شريط الأخبار
الحية: لم نرفض مقترح ويتكوف.. وجاهزون لتسليم الحكم بغزة لأي جسم مهني متفق بشأنه الملك يهنيء الاردنيين بالتأهل لنهائيات كأس العالم النشامى يكتسح عُمان بثلاثية.. ويصل لاول مرة إلى كأس العالم ولي العهد يغادر إلى عُمان لمتابعة مباراة "النشامى" الملك ورئيس وزراء إسبانيا يشهدان توقيع إعلان شراكة استراتيجية الملك يلتقي بمدريد العاهل الاسباني ويبجث العلاقات الثنائية تحضيرية الجبهة الوطنية تطالب بالافراج عن الخواجا تفاصيل جديدة حول التعاون بين إسرائيل وميليشيا "ياسر أبو شباب" العميلة عيد آخر حزين في غزة: لا أضاحي ولا حج.. إبادة وتشرد وتجويع ولي العهد يقلد ضباطًا في الكتيبة 101 برتبهم الجديدة توقيف نائب أمين عام "الوحدة الشعبية" والحزب نطالب بالإفراج عنه مصدر امني: توقيف اشخاص خالفوا القانون بمسيرات وسط البلد وزير الداخلية يلتقي الحاج توفيق.. وبحث تسهيل التجارة مع سوريا رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من جامعة عمان العربية وشبابا من محافظة الكرك التنمية تضع يدها على عقار لـ "الاخوان" المحظورة الملك إلى إسبانيا في مستهل جولة عمل أوروبية هل ترفض ايران المقترح الامريكي.. وخامنئي: يتعارض والمصالح الوطنية حكومة نتنياهو على كف الحريديم.. وتجنيد المتدينين يتفاقم الى أزمة مستعصية "الفاو" تكرم الملك بميدالية "أجريكولا" لجهود الاردن الانسانية بغزة بحث آليات تطوير علاقات الأردن الاقتصادية مع المغرب

الشخصية الانطوائية

الشخصية الانطوائية
د. محمد علي النجار
يُعَدُّ العالم النفساني السويسري ( كارل جوستاف يونج CARL GUSTAV YANG ) صاحب نظرية الأنماط ، أولَ من وضع مفهوم الشخصية الانطوائية ، و هي الشخصية التي يسيطر عليها السلوك الانطوائي ، ومن هذا السلوك اكتسبت التسمية . فما المقصود بالانطواء ؟ .
الانطواء لغويًا:
الانطواء في اللغة : مصدر الفعل انطوى - كما في لسان العرب - والنسب إلى المصدر انطوائيّ "وحكى سيبويه تطوّى انطواء وأنشد : ( وقد تطويت انطواء الحضب ) والحضب ضرب من الحيات ".
و يقال للحية وما يشبهها: ؟انطوى ينطوي انطواء فهو منطوٍ ..وقال الشاعر :
وصاحب قد طوى كشحا فقلت له : إن انطواءك هذا عنك يطويني "
وفي المعجم الوسيط : "انطوى : اطّوى ، والحية وغيرها : التف بعضها حول بعض". وفي المنجد : " تطوّت الحية : استدارت و انقبضت"
مما سبق نجد كلمة الانطواء تدل على الانسحاب ، والانزواء والابتعاد عن الآخرين والتقوقع والميل إلى العزلة والوحدة ، وهذه المعاني اللغوية تنسجم مع التعريف الاصطلاحي ، أو مع مظاهر الانطواء التي ذكرها علماء النفس .
