شريط الأخبار
تسعة احزاب اردنية تنفذ اضرابا عن الطعام تضامنا مع غزة الاتحاد الاوروبي يدرس تعليق اتفاقية التجارة الحرة مع اسرائيل وفرض عقوبات عليها الملك وامير قطر يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لدعم الأشقاء الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة تجارة عمّان ونقابة اصحاب المكاتب العقارية تبحثان تحديات القطاع العقاري لجنة النقل النيابية تتابع بلاغ النائب ابو رمان بوجود شبهات فساد في عطاء رقم 1/24 الملك في استقبال امير قطر.. ومباحثات في قصر بسمان (فيديو) كلاب ضالة تنهش شابا في السلط.. فإلى متى؟ مجرمان يتسابقان على تدمير غزة: تساهل ترامب مع نتنياهو ضوء أخضر ليفعل ما يريد الإحتلال يقدم مقترحا لسوريا بخريطة منطقة حظر جوي ومنزوعة السلاح حتى الحدود مع فلسطين المحتلة! وفاة شخص بمشاجرة على موقف مركبة في طبربور الأردن وامريكا وسوريا تتفق على خارطة طريق لحل أزمة السويداء حلف الناتو يفتتح أول مكتب اتصال بالشرق الأوسط بعمّان وسط تهرب صهيوني.. سوريا وإسرائيل تتفاوضان على اتفاق أمني بضغوط أمريكية الخزوز: الاعتماد على الذات من مؤشر مالي إلى واجب وطني" عدوان اسرائيلي على ميناء الحديدة غرب اليمن بورتريه.. “الشبح”.. من هو عز الدين الحداد قائد معركة مدينة غزة؟ لجنة تحقيق للأمم المتحدة: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بتحريض كبار مسؤوليها الاحتلال يعلن بدء عدوانه البري على غزة بتواطؤ امريكي وعجز دولي 5 وفيات وعدة اصابات بحوادث سير مختلفة ضبط اعتداءات على المياه تزود مزارع ومشاتل في عين الباشا (فيديو)

العرب وقواعد اللعبة الأميركية

العرب وقواعد اللعبة الأميركية


 

إبراهيم الأمين

 الأخباراللبنانية

 

لم يكن دونالد ترامب مضطراً إلى انتظار اجتماع الدوحة لتحديد وجهته، كما إنّ وزير خارجيته المرسل على عجل إلى إسرائيل لم يحمل توجيهات تفرض تغييراً في الخطط التي شملت قصف قطر. وكل ما قيل على لسان غالبية المشاركين في القمة العربية والإسلامية لم يكن ليحتل أي مساحة في اهتمام من بيده القرار في أميركا أو في كيان العدو.

الأمر في غاية البساطة والوضوح، ولو بدا قاسياً: هذا هو البرنامج الأميركي لتوسيع دائرة الهيمنة على منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، والإمساك بمفاصل القرار السياسي والاقتصادي في كل الدول العربية من دون استثناء. وهو أمر، كما يعلّمنا التاريخ، لا يمكن أن يتم من دون قوة قهرية كبيرة وثقيلة الوقع، وهو ما تقوم به إسرائيل منذ زمن طويل، وتحوّل خلال العامين الأخيرين إلى أسلوب عمل يومي، إذ أصبح سكان الكيان مقاولين أمنيين وعسكريين بدوام كامل لدى الولايات المتحدة، حتى وإن اعتقد بعضهم أنّ ما يقومون به يلبي طموحات الشعب اليهودي أيضاً.

المشكلة الفعلية تكمن في مكان آخر، عند أولئك الذين اعتقدوا طويلاً أنّ في إمكانهم تلبية مصالح أميركا بطريقة مختلفة. وهؤلاء هم مجموع النظم السياسية والاقتصادية التي تنتج سلطات سياسية وأمنية وعسكرية وأدوات إنتاج، ويظنون أنّ انتظامهم في «عالم أميركا» يكفي لمنحهم الحصانة الكاملة، وربما يسمح لهم ببعض المناورة على الطريقة التي يعتقدون أنّ إسرائيل تتبعها.

مشكلة هؤلاء أنّهم يطالبون أميركا اليوم باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، على افتراض أنّ هذه الأخيرة متمردة وتتفلّت من الرقابة الأميركية بين حين وآخر. وحتى لحظة قصف قطر، لم يكونوا ليقبلوا النقاش بأنّ ما تقوم به إسرائيل ليس سوى جزء من الخطة الأميركية، وأن ما يُطرح على أنّه خصوصية إسرائيلية أو مساحة مستقلة للفريق الحاكم فيها، ليس إلا شطارة من يعرف كيف «يتدلّل» على سيده.

وإذا كان القادة الذين اجتمعوا في الدوحة قد باتوا مطلعين على حقيقة المشهد، فإنّ قدرتهم على المواجهة أو الاعتراض تبقى رهناً بقدرتهم على مواجهة أميركا أولاً، ورفع مستوى رفضهم العملي، لا اللفظي، لما تقوم به إسرائيل. غير أن ما جرى في القمة لا يشير إلى ذلك إطلاقاً، بل يكشف مرة أخرى أنّ هناك أنظمة لا تجد أملاً في الحياة بعيداً من الرعاية الأميركية، وكل ما ستفعله هو إعادة صياغة موقعها لتنال رضا واشنطن.

