ورقة سياسات: تحسين مناخ ممارسة الأعمال في الأردن: تقليص البيروقراطية وتعزيز ثقة المستثمرين


إعداد:
م. نبيل إبراهيم حداد
مستشار
الهندسة والصناعة وإدارة المشاريع
إخلاء
المسؤولية
الآراء
والأفكار الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلف، المهندس نبيل إبراهيم حداد، حصراً
ولا تعكس الموقف الرسمي لأي حكومة أو منظمة. والمعلومات المقدمة مخصصة للوعي
والمعرفة العامة فقط ولا يجوز اعتبارها بأي حال من الأحوال بمثابة مشورة مهنية أو
قانونية أو فنية. على الرغم من بذل كل جهد لضمان دقة المعلومات وموثوقيتها، فإن
المؤلف لا يتحمل المسؤولية عن أي أخطاء أو سهو أو نتائج من استخدام هذه المادة.
يُسمح للأفراد والمنظمات والهيئات الحكومية باستخدام أو إعادة إنتاج أو نشر أو
تكييف المعلومات في هذه المقالة، كليًا أو جزئيًا، دون إذن مسبق. يُعتبر ذكر اسم
المؤلف تقديراً للجهد الفكري والمهني، لكنه ليس مطلباً.
ملخص
تنفيذي
يواجه
الاقتصاد الأردني تحديين ملحين: البطالة المزمنة وضعف ثقة المستثمرين. لتحقيق نمو
مستدام، تحتاج البلاد إلى أجندة إصلاحية جريجة تركز على تقليص البيروقراطية، ولا
مركزة صنع القرار، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطبيق إجراءات
مكافحة الفساد. تقترح هذه الورقة برنامج إصلاح مكون من خمسة ركائز لإعادة وضع
الأردن كمركز إقليمي للاستثمار والابتكار. تشمل هذه الركائز: تقليل البيروقراطية
والتنظيم، وتطوير اللامركزية والحكم المحلي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام
والخاص وتطوير سوق رأس المال، ومكافحة الفساد وضمان سيادة القانون، وتعبئة قطاع
الأعمال والمصارف والشباب من خلال مجلس أعمال وطني. تقدم كل ركيزة إصلاحات قابلة
للتنفيذ مع نتائج قابلة للقياس وإطار مؤسسي واضح، بهدف جماعي لخلق فرص العمل، وجذب
الاستثمار الأجنبي المباشر، ودمج الشباب الأردني في القطاعات الإنتاجية.
ركائز
الإصلاح الخمس
الركيزة
الأولى: تقليل البيروقراطية والتنظيم
تهدف
هذه الركيزة إلى تبسيط الإجراءات الحكومية من خلال سن قاعدة "الصمت يعني
الموافقة" لتسريع الموافقات على الأعمال إذا لم ترد الجهات المختصة خلال فترة
زمنية محددة. كما تقترح إنشاء نافذة رقمية موحدة لجميع تراخيص الأعمال والتسجيل
والتخليص الجمركي. ولمنع تراكم الأعباء التنظيمية المستقبلية، ستخضع جميع اللوائح
الجديدة لتقييم تأثير تنظيمي لضمان ضرورتها وتناسبها. الهدف الرئيسي هو تقليل
متوسط وقت بدء النشاط التجاري إلى أقل من 7 أيام بحلول عام 2026.
الركيزة
الثانية: تطوير اللامركزية والحكم المحلي
لضمان
تحقيق نمو إقليمي متوازن، تدعو هذه الركيزة إلى تمكين المحافظات خارج العاصمة من
تخصيص مناطق اقتصادية خاصة تتمتع بأطر ضريبية وعمالية وأرض مبسطة. سيتم تفويض سلطة
منح التراخيص لمكاتب الاستثمار المحلية التي تعمل وفق إرشادات وطنية. سيتم ربط هذا
اللامركزية مع تطوير البنية التحتية لجعل هذه المناطق أكثر جذباً للاستثمار. الهدف
هو جذب 30٪ من مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة إلى المحافظات خارج عمان
بحلول عام 2030.