الانطواء اصطلاحًا :
أما في علم النفس فالانطواء : ” نمط في الشخصية يميل بالفرد إلى العزوف عن الحياة الاجتماعية ، والابتعاد عن الآخرين ، وضعف صلاته بهم ، وقلة اهتمامه بمشاكلهم ، وعدم الاكتراث بمشاركتهم أنشطتهم ، فالمنطوي يجد لذة في العزلة والانكفاء على ذاته ، والتمركز حولها ، وعدم إقامة علاقات مع الآخرين ، ونمط الانطواء هذا عكس الانبساط" (معجم علم النفس والتحليل النفسي، ص73)
ملامح الشخصية الانطوائية:
وللشخصية الانطوائية ملامح وصفات ، وقد وازن كثير من العلماء بين المنبسط والمنطوي ، بشكل يعطي صورة واضحة عن الشخصية الانطوائية ، ومنهم العالم السويسري المعروف (يونج) ، ويرى هانز أيزنك أن المنطوي الخالص "هادئ ومترو ومتأمل ومغرم بالكتب أكثر من غيره من الناس ، ومحافظ ومتباعد إلا بالنسبة لأصدقائه المقربين ، وهو يميل إلى التخطيط مقدمًا ، أي إنه ينظر قبل أن يخطو أي خطوة ، ويتشكك في التصرف المندفع والسريع ، ولا يحب الاستشارة ، ويأخذ شؤون الحياة اليومية بالجدية المناسبة ، ويحب أسلوب الحياة الذي حَسُنَ تنظيمه ، ويُخضع مشاعره للضبط الدقيق ، ويندر أن يسلك بأسلوب عدواني ، ولا ينفعل بسهولة ، ويُعتمد عليه ويميل إلى التشاؤم ، ويعطي أهمية كبيرة للمعايير الأخلاقية "
وفي حقيقة الأمر فإن الصفات التي أضفاها (أيزنك) على المنطوي ، صفات جيدة ولا تنم عن مرض أو سلوك يحتاج إلى تعديل إلا في أضيق الحدود ، كقوله : متباعد ويميل إلى التشاؤم ،أما اتزانه وتفكيره وحيويته وتنظيمه وانضباطه وأخلاقه فهي صفات محل احترام و تقدير لصاحبها، إلا أن الطبيب النفسي السويسري (هرمان رورشاخ RORSCHACH) يصف الانطوائي ، ثم يسلط الضوء على نقطة الضعف في هذه الشخصية ، فهو يرى أن هذا النمط المنطوي يتميز بالإبداع والذكاء المتميز ، وبالصفات الفردية ، والانفعال الثابت، وهي صفات جيدة ، لكن مما يتميز به في الوقت ذاته " صعوبة الاتصال بالعالم الخارجي المادي والاجتماعي ، وبالتالي فهو أقل قدرة على التكيف مع الواقع " ، وهذا الذي جاء به (رورشاخ) ليس جديدًا ، فالانطباع السائد عن سلوك هذه الشخصية الانطوائية ـ بالإضافة إلى السلوك الإيجابي فيها ـ أن صاحبها كتوم ، خجول بطئ في اتخاذ القرارات ، عادة ما يكون حالما ، يواجه صعوبات في التكيف مع الظروف الاجتماعية ، والتعبير عن عواطفه، وهو متردد في اتخاذ القرارات ، كذلك هو عديم الاكتراث والمبالاة ، فاتر بليد بارد ، سيئ الظن لا يثق بالآخرين ، وهو خامل واهي الهمة ، كئيب تبدو عليه الحيرة والتردد .. إلى غير ذلك من صفات تكاد تبدد الإيجابيات التي سبق أن أشرنا إليها .
لقد حاول (يونج) أن يحيط من خلال نظرية (الانبساط - الانطواء) بجميع الناس ، إذ إنه انطلاقا من النموذجين اللذين ذكرهما توصل إلى أربعة ضروب من الانطواء ، وأربعة أخرى من الانبساط ، وحاول أن يحشر جميع الشخصيات في الصور الثمانية للانبساط والانطواء ، وكان (يونج) قد بني ذلك على وظائف أربعة هي التفكير ، والوجدان ، والإحساس ، والحدس ، فاندرج بذلك تحت إطار الشخصية الانطوائية :
المنطوي المفكر: و هو الذي يشغل نفسه بالنظريات ، وتطبيقها في سلوكه الشخصي ، ويتتبع أفكاره متوجها إلى الداخل بدلا من توجهه إلى الخارج .
المنطوي العاطفي: و هو الذي يهتم بتحقيق الانسجام الداخلي بدون أن يراعي ما قد يكون للعوامل الخارجية من أثر .
المنطوي الحسي: وهذا النمط يضم العمليين من الناس ، إدراكهم للواقع يتسم بغرابة جزئية لا تبدو للآخرين بسهولة .