كان أمير قطر غاضباً، وقبله بدت علامات التوتر والغضب على وجه رئيس وزرائه محمد بن عبد الرحمن، وهو ما انعكس في المواقف والأنشطة التي تلت الغارة على الدوحة. لكن جوهر المسألة أنّ جميع المسؤولين في قطر لم يتوقعوا حصول ما حدث. عندها، يفقد النقاش حول عدم تفعيل منظومة الرادارات ومنظومات الدفاع الجوي المحيطة بالجزيرة أي جدوى، ولا يكون الإنذار الأميركي قبل الهجوم أو بعده بقليل مهماً. بل السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح على طاولة أهل القرار في دولة كقطر هو: ماذا فعلنا لنتعرّض لذلك، وما الذي علينا القيام به لضمان عدم تكرار الأمر؟

في هذه الحالة، لم يعد مجدياً النقاش حول موقف حكام قطر من إسرائيل، فالجميع يعلم أنّ الحكم الحالي، منذ تولي الأمير الأب السلطة خلفاً لوالده، اتخذ مسافة من أساليب عمل حكام الخليج مع البرامج الأميركية والغربية في المنطقة. واستمر هذا المسار مع الأمير الحالي ورئيس وزرائه الذي يظهر صلابة أكبر مقارنة بسلفه حمد بن جاسم.

 

*لم يكن حاكم واشنطن ليكترث أصلاً بردود قمة الدوحة كما لا يكترث لها المقاومون، لكن هل أدرك الناس أن مقاومة إسرائيل لا تنجح من دون مواجهة المشروع الأميركي نفسه؟*

 

لكن المشكلة في كلتا الحالتين أنّ المساحة التي انتزعتها الدوحة، وجعلتها مكاناً للتعبير السياسي والإعلامي عن مواقف لا تتوافق مع الرغبات الأميركية، كانت مساحة محددة مسبقاً بإطار خاص.

وعندما قرّر الأميركيون تعديل قواعد اللعبة في المنطقة، لم يستثنوا أي دولة عربية أو إسلامية من هذا التعديل، تماماً كما يحدث اليوم في سوريا، حيث يتصرفون كما لو أنّهم أمام فرصة لتمكين حاكم يقبل بقواعد اللعبة كما تحددها واشنطن، وإلا عليه الاستعداد للسقوط. وفي المقابل، يُسمح له بفرض سلطة على شعبه كما كان يفعل النظام السابق، ولكن من دون تجاوز الإطار المرسوم. وعند أي محاولة للتصرف بشكل مستقل، تعاقبه إسرائيل، وعندما يطلب النجدة من أميركا، يلقى العتاب، إذ إنّ ما فعلته إسرائيل هو نتيجة عدم تقيّده بقواعد اللعبة.

وإذا كان البعض قد وجد في الكلمة - العبارات التي ألقاها أحمد الشرع في قمة الدوحة - ما ينمّ عن حكمة من لا يريد الخطابة على ما يقوم به بقية القادة العرب، فإن الواقع يقول العكس: الشرع ببساطة لا يستطيع قول ما يجب قوله، لأنه ليس في موقع يتيح له إغضاب أميركا أو إدانة إسرائيل بطريقة قد تستفزها وتؤدي إلى ضربه من جديد.

سيعطي البعض العذر للشرع باعتبار حكمه لا يزال طري العود، وسيمنح العذر لملك الأردن أو لقادة إمارات الخليج الذين لم يدّعوا يوماً أنهم قادة تحرير الأمة من الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأميركية. لكن المسألة تأخذ بعداً مختلفاً عند الحديث عن دول كبرى، تمتلك كامل عناصر الدولة من مساحة وشعب وتاريخ.

وهنا، يصبح السؤال مركّزاً على حالتي مصر وتركيا اللتين تلعبان دوراً محورياً في منع قيام جبهة مواجهة واسعة لمشروع الهيمنة والاحتلال.

وعندما تعجز هاتان الدولتان عن اتخاذ خطوات عملية تُشعر الولايات المتحدة بأنّ الأمور لا يمكن أن تستمر على النحو القائم، يصبح الرهان على الآخرين مجرد مضيعة للوقت، خصوصاً مع من يعانون من «الدونية المضمرة» تجاه الغرب وإسرائيل، ويكررون دائماً استعدادهم ورغبتهم في السلام وحل الدولتين وبقية الأفكار البالية.

ومع هؤلاء فريق آخر ينسب كل الضرر القائم إلى قوى المقاومة وإلى من يضحّون بحياتهم لمقاومة الاحتلال والهيمنة، كما فعل مندوب السعودية في حكم اليمن، عندما اعتبر أنّ أنصار الله يتحملون مسؤولية العدوان الإسرائيلي على اليمن، وأن ما تقوم به الحركة يخدم مصالح دولة خارجية.

وما قاله المسؤول اليمني القابع في الرياض يعكس حقيقة ما يفكّر فيه قسم كبير من قادة العرب الذين لا ينظرون إلى مقاومة إسرائيل كفعل وطني خالص، بل كفعل ارتزاق لدى راعٍ ومموّل هو إيران.

ما يحدث اليوم يمكن اختصاره ببساطة شديدة: العدو الأميركي هو المسؤول الأول والأخير عن الجريمة المستمرة ضد العرب والمسلمين. وإسرائيل، مهما بلغت قدراتها، تظل مجرد أداة بيد الأميركيين. أما من لا يزال يتوهم بإمكانية التوصل إلى تسوية مع حكام واشنطن، فهو ذاته من سينتظر اللحظة التي يسمع فيها صوت الصواريخ تنفجر بالقرب منه، أو ربما يشاهد الأسقف تتهاوى على رؤوس من حوله.
لا يوجد سوى عدو واحد، اسمه الولايات المتحدة، ومقاومته واجب على كل من يطمح للعيش بسلام.