اشرف محمد حسن 

     انتظر العالم وعلى مدار أسبوعين قرار محكمة العدل الدولية في دعوى الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة والتي تجاوز عدد الضحايا فيها الى اكثر من ستة وعشرون الف شهيد حتى هذا اليوم اغلبهم من النساء والأطفال حيث اقرت المحكمة بوجود اعمال إبادة جماعية محتملة وان النظر في القضية هو من اختصاصها ولكن بالنسبة الى وقف الحرب او اطلاق النار لحين البت في الدعوى التي ستأخذ سنوات قررت عدم الوقف الفوري والافراج عن ( المختطفين ) الزام الكيان الصهيوني باتخاذ التدابير لعدم قتل المدنيين واعمال التدمير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني من خلال السماح لمرور المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة وامهلتها شهر لتقديم التقرير حول إجراءاتها المتخذة لهذه الغاية وهذا القرار هو ما كان شريك الكيان الصهيوني المباشر الولايات المتحدة الامريكية طلبه من الكيان الصهيوني ولم يلتزم الكيان به .

 فقد قال بايدن في 15 من ديسمبر الماضي مخاطبا الكيان الصهيوني : أريدهم أن يركزوا على كيفية إنقاذ أرواح المدنيين، لا أن يتوقفوا عن ملاحقة حماس، لكن بأن يكونوا أكثر حذرا وجاء ذلك بعدما حذّر نتانياهو في تصريح سابق من "تآكل الدعم الدولي"، داعيا إياه لتغيير حكومته المتشددة اما مستشار الامن القومي الامريكي جيك سوليفان فقد قال إن وجود حماس بين المدنيين لا ينفي مسؤولية جيش الاحتلال بتجنب تعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر معلنا أن الحرب في غزة ستنتقل إلى مرحلة جديدة تركز على الاستهداف الدقيق لقيادة حماس وعلى العمليات المدفوعة بالمعلومات الاستخباراتية ورغم أنه أشار إلى نمط مختلف من الحرب كان لتصريح وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن الأربعاء سياق مختلف، حيث اعتبر أن انتقال الكيان الصهيوني من العمليات العسكرية الرئيسية في غزة إلى عمليات أكثر دقة قد يخفف التوتر الإقليمي وهذا ما يجعلنا نجد ان قرار محكمة العدل العليا لا تعدى تصريحات المسؤولين في الولايات المتحدة الامريكية والتي هي الشريك المباشر في هذه الجرائم بل ان هذا القرار قد خط بايادي الإدارة الامريكية وانه إعطاء مهلة شهر لارتكاب المزيد من اعمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية أيضا ففي يوم امس وهو في اليوم الـ113 للعدوان الصهيوامريكي المستمر على قطاع غزة ارتكب الاحتلال 18 مجزرة جديدة راح ضحيتها أكثر من 174 شهيدا، اما في يوم الاحد 28/1/2024م اي اليوم الـ114 للعدوان واصل جيش الاحتلال الصهيوامريكي ارتكاب مجازره، فقد نفذ 19 مجزرة جديدة أسفرت عن استشهاد 165 مدنيا و290 مصابا، كما شنت طائرات الاحتلال أحزمة نارية على غرب مدينة غزة بالإضافة الى استمرار حصار مجمع ناصر الطبي وغيرة من المشافي وهذا يتنافى كليا مع قرار المحكمة فبعد ثلاثة ايام من صدور قرار محكمة العد الدولية المؤقت حذّرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، من أنّ عددًا من الأدوية الضرورية قد نفد في مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوب القطاع، وسط حصار صهيوني امريكي مطبق لليوم الثامن على التوالي، مضيفة أنّ عشرات الشهداء دفنوا في ساحته كما يواصل جيش الاحتلال حصاره على مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة خانيونس لليوم الثامن أيضًا، وسط غارات تستهدف محيطها بينما حذّرت منظمة الصحة العالمية من انهيار آخر مستشفى عامل في مدينة خانيونس، أكدت منظمة أطباء بلا حدود خروج النظام الصحي في قطاع غزة كاملاً عن الخدمة بعد تعطّل معظم الخدمات في مستشفى ناصر . 

