيل وأن تنعش خلاص سورية"، معتبراً أيضاً أنه حان الوقت
الآن للكونغرس لأن يتحرّك لإلغاء قانون قيصر، وقال إنه نظام عقوبات خدم غرضه
الأخلاقي ضد نظام الأسد السابق الغادر، ولكنه الآن يخنق أمة تسعى لإعادة الإعمار.
نزع
السلاح وبدء مناقشات أمنية وحدودية مع اسرائيل
وبالتطرق إلى لبنان، اعتبر
برّاك أن الركيزة يجب أن تكون بنزع سلاح حزب الله داخل لبنان وبدء مناقشات أمنية
وحدودية مع إسرائيل.
ورأى السفير الأميركي أن
اتفاقية وقف الأعمال العدائية لعام 2024 "فشلت في النهاية. لم يُبرم اتفاق
مباشر بين إسرائيل وحزب الله، لأن لبنان لا يزال يعتبر التعامل مع إسرائيل جريمة،
وبالتالي، لا توجد آلية حقيقية لإنفاذه، كما أن استمرار إسرائيل في تمويل مليشيا
حزب الله رغم العقوبات، وانقسام مجلس الوزراء اللبناني، يوجه رسائل متضاربة إلى
القوات المسلحة اللبنانية التي تفتقر إلى التمويل والسلطة اللازمة للتحرّك، فكانت
النتيجة هدوءاً هشاً بلا سلام، وجيشاً بلا سلطة وحكومة بلا سيطرة".
ولفت الموفد الأميركي إلى
أن إسرائيل "لا تزال تحتل خمسة مواقع تكتيكية على طول الخط الأزرق (الفاصل
بين لبنان وإسرائيل)، محافظة على قدرتها على الإنذار المبكر، بينما تنفذ ضربات
يومية ضد مستودعات حزب الله، وفي غضون ذلك لا يزال مبدأ دولة واحدة وجيش واحد الذي
تتبناه حكومة لبنان مجرد طموحات، بينما الواقع مقيد بهيمنة حزب الله السياسية
واعتبر برّاك أنه "مع استقرار دمشق يزداد حزب
الله عزلة"، مشدداً على أن "السيطرة الخارجية للمليشيا تقوّض سيادة
لبنان وتعيق الاستثمار وتقوّض ثقة الرأي العام وتشكّل راداراً أحمر دائماً
لإسرائيل"، لافتاً إلى أنّ الشركاء الإقليميين "مستعدّون للاستثمار،
شريطة أن يستعيد لبنان احتكاره للقوة الشرعية، تحت قيادة القوات المسلحة اللبنانية
وحدها"، منبّهاً إلى أنه "إذا استمرّت بيروت في التردّد، فقد تتصرّف
إسرائيل من جانب واحد، وستكون العواقب وخيمة"، لافتاً بالتالي إلى أن
"نزع سلاح حزب الله ليس ضرورة أمنية لإسرائيل فحسب، بل هو فرصة لبنان
للتجديد".
كذلك، اعتبر برّاك في مقاله
أن "خطوات سورية الشجاعة نحو اتفاق حدودي، وما يؤمَل أن يكون تعاوناً
مستقبلياً، تمثل الخطوات الأولى نحو تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل، ويجب أن يكون
نزع سلاح حزب الله الخطوة الثانية"، لافتاً إلى أن لبنان "يواجه الآن
خياراً حاسماً، إما انتهاز فرصة التجديد الوطني أو البقاء غارقاً في الشلل
والتدهور".
نقلا عن العربي الجديد