ليست محضة صدفة.. رواية للمشاقبة تخوض في آبار التيه
في غَياهِبِ الظُّلُماتِ وآبارِ التّيهِ يَعْلَقُ شابٌ في
مقتَبَلِ العمر ... يترنّحُ بيْنَ طريقٍ وآخرَ بُغيةَ الوصولِ إلى مَطافٍ يظلُّ
يدورُ فيهِ إلى حينِ انتهاءِ الرّوايةِ بلا هدفٍ ؛ إلّا أنَّ خطّةً إلهيةً
تُسيّرهُ في أقدارٍ "ليسَت محضَ صُدفة".
هذه حال بطلنا في رواية "ليست محض صدفة" للكاتب
الشاب محمد خالد المشاقبة، والتي صدرت اخيرا في مؤلف انيق.
يجوبُ بنا كاتِبُ الرّوايةِ في عوالمَ شتّى بزمنٍ واحدٍ ! ما
أطْوَلَ السّاعاتِ في زمنِ روايتِنا وما أسرَعَ ساعاتِ قراءَتِها، فجَلستانِ -
وأنتَ تتَنَفّسُ الصّعداءَ مع كلِّ فصلٍ لمَعرفةِ مُجرياتهِ - كافيَتانِ
لإنهاءِها.
فيضٌ منَ الشخصيّاتِ في عُبِّ كُلٍّ منها تنْبَثقُ قضيّةٌ
اجتماعيّةٌ يطرَحها الكاتِبُ ،بدءًا من صراعاتٍ نفسيّةٍ وحتّى صِراعاتٍ وُجوديّةٍ
يتلمّسها القارئُ بينَ السّطورِ ويخوضُ فيها مع تعمّقهِ في حواراتِ الرّوايةِ.
كما ارتَقى هذا العَملُ الأدبيُّ في اللُّغَةِ، فأكْنَنَ
جزالةَ مُفرداتِها وتعابيرَها وتراكيبَ جُمَلِها ؛ حتّى انْحَسرتْ بساطةُ أدبِها
بذِكْرٍ لهاماتِ العربِ من مثلِ عنترةَ ونصرٍ بنِ الحجّاج .. فَغدتِ الرّوايةُ
ذاتُ وزنٍ بمكنونِ عربيّتِها.
" أنا طليقٌ لا أحدَ يُسيّرني" ، وَسْمٌ عَلا غِلافَ
الرّوايةِ .. أضحى لسانَ حالِ بَطَلِها ، إلّا أنَّ ذلكَ البطلَ الأرعَنَ ما
يلبِثُ ويَدري أنّها " ليْسَتْ محضَ صُدفة".