الركيزة
الثالثة: تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتطوير سوق رأس المال
تقترح
هذه الركيزة تحويل دور الحكومة من مشغّل إلى ميسّر في القطاعات الرئيسية مثل
التعدين والنفط والغاز والطيران والخدمات اللوجستية، على سبيل المثال. إحدى
المبادرات الرئيسية هي إنشاء شركات مساهمة عامة مسجلة في البورصة لتطوير الموارد
الوطنية والمشاريع الاستراتيجية، مع جعل أسهمها متاحة للمواطنين والمستثمرين
المؤسسيين على حد سواء. سيساعد تشجيع الطروحات الأولية والإدراج في بورصة عمان على
توسيع قاعدة الملكية المحلية. الهدف هو إطلاق ثلاثة شركات مساهمة وطنية على الأقل
للشراكة بين القطاعين العام والخاص بحلول عام 2027.
الركيزة
الرابعة: مكافحة الفساد وضمان سيادة القانون
تدعو
هذه الركيزة إلى تعزيز النظام القضائي من خلال ضمان استقلاليته وإنشاء محاكم
تجارية متخصصة. ولزيادة الشفافية، سيتم اعتماد نظامي المشتريات الإلكترونية والمدفوعات
الإلكترونية بشكل إلزامي لجميع عقود الحكومة. علاوة على ذلك، سيتم تعزيز هيئة
النزاهة ومكافحة الفساد بمنحها سلطات تحقيق وملاحقة قضائية أوسع. الهدف القابل
للقياس هو تحسين ترتيب الأردن في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن الشفافية الدولية
بمقدار 20 مركزاً في غضون خمس سنوات.
الركيزة
الخامسة: تعبئة قطاع الأعمال والمصارف والشباب عبر مجلس أعمال وطني
تقدم
هذه الركيزة آلية تعاونية تشمل إنشاء مجلس أعمال وطني يضم الشركات ذات النشاط
التجاري السنوي المرتفع. ستكلف الحكومة هذه الشركات بتطوير مشاريع مستدامة جديدة
وتوفر ضمانات وتغطية للفوائد البنكية لهذه المصارف مقابل القروض الممنوحة لهذه
المشاريع الاستراتيجية. مقابل سداد فوائد هذه القروض، ستتلقى الحكومة حصصاً في
الشركات الجديدة. سيتم بعد ذلك توجيه عوائد هذه الحصص إلى حساب وطني خاص مخصص
لتأهيل وتدريب الشباب الأردني للعمل في هذه الصناعات الجديدة. وهذا يخلق دورة تربح
فيها جميع الأطراف: تتوسع الشركات، وتقدم المصارف قروضاً بضمانات، ويحصل الشباب
على تدريب متخصص وفرص عمل. الهدف هو تدريب 10,000 شاب سنوياً من خلال هذه البرامج
بحلول عام 2030.
خاتمة
يعتمد
التنافسية المستقبلية للأردن على إصلاحات حاسمة تبسط عمليات ممارسة الأعمال
التجارية وتمكن المجتمعات المحلية وتبني الثقة بين الحكومة والمستثمرين
والمواطنين. إن إنشاء مجلس أعمال وطني، إلى جانب الإجراءات الجريئة من خلال تقليل
القواعد غير الضرورية والبيروقراطية والأعمال الورقية وتوسيع نطاق الشراكات بين
القطاعين العام والخاص وضمان الاستثمار المدعوم مصرفياً، سيكون حاسماً في تعزيز
ثقة المستثمرين. يضمن هذا النهج أن يترجم النمو الاقتصادي مباشرة إلى وظائف وفرص
للشباب الأردني. في النهاية، هذا هو أكثر من مجرد أجندة إصلاح اقتصادي؛ إنه برنامج
لتجديد وطني يهدف إلى وضع الأردن كاقتصاد حديث، منافس، وشامل في المنطقة