حزب العمال يفجر قنبلة بحضن الحكومة: اتفاقية تعدين النحاس بالخشيبة غامضة ومجحفة وغير قانونية!
حذر
حزب العمال مجلس النواب والحكومة من تمرير اتفاقية تعدين النحاس بمنطقة الخشيبة المعروضة
على مجلس الأمة للتصديق وعدد الحزب العديد مما اعتبرها اختلالات وامور غير قانونية
وغامضة ومجحفة بحق الاردن. وطارحا العديد من الاسئلة المشككة في اللجوء لتوقيع مثل
هذه الاتفاقية!
حزب
العمال اصدر بيانا موسعا شرح فيه وجهة نظره وقرائته لهذه الاتفاقية وما يشوبها من
تساؤلات.
وقال
الحزب، في البيان الذي وقعته الامين العام رولى الحروب، انه "انطلاقا من
الواجب الوطني والسياسي لحزب العمال الأردني، فإن الحزب يتوجه إلى الرأي العام
والسادة النواب والأعيان بقرع أجراس الإنذار أمام مخاطر جسيمة تنطوي عليها اتفاقية
تعدين النحاس والمعادن المصاحبة في منطقة أبو خشيبة المعروضة الان على مجلس الأمة
للتصديق عليها بقانون، والتي يتم مناقشتها حاليا في لجنة الطاقة النيابية.
واوضح
إن هذه "الاتفاقية الخطيرة بصيغتها الحالية (الاتفاقية التنفيذية وملاحقها
بالاضافة الى اتفاقية الرخصة)، تنتهك مبادئ مستقرة في السلامة القانونية وتمس
السيادة الاقتصادية، والمال العام، وحقوق الأجيال القادمة، كما تنتقص من دور مجلس
الأمة التشريعي والرقابي، ودور القضاء الأردني، وتخل بضمانات النزاهة والشفافية
ومبدأ تلازم السلطة والمسؤولية" .
وبعد
ان اكد ترحيبه بالاستثمار المسؤول القادر على توفير فرص العمل لأبنائنا، وكنا من
أبرز المطالبين بتطوير قطاع التعدين واستثمار الثروات المعدنية التي أنعم الله بها
على أردننا الحبيب، فان الحزب يجد نفسه ضد "التفريط بالثروة الوطنية بعوائد
هزيلة، وضد تمرير اتفاقيات ناقصة مع أطراف مجهولة وبعضها أصلا ليس له كيان قانوني
قائم تُحمّل الدولة المخاطر وتمنح الامتيازات في ثرواتنا الوطنية دون توازن وفي
غياب أي رقابة حقيقية".
وتناول
الحزب الشرح المفصل تحفظاته واعتراضاته على الاتفاقية:
أولًا:
أطراف غير معروفة أو غير قائمة قانونيا واتساع خطير للصلاحيات
تسمح
الاتفاقية بإدخال:
• شركات تابعة غير مسماة، سواء سيطرت هي على
الشركة المطورة او سيطرت الشركة المطورة عليها وسواء كانت تلك السيطرة بشكل مباشر
او غير مباشر ، وسواء كانت السيطرة على رأس المال او جزء منه او التعيينات، او
التصويت، او اي قرارات أخرى.
• راعٍ فني ومالي غير محدد ، غير معروف ، مجهول
الهوية والاسم والعنوان، يفترض به ان يقدم للشركة المطورة الخبرات الفنية
والكفاءات بالاضافة الى الملاءة الفنية، وله حقوق لا تقل عن حقوق المطور في نص
الاتفاقية ذاته، كما في الملحق الخاص به
• شركة مساهمة عامة مزمع إنشاؤها مستقبلًا، سميت
كطرف في الاتفاقية، على الرغم من أنها غير قائمة فعليا، وكيان غير موجود قانونيا
بالاساس، ومنحت ذات الحقوق التي منحت للمطور وحملت ذات الالتزامات مع أنها غير
موجودة كشخص اعتباري امام القانون اصلا.
وهذه
الإدخالات والتغييرات الجوهرية على صفة "الطرف" تتم دونما عودة الى مجلس
الأمة الذي يطلب منه ان يمنح موافقته على بياض، ما يشكّل تفريغا للرقابة
البرلمانية من مضمونها، ويفتح الباب لنقل السيطرة الفعلية على الثروة الوطنية إلى
أطراف غير منظورة.
ثانيًا:
اتفاقية مليئة بالفراغات
بعد
مراجعة الاتفاقية وملاحقها، تبيّن أن عددًا من الملاحق الجوهرية:
• فارغ من البيانات،
• أو ورد بصيغة "هياكل عامة” دون أرقام أو
التزامات ملزمة.