المنطوي الحدسي: هذا النمط ملتزم برؤية داخلية ، وأحكامه مستندة إلى ضروب من التخمين ، أو قل الإلهام أحيانًا ، وقد يكون الشخص هنا مبتكرًا ، أو صاحب فكرة غريبة يؤمن بها ، ويحاول جاهدا تحقيقها .
و تأكيدًا لما سبق "يعتقد (يونج) أن كل شخص لا بد أن ينتمي إلى أحد النماذج بطريقة صريحة ، وأن الفوارق التي تميز الأفراد وراثية فطرية " وهذا يوحي بأن الناس لا بد واقعون في إحدى الفئتين ( الانطواء والانبساط ) الأمر الذي رفضه بعض علماء النفس فيما بعد ، حيث رأوا أن نظريات الأنماط تقوم على تصنيف حاد للأفراد ، وإذا أخذنا في الاعتبار أن النمطين المنطوي والمنبسط يمثلان قطبين متضادين ؛ أحدهما يقبع في مساحة تضم أنماط الانطواء في أقصى اليمن ، والآخر يقبع في مساحة تضم أنماط الانبساط أقصى الشمال ، فإن هناك مساحة ما بين النمطين ، تظل خالية من أي نمط . وفي الحقيقة فإن المنطقة الوسطي المتدرجة بين القطبين الانبساطي والانطوائي ، يقع فيها غالبية الناس ، وأما الطرفين ففيهما يقبع القلة من الناس .
وبعد .. فإن المرء يقف حائرًا و مترددا أمام مظاهر الانطواء ، وصفات الانطوائي ، ذلك بسبب الكم غير القليل من هذه المظاهر والصفات التي أضفاها علماء النفس ، ثم الدارسون والباحثون على الشخص المنطوي ، بحيث يصعب الحكم على هذه الشخصية سلبًا أو إيجابًا ، لأننا نجد خلطًا يصل حد التناقض أحيانًا بين هذه الصفات وتلك عند باحث وآخر ، فالمنطوي بما عرفنا من صفاته هو أيضًا " الذي نجده عادة ميالاً للدعة حزينًا لأتفه الأسباب ، يتقزز من أي منظر لا يناسبه ، يخضع لغيره ، أو على الأقل لا يميل إلى حب السيطرة …ميالاً للراحة والاستجمام ، غير شغوف بأساليب النشاط القوي ، لا الفكري ، ولا الجسماني .. ويخاف من تحمل المسؤولية"
و هذه الصفات تصطدم مع صفات أخرى ذكرها آخرون مثل هانز أيزنك ، ورورشاخ وغيرهما .
و أحسب أنني أستطيع القول: إن الشخصية الانطوائية الطبيعية لا تشكل ظاهرة خطيرة تحتاج إلى علاج ، بل الخطير في الأمر ، السلوك الانطوائي الذي يؤثر سلبًا على مجرى حياة الفرد ، لذا فإننا عندما نتحدث عن الطفل الانطوائي ، إنما نتناول السلوك غير السوي عند الطفل . ذلك السلوك الذي يقف عائقًا دون تكيفه مع نفسه ، ومع بيئته المحيطة به وبخاصة في محيط المدرسة ، و بمعنى آخر خروجه عن المألوف ، فالأصل هو توحده في الجماعة ، إذ يُلاحظ أن التلميذ في مدرسته وفصله يسعى دائمًا نحو التوحد ، وتقوية الجماعة ، وهذا هو الأصل ، أما في حالة التلميذ الانطوائي ، فإننا نجد عكس ذلك تمامًا ، إذ ينفر من الجماعة وما يترتب عليها من التزامات ، فهو عاجز عن التوصل إلى أنماط معينة من العلاقات مع الآخرين ، والانخراط في النشاطات الاجتماعية ، وهنا يمكن أن نقول: إن التلميذ غير قادر على التكيف ، ومن هذه النقطة تبدأ مشكلة التلميذ الانطوائي ، ومن النقطة ذاتها يبدأ البحث عن روافد الشخصية الانطوائية ، وتحديد السلوك الذي يقوده إليها ، وكيف ومتى نحكم على هذا التلميذ أو ذاك ، بأنه يحتاج إلى العون والمساعدة ليتمكن من التكيف مع نفسه و بيئته ؟.