وبهدف مساندة الكيان الصهيوني في جرائمه وبالرغم من حراكات الاحتجاج ضد العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني والمؤيدة للمقاومة الفلسطينية في كافة دول ( العالم الحر والديمقراطي ) فقد أعلنت الولايات المتحدة الامريكية وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا تعليق تمويل وكالة الأونروا في قرار لقي تنديدًا فلسطينيًا الامر الذي كشف حقيقة إدارات تلك الدول وبشكل واضح امام العالم وحتى شعوبها الرافضة لهذه الجرائم فهي شاركت وبشكل مباشر الكيان الصهيوني في جرائم الحرب التي يقترفها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وهذا الإعلان يشكل جريمة حرب وابادة جماعية حيث جاء ذلك بعد قرار المحكمة بساعات وهو عملية التفاف وتحايل على قرار المحكمة لان ذلك من شأنه ان يقدم الدعم المباشر للكيان الصهيوني في جرائمه من خلال سياسة التجويع والحصار الكامل على الشعب الفلسطيني في شتى بقاع الأرض الامر الذي يشكل جريمة حرب ومشاركة في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني اذ يُلزم القانون الإنساني الدولي الأطراف المتحاربة بضمان حرية التحرك اللازمة لأفراد هيئات الإغاثة الإنسانية كي يؤدوا وظائفهم. لا يجوز تقييد هذه الحرية فهذه الاعمال ببساطة هي قطع المساعدات بشكل نهائي كي تخفف التزامات الكيان الصهيوني بل تعفيه من بند ( منع مرور المساعدات الإنسانية وبالتالي اعدام الوضع الإنساني نهائياً ) وقد تسعى لمنع باقي الدول من تقديم اية مساعدة إنسانية من خلال الضغط عليها بشتى الوسائل فهي شريك وبشكل مباشر في جرائم الحرب التي يقترفها ضد الشعب الفلسطيني وبكل وضوح .

 ومن ناحيته أعلن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الجمعة، أن تل أبيب "ستواصل الحرب" على غزة، وذلك عقب إصدار محكمة العدل الدولية أمرا لها بمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين وقال النتن ياهو في بيان متلفز تعليقا على قرار المحكمة: إن كيانه الصهيوني يخوض حربا، لا توجد حرب أكثر عدالة منها، مشيرا إلى أن المحكمة لم تطلب من الكيان وقف إطلاق النار وأضاف: مثلها مثل أي دولة أخرى، إسرائيل تتمتع بالحق الأساسي في الدفاع عن نفسها، زاعما أن المحكمة في لاهاي رفضت الطلب التافه بحرماننا من هذا الحق"، في إشارة إلى عدم طلب المحكمة وقف إطلاق النار لكن النتن ياهو أدان قرار المحكمة قبولها البت في شكوى جنوب إفريقيا ضد الكيان الصهيوني، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة وتابع: مجرد الادعاء بأن الكيان الصهيوني ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين ليس كاذبا فحسب، بل أمر شنيع، واستعداد المحكمة لمناقشة هذا الأمر يشكل وصمة عار لن تمحى لأجيال عديدة، وفق تعبيره وأضاف نتنياهو: نحن نخوض حربا عادلة، وسنواصلها حتى تحقيق النصر الكامل، حتى نهزم حماس ونعيد جميع المختطفين ونضمن بأن غزة لن تشكل أبدا تهديدا على كيانه الصهيوني وزعم التزام كيانه بالقانون الدولي، مشيرا إلى أن عصابته ستواصل تسهيل إدخال المساعدات الى غزة وادعى النتن ياهو، أن التزام الكيان الصهيوني بالقانون الدولي لا يتزعزع، وبالمثل فإن التزامنا المقدس لا يتزعزع بمواصلة الدفاع عن " بلدنا " حسب وصفه والدفاع عن شعبنا وأردف: سوف نستمر في تسهيل المساعدات الإنسانية، وبذل قصارى جهدنا لإبعاد المدنيين عن الأذى، حتى عندما تستخدم حماس المدنيين دروعا بشرية، وفق نعبيره . 

ولعل النصر الذي حققته دولة جنوب افريقيا لصالح الشعب الفلسطيني والمشكورة عليه والمقدرة جهودها هو جلب الكيان الصهيوني لمحكمة العدل الدولية العليا وان محكمة العدل الدولية رفضت طلب إسرائيل سحب دعوى جنوب إفريقيا ضدها ، الا ان الكيان الصهيوني مدعوما بالثقل الأمريكي سيواصل التحايل لاجل التملص ان اية التزامات تجاه البشرية فهم لا عهد لهم ..