ومن
ذلك:
• كفالة حسن التنفيذ الاولى والثانية التي يفترض
ان الشركة المطورة قد تقدمت بها قبل توقيع اتفاقية الرخصة، وبعد توقيع الاتفاقية
التنفيذية، حيث ضمت ملاحق الاتفاقية نموذجا خاليا من اي بيانات، ودون تحديد قيمة
الكفالة او الجهة المودعة او الضامنة وأي بيانات أخرى
• اتفاقية "الراعي” وردت دون اسم أو توقيع او اي
بيانات عن هذه الشركة الراعية للشركة المطورة فنيا وماليا، والتي تملك حقوقا في
الاتفاقية لا تقل عن حقوق المطور ذاته، علما بان الشركة المطورة لا تملك اي خبرات
فنية او ملاءة مالية تذكر وليس لها اي تاريخ في عمليات التعدين.
• ملحق الالتزامات البيئية التي يفترض ان تلتزم
بها الشركة المطورة والمقاولين التابعين لها في نشاطات التعدين التي تمارسها، حيث
جاء خاليا من اي معايير ، ووضعت العناوين الخاصة بالحد من انبعاثات ثاني اكسيد
الكبريت أو نسب تدوير المياه، او النفايات غير القابلة للاستخدام دون أي أرقام
توضح الحد الأقصى لهذه الانبعاثات او الممارسات، ما يجعل هذا الملحق كله فارغا من
المضمون ولا يتضمن اي التزامات بيئية حقيقية رغم خطورة هذه الأنشطة على البيئة
وصحة الإنسان.
• غياب فعلي لدراسة جدوى اقتصادية مكتملة وخطة
التنفيذ وبرنامج العمل وخطة التطوير وخطة إعادة التأهيل، فهذه جميعها غير متوفرة
في الاتفاقية وملاحقها.
ونتساءل
بصراحة:
وتساءل
الحزب "كيف يمكن لمجلس الأمة أن يصادق على شيء لم يطلع عليه وعلى اتفاقية
تُحال فيها أهم الالتزامات إلى ملاحق غير مكتملة؟".
ثالثًا:
الحد من سلطة القوانين الاردنية وتحكيم دولي يقيّد السيادة:
تنص
الاتفاقية على ان اي اشارة الى القوانين الاردنية انما يقصد بها هذه الاتفاقية وما
تضمنته من عبارات، بمعنى ان الاتفاقية تضع نفسها فوق القوانين الاردنية وتعطل
العمل بها في اي مسألة لم تنص عليها ، وهذه مسألة خطيرة ولا يمكن قبولها قانونيا،
خاصة وأن بنود الاتفاقية تمس حق الدولة في التنظيم، والالتزام بالتشريعات البيئية،
والسياسة الضريبية والقانون المدني في التعويض عن الضرر، وقانون الملكية العقارية،
وقوانين أخرى كثيرة.
وتحيل
الاتفاقية النزاع بين أطرافها إلى تحكيم دولي تلجأ فيه الاطراف الى غرفة تجارة
باريس، ويكون حكمها قطعيا غير قابل للاستئناف، بدلا من أن تحتكم الاطراف الى
القضاء الاردني صاحب الاحقية في بسط سيادته على كل النزاعات بموجب المادة 102 من
الدستور،
وهو
ما يقيد قدرة الدولة على تعديل سياساتها او تشريعاتها مستقبلًا ويعطل القوانين
الاردنية السارية، ويسلب من القضاء الاردني سلطته في الحكم في نزاع سيادي من هذا
النوع، عدا عن أنه يعرّض الأردن لنزاعات وتعويضات وكلف بمبالغ مالية ضخمة عند التحكيم
لدى غرفة تجارة باريس.
رابعًا:
العائد المالي… بيت القصيد
الأخطر
في الاتفاقية هو الاختلال الفادح في العائد المالي للدولة.
فوفق
الصيغة الحالية:
• لا تجني الدولة سوى إتاوة تعدين تتراوح بين 3%
و10% بحدها الاقصى من الإيرادات، وهذا يشمل النحاس وجميع المعادن المصاحبة له بما
فيها الحديد والفضة والذهب والليثيوم وغيرها من معادن نفيسة وثمينة بعضها تتجاوز
قيمته قيمة النحاس اضعافا مضاعفة
• وهذه الايرادات لا تحسب بناء على سعر بيع النحاس
وإنما على سعر النحاس!!! هكذا وردت في الفقرة 10.1.2 من الاتفاقية التي نصت على:
"تحتسب الاتاوة فيما يتعلق بالمعدن المستخرج من منطقة التعدين على اساس سعر
النحاس حسب الاقتضاء ولتلافي الشك لا تحتسب الاتاوة على اساس سعر بيع
النحاس"، وهو كلام غامض غير مفهوم وغير منطقي ولا يمكن تفسيره لا عند الاتفاق
ولا عند النزاع، والاصل ان الاتاوة تحسب على سعر بيع الخام المستخرج بعد تعدينه
اما بناء على فواتير البيع التي تقدمها الشركة او بناء على متوسط السعر العالمي في
الاسواق العالمية ضمن فترة البيع، لان هذه الاسعار تتذبذب صعودا وهبوطا مع بورصة
المعادن النفيسة وتغيرات القطاع.
