شريط الأخبار
لحماية الموظف والضمان.. الصبيحي يدعو لوضع ضوابط لإحالة الموظف للتقاعد المبكر دون طلبه؟ ورقة سياسات تقدم 3 سيناريوهات لتطور مشروع عمرة.. وتقترح التأجيل المرحلي لا لتجريم مصطلح "الانتفاضة" مؤتمر صحفي لمعارضي اتفاقية ابو خشيبة لتعدين النحاس المسلماني ينتقد الحكومة لارتفاع رسوم استخدام خدمات مطار ماركا روسيا تتوسط سرا بين إسرائيل وسوريا لعقد الاتفاق الامني القوات المسلحة تضرب تجار اسلحة ومخدرات في اوكارهم بسورية تهنئة المسيحيين… وزيرا اوقاف سابقان يحرجان دعاة الكراهية الملك يهنيء بعيد الميلاد المجيد تفاهمات بين أميركا والوسطاء لفتح معبر رفح وان تديره السلطة مندوب الملك يشارك في قداس منتصف الليل بكنيسة المهد ببيت لحم أجواء باردة.. ومنخفض جوي يؤثر على المملكة السبت الاردن يتسلم جثمان الشهيد القيسي من الاحتلال رئيس الديوان الملكي يفتتح ويتفقد مشاريع مبادرات ملكية بالزرقاء الأمن العام يدعو مالكي المركبات منتهية الترخيص لتصويب أوضاعها معاريف: بقاء سلاح حماس خط احمر لنتنياهو قبل الانتقال للمرحلة الثانية بديلا للحقن.. موافقة تاريخية على دواء فموي لإنقاص الوزن التل يطالب بدعم وتحفيز القطاعات المولدة لفرص العمل وعلى رأسها القطاع الصناعي الحكومة توقف الاحالة للتقاعد المبكر بعد استنفاذه بـ 52 الف متقاعد منذ 2020 عاجل. وفاة وإصابتان بانفجار جسم متفجّر قديم أثناء جمع الخردة بمنطقة الظليل

الخرافة المفقودة: كيف صُنِعت أسطورة عودة المسيح لتجميع اليهود في فلسطين؟

الخرافة المفقودة: كيف صُنِعت أسطورة عودة المسيح لتجميع اليهود في فلسطين؟


  

د. طارق سامي خوري

 

تسعى الدعاية الصهيونية الحديثة إلى ترسيخ فكرة خطيرة مفادها أنّ المسيح لن يعود إلى الأرض إلا بعد أن يتجمّع جميع يهود العالم في فلسطين، وكأنّ هذا التجمّع شرط إلهي لا بديل عنه. وهذه السردية الممنهجة ليست إلا خرافة لا وجود لها في أي نصّ مقدّس، لا في القرآن الكريم ولا في الإنجيل بعهديه، بل هي صناعة حديثة نَسَجَتْها مؤسسات سياسية ولاهوتية غربية لخدمة مشروع استعماري معاصر.

 

أولاً؛ القرآن الكريم لم يربط نزول المسيح بأي شرط جغرافي أو سياسي، بل قدّم الحدث كعلامة من علامات الساعة، لا علاقة لها بتجمّع قومٍ بعينهم، قال تعالى:

{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} (الزخرف: 61).

أمّا فساد بني إسرائيل فمذكور بمعزلٍ عن أي "استحقاق خلاصي” أو دور خلاصاني لدولة قومية معاصرة. لا وجود لفكرة الوطن الموعود كشرطٍ لنجاة اليهود.

 

ثانياً؛ الإنجيل نفسه—برغم حديثه عن عودة المسيح—لا يضع فلسطين شرطًا، ولا يجمع اليهود كمقدّمة للخلاص. لم يذكر المسيح في الأناجيل أي تعليم يقول إن اجتماع اليهود سيقرّب مجيئه الثاني، وهو الذي طرد التجار من الهيكل، ووبّخ الكهنوت اليهودي على النفاق والقتل، وقال بوضوح:

"يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء…”

فكيف يُصوَّر اليوم خادمًا لمشروعٍ سياسيٍّ صنعه من طرده بالأمس؟

 

ثالثاً؛ المرويات التي يستند إليها الخطاب الإنجيلي-الصهيوني ليست نصوصًا مقدّسة، بل تفاسير حاخامية وأفكار بروتستانتية ظهرت في أوروبا في القرن السابع عشر، ثم تضخمت في الولايات المتحدة تحت مسمّى "الصهيونية المسيحية”؛ وهي حركة مشبوهة وظّفت الدين لدعم احتلال أرضٍ ليست لها، وتبرير تهجير شعبٍ كامل.

 

رابعاً؛ أخطر ما في هذه الخرافة أنّها تحوّلت إلى أداة تعبئة للأصولية الأميركية والكنائس الإنجيلية، فأصبح الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل مغطّىً بلون "لاهوتي”، بينما جوهره اقتصاديّ واستعماريّ واستراتيجي. هكذا تُساق الجماهير باسم الخلاص الروحي لتغطية مشروع استيطاني على الأرض.

 

خامساً؛ إنّ ربط عودة المسيح بأرضٍ محدّدة وشعبٍ واحدٍ هو تشويه لجوهر الرسالة نفسها. فالمسيح عاش للهُويّة الإنسانية الجامعة، لا القَبَليّة العنصرية المختارة. لا وطن ديني ولا شعب مفضّل أمام العدالة الإلهية، والكتب نفسها ترفض فكرة "الشعب الأعلى”؛ بل تُدين التعصّب، وتعلن أنّ الحقّ عام لا امتياز فيه.

 

الحقيقة أنّ هذه الأسطورة جرى ضخّها في العقول لشرعنة الاغتصاب، وإيهام العالم بأنّ الاحتلال مصيرٌ مكتوب وليس مشروعًا استعمارياً توسعياً. هكذا يُراد لنا أن نقبل الواقع كـ "نبوءة”، وأن نستسلم لحقيقةٍ لم يقُل بها نبيٌّ ولا كتاب.

 

إن مواجهة السرديات المزيفة ليست ترفًا فكريًا؛ بل دفاع عن الحقّ في وجه تزويرٍ مقدّسٍ يُبنى على جهل الناس وتعطّش السياسة للدين. أكلت هذه الأكذوبة عقول الملايين، وحان الوقت لتفكيكها بالنصّ والعقل والتاريخ.

 

فالرسالات الإلهية لا تُقيم دولًا على حساب شعوب، ولا تمنح الشرعية للاحتلال، ولا تُروَّض لخدمة أيديولوجيا متعطّشة للتوسّع. ومن يتستّر بالنبوءات ليبرّر الدماء، إنما يصنع دينًا على مقاس السياسة، لا على مقاس السماء.