الشرق الأوسط بعد حرب غزة: إسرائيل وحدود القوة في النظام الإقليمي الجديد
ملخص تنفيذي لقراءة
تحليلية في مقال مارك لينش في مجلة "فورين افيرز" أكتوبر
2025)
تعرض الورقة قراءة تحليلية لمقال مارك لينش المنشور في مجلة Foreign Affairs (عدد أكتوبر 2025)، والذي
يتناول التحوّلات البنيوية في النظام الإقليمي بعد حرب غزة، مؤكدًا أن إسرائيل لم
تعد قادرة على فرض معادلاتها عبر القوة العسكرية، وأن الشرق الأوسط يتجه نحو مرحلة
"ما بعد التفوّق الإسرائيلي” سياسيًا وأمنيًا.
- يرى لينش أن الحرب
الأخيرة كشفت محدودية النهج القائم على العنف والتصعيد، إذ فقدت إسرائيل قدرتها
على تحقيق نصرٍ حاسم رغم الدعم الأمريكي الكبير، وتراجعت مكانتها الإقليمية والدولية.
ومع تغيّر المزاج العالمي تجاه الحرب وارتفاع كلفة استمرارها، لم يعد ممكناً
لإسرائيل "تدمير طريقها نحو السلام”، لأن التوازنات السياسية والإنسانية باتت أكثر
حضورًا من الحسابات العسكرية.
- على الصعيد الأمريكي،
يوضح الكاتب أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب لم تعد مطلقة كما كانت خلال عهد
ترامب، إذ أدخلت إدارة بايدن حدودًا واضحة على الدعم غير المشروط لإسرائيل، في ظل
انقسام داخلي أمريكي متزايد بين الجمهوريين والديمقراطيين. هذا التحوّل يعكس تراجع
الإجماع التقليدي حول أولوية إسرائيل في السياسة الأمريكية، ويشير إلى بداية
مراجعةٍ استراتيجية لموقعها في الحسابات الأمريكية الشرق أوسطية.
- أما على المستوى
الإقليمي، فيرصد لينش ملامح نظام جديد يتشكل بعد حرب غزة، يقوم على تعدد الأقطاب
وتراجع مركزية الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ويعيد الاعتبار إلى الدور العربي
والإقليمي المستقل. من أبرز سمات هذا النظام الجديد:
• انحسار النفوذ الأمريكي
التقليدي وعودة روسيا والصين كفاعلين موازنين.
• خفض التصعيد بين إيران
والدول العربية وفتح قنوات للتفاهم الإقليمي.
• تراجع فكرة "الشرق الأوسط
الإسرائيلي” لصالح توازن عربي–إيراني جديد.
• عودة المبادرة العربية
للسلام كإطار مرجعي للتسوية.
• بروز أدوار مركبة
للسعودية وقطر وتركيا ومصر كقوى وسيطة.
- يُبرز المقال أن حدود
القوة الإسرائيلية لم تعد فقط عسكرية، بل اقتصادية ومجتمعية ودبلوماسية. فالحرب
أضعفت الاقتصاد الإسرائيلي، وعمّقت الانقسام الداخلي، وقلّصت التعاطف الدولي مع تل
أبيب. كما أظهرت أن الردع الإسرائيلي لم يعد مطلقًا، وأن "التفوّق العسكري” لم يعد
كافيًا للحفاظ على مكانة إسرائيل الإقليمية.
- يحذّر لينش من أن الخطر
الحقيقي الذي تواجهه إسرائيل أصبح استراتيجيًا داخليًا، يتمثل في تآكل شرعيتها
السياسية والأخلاقية، وتحوّلها من شريكٍ أمني إلى عامل توتيرٍ إقليمي. فالتقارب
العربي – الخليجي لم يعد يمر عبر تل أبيب، بل عبر مقاربة أمنية تقوم على التوازن
لا الاصطفاف.
يخلص الكاتب إلى أن مشروع "الهيمنة الإسرائيلية” فقد شروط
استمراره التاريخية، وأن المنطقة تعيد إنتاج توازنها حول ثلاثية جديدة:
1. التهدئة الأمريكية –
الإيرانية،
2. إعادة الاعتبار للمبادرة
العربية للسلام،
3. وتوازن سياسي – أمني
يقدّم الاستقرار على القوة.
خلاصة:
يدخل الشرق الأوسط بعد حرب غزة مرحلةً انتقالية يعاد فيها
تعريف مفاهيم الأمن والردع والشرعية. فالقوة العسكرية وحدها لم تعد كافية لتحقيق
النفوذ أو السلام، بل غدت عبئًا على أصحابها إن لم تقترن برؤيةٍ سياسية شاملة
توازن بين الأمن والعدالة والسيادة.
·
إعداد
وترجمة: وحدة الدراسات الدولية – مركز تقدّم للسياسات
تشرين الثاني / نوفمبر 2025
