• كما تحصل الدولة على ضريبة الدخل الاعتيادية
المفروضة على جميع الشركات في قطاع التعدين، في حين تُمنح الشركة إعفاءات واسعة
من: دفع ضريبة المبيعات، ودفع الرسوم الجمركية.
وتساءل
حزب العمال هنا: "هل يعقل أن نبيع
النحاس، والذهب، والفضة، والليثيوم، وجميع المعادن الاستراتيجية المصاحبة، مقابل
ما قد لا يتجاوز 3% من الإيرادات؟".في حين أنه في دول منتجة للنحاس مثل
تشيلي وبيرو وزامبيا، تعتمد الحكومات:إتاوات تصاعدية مرتبطة بالأسعار العالمية،
وآليات تضمن للدولة حصة عادلة عندما ترتفع الأرباح.
أما
في هذه الاتفاقية، فالدولة تتحمل: المخاطر البيئية، وكلفة البنية التحتية، والأثر
الاجتماعي طويل الأمد، بينما تحصل على عائد رمزي لا يرقى لقيمة الثروة
المستخرجة.
خامسًا:
السرية في مواجهة البرلمان والقضاء
تنص
المادة 12 من اتفاقية الرخصة على قيود سرية تمنع تزويد أي جهة بالمعلومات دون
موافقة هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، بما في ذلك عمليًا: مجلس الأمة، والقضاء،
والجهات الرقابية.
كما
نصت الفقرة الاولى الخاصة بالتعريفات في الصفحة الثامنة من الاتفاقية التنفيذية
وتحت عنوان المعلومات السرية على: "يقصد بها هذه الاتفاقية وجميع المعلومات
التي تتعلق بأنشطة التنقيب وعمليات التعدين والاستخراج وكذلك الطرفين ( او الشركات
التابعة لهم)، التي جرى الحصول عليها خطيا او شفهيا او بأي وسائل اخرى فضلا عن اي
شكل من الاشكال.....".
وهذا
أمر غير مقبول ديمقراطيًا، ويخالف مبدأ سيادة الأمة وحق الشعب في معرفة كيف تُدار
ثرواته، ويخالف كل الاعراف والقوانين، إذ لا يجوز ان تكون الاطراف في اي اتفاقية
سرية، ولا يجوز ان تكون الاتفاقية كلها سرية، وإنما يمكن ان تكون بعض البنود فيها
سرية، ولكن هذا لا يكون في قانون يقره مجلس الامة، بل يكون في اتفاقيات موقعة بين
الحكومات.
وبناءً
على ما سبق، اكد حزب العمال أن:
1.التصديق على الاتفاقية بصيغتها الحالية ينطوي
على مخاطر دستورية وقانونية ومالية جسيمة لا يمكن تداركها،
وأي
تصديق عليها يجب أن يكون مشروطًا بتعديلات جوهرية، تشمل:
·
رفع إتاوة التعدين إلى
25% من الإيرادات بالحد الأدنى وربطها تصاعديا بالكميات المنتجة ومعدل الأسعار
العالمية
·
الابقاء على ضريبة
الكسب غير المتوقع كما وردت في الاتفاقية، مع وضع معايير تضمن عدم تلاعب الشركة
المطورة او اي طرف اخر في الاتفاقية بالميزانية بهدف تضخيم النفقات وتقليص الارباح
للحد من حصة الدولة في الضريبة.
·
الابقاء على الرسوم
الجمركية وضريبة المبيعات العامة حتى وإن كانت الشركة تبيع المنتج لنفسها، مع
الاشارة الى ان هذه واحدة من الحالات الغريبة غير المألوفة في عالم التعدين، التي
تقوم فيها الشركة نفسها بالاستكشاف والتطوير والتعدين والتسويق وتبيع المنتج
لنفسها
·
ادراج المعادن المصاحبة
صراحة ضمن العوائد، مع تحديد أسمائها، وتحديد أسعار لها بحسب قيمتها السوقية،
وكمياتها المتوقعة
·
استكمال جميع الملاحق
الناقصة والفارغة من البيانات والاسماء والعناوين والارقام المالية والمحكات
المعيارية البيئية قبل التصويت،
·
الاستغناء عن التحكيم
الدولي، واستبداله بسيادة المحاكم الاردنية عند وقوع النزاع او الخلاف حول
تنفيذ الاتفاقية او تفسير اي من بنودها
·
إلغاء المواد التي تنص
على سرية الأطراف والبيانات وكل ما يتعلق بهذه الاتفاقية والواردة في الاتفاقية
التنفيذية واتفاقية الرخصة، وضمان حق البرلمان والقضاء في الاطلاع والمساءلة
·
.خفض المدة الزمنية لسريان الاتفاقية من ثلاثين
سنة الى عشر سنوات قابلة للتجديد بموافقة الطرفين، مع اضافة بند يسمح للحكومة
بمراجعتها كل خمس سنوات، بما يؤهلها لإلغائها في حال ثبوت التقصير او الغش والخداع
أواي اسباب وجيهة اخرى.
·
عدم اعفاء الشركة من
المسؤولية المدنية عن الضرر الذي سيلحق بالمنطقة وسكانها، وفق قواعد الفعل الضار
في القانون المدني، والنص على غرامات مالية عند مخالفة بنود الاتفاقية
·
شطب الفقرة التي تشير
الى ان كلمة القوانين الاردنية اينما وردت تعني هذه الاتفاقية، إذ لا يجوز لأي
اتفاقية كانت ان تلغي قوانين الدولة وتحل محلها
2. في حال عدم الاستجابة لهذه المتطلبات، فإن رد
الاتفاقية وإعادتها للحكومة هو الخيار المسؤول وطنيًا.
وختم
حزب العمال بيانه بالقول "إن ثرواتنا الطبيعية ليست ملكًا لأي حكومة،
بل ملك للشعب، ولا ينبغي ان تُدار بعقود غامضة، وفي أجواء من السرية وحجب البيانات
، بل بعقود شفافة تقوم على أسس قانونية سليمة تحمي الحقوق وتصون الالتزامات، ولا
تُمنح بعوائد بخسة، بل بعوائد تحقق العدالة للدولة التي تملك الموارد والمستثمر
الذي يطورها".
وشدد
على إن مجلس الأمة اليوم أمام مسؤولية تاريخية: إما حماية ثروة البلاد وحقوق
الأجيال القادمة، أو تمرير اتفاقية ستبقى آثارها معنا لعقود، ولن يسامحه عليها
الشعب، وستؤدي ضمن أسباب أخرى الى ارتفاع الصوت عاليا للمطالبة بحل البرلمان الذي
يعجز عن القيام بدوره في حماية حقوق الاردنيين.
يشار الى ان وزير
الطاقة والثروة المعدنية، صالح الخرابشة، قال خلال اجتماع لجنة الطاقة النيابية
اليوم، إن الاتفاقية تتناول أعمال التقييم والتطوير والاستكشاف والتنقيب عن النحاس
والمعادن المصاحبة في منطقة أبو خشيبة وغيرها، موضحا أن هذه الصلاحيات مُنحت لشركة
وادي عربة للمعادن ضمن إطار قانوني وتنفيذي منظم.
وأكد الخرابشة أن الأردن لا يمتلك في الوقت
الحالي الإمكانات المالية اللازمة لتمويل برامج استكشاف متكاملة تتطلب استثمارات
بمئات الملايين من الدولارات، مشيرا إلى تجربة المملكة العربية السعودية التي خصصت
نحو 186 مليون دولار لأعمال الاستكشاف وتقدير الاحتياطيات، وهو نموذج يصعب تبنيه
محليا في ظل محدودية الموارد.
وشدد على أهمية عدم وضع تعقيدات من شأنها إعاقة
الاستثمار أو إغلاق الباب أمام فرص تطوير قطاع التعدين، خاصة في مجال البحث عن
النحاس الذي يُعد من المعادن الاستراتيجية، لافتا إلى أن الاتفاقيات طويلة الأمد
يجب التعامل معها بمرونة تضمن جذب الاستثمار وتحقيق المصلحة الوطنية.
وبيّن الخرابشة أن الكميات الفعلية من خام
النحاس في منطقة أبو خشيبة لم تُحدد بعد، نظرا لأن ذلك يتطلب المرور بعدة مراحل
فنية من الاستكشاف والتقييم، مؤكدا أن الشراكة مع القطاع الخاص تمثل خيارا واقعيا
لتطوير قطاع التعدين دون تحميل الخزينة أعباء مالية إضافية.













