شريط الأخبار
البلبيسي حول "لغط" أسترازينيكا: اي مضاعفات للمطعوم تظهر خلال شهرين العيسوي: الملك بمواقفه وضع العالم أمام مسوؤلياته لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الجازي : تحصين إسرائيل من القانون الدولي يجب أن ينتهي الملك يتصل برئيس الامارات معزيا مسيرات تضامن واسعة مع غزة بمحافظات الاردن الملكة رانيا تستنكر "العقاب الجماعي" بحق الفلسطينيين وتدعو للتطبيق المتساوي للقانون الدولي المناضل قراقع من "منتدى العصرية":معاناة الأسرى الفلسطينيين دخلت مرحلة جديدة مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي قبيلتي عباد/ المهيرات وبني صخر / الزبن "أنصار الله" تعلن بدء استهداف السفن المتجهة لإسرائيل في البحر المتوسط إصابة 8 عسكريين سوريين بضربة إسرائيلية في محيط دمشق تواصل القصف العدواني الاسرائيلي والمقاومة ترد باتجاه محور نتساريم "الأطباء الأردنية" تنعى استشهاد عضوها د. البرش تعذيبا بغزة اتحاد العمال يطالب برفع الحد الادنى للاجور السلطات الامريكية تقمع بقوة احتجاجات الطلبة وفض اعتصام جامعة كولومبيا عالجوا انتهاكات حقوق العمال قبل أن تحتفلوا بعيدهم.! الملك يهنيء ابناء الوطن وبناته بعيد العمال نقيب المهندسين : الحاجة ملحة لمشروع نهضوي عربي ولي العهد يهنيء العمال بعيدهم الملك يؤكد ضرورة تطوير صادرات الفوسفات.. ويشيد بما حققته الشركة من نتائح الملك يستقبل بلينكن ويحذر من خطورة عملية عسكرية في رفح

د. محمد علي النجار يكتب:

أزمة المياه ... إلى متى؟ (2)

أزمة المياه ... إلى متى؟ (2)
إن الوضع المائي الحالي ، والأزمة المستمرة منذ سنوات ، تُحتم على المتخصصين والفنيين كل في موقعه ، المبادرة دون تكليف ، والمشاركة الفاعلة ، للبحث عن حلول واقعية وسريعة ، والتفكير خارج الصندوق ، والانتقال إلى الميدان ، والعمل الدؤوب ، بعيدًا عن التفكير التقليدي ، والعمل المكتبي.
ذكرتُ في القسم الأول من هذا المقال ، أن الحكومة أقرت بتاريخ 5/12/2009م الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه ، والأهم من ذلك ، أنه بعد إقرار واعتماد الاستراتيجية " أكدت الحكومة على ضرورة الإسراع في تنفيذها " إلا أن رحيل هذه الحكومة بتاريخ 9/12/2009م ، أي بعد أربعة أيام ، كان هو الأسرع ، ومن يومها إلى الآن .. ما الذي تحقق من هذه الاستراتيجية في هذا القطاع؟!.
لا شك أن هناك جهودًا بُذلت ، وإنجازات تحققت ، من الظلم أن نغض الطرف عنها ، إلا أن هناك من يتساءل: عن أي جهود تتحدث ، وعن أي إنجازات تتكلم؟! وهل حسن النوايا تصنع إنجازًا ، ونحن حتى هذه اللحظة ، لم نلمس تغييرًا إيجابيًا على أرض الواقع؟!.
فإذا كانت هذه الاستراتيجية القديمة لم تحقق على الأرض ما يمكن أن يلمسه المواطن ، فماذا عن الاستراتيجية الوطنية للمياه 2016-2025 التي وضعتها الحكومة في شهر ديسمير كانون الأول سنة 2015 ، ورحلت بعدها بأقل من ستة أشهر ، ثم جاءت بعدها أربع حكومات إلى الآن. والسؤال الذي يطرح نفسه بنفسه: ما الذي تم تحقيقه من هذه الاستراتيجية الجديدة ، بعد مرور ست سنوات عليها ؟ ولم يتبق لها سوى أربع سنوات؟!.
بعد نشر القسم الأول من هذا المقال ، تواصل معي بعض الأصدقاء ، ورسموا صورة للمعاناة مع المياه ، تتلخص في جملة واحدة (نتعامل بالتنكات منذ عدة أسابيع) ... ولم ينقل لي هذه الصورة مواطن كادح فقط ، بل أيضًا مواطن بمستوى باشا ، والجيد في هذا الأمر ، تلك العدالة التي اتسمت بها أزمة الماء التي لم تفرق بين كبير وصغير ، أو بين غني وفقير. ولكن ما الذي أوصلنا إلى هذا المستوى من المعاناة؟.
قد يتبادر للذهن أن زيادة عدد السكان ؛ هي السبب الرئيس الذي أدى إلى هذه الأزمة المائية ، ففي سنة 2000م كان عدد السكان في المملكة حوالي أربعة ملايين وثمانمئة وسبعة وخمسبن ألفًا ، فيما بلغ سنة 2010م ستة ملايين وستمئة وثمانية وتسعين ألقًا ، ثم قفز إلى تسعة ملايين وخمسمئة وواحد وثلاثين ألفًا سنة 2015م ، ثم ارتفع إلى عشرة ملايين وثمانمئة وستة آلاف نسمة في عام 2020م ، في غياب مصادر جديدة للمياه ، إلا أن هناك من يقول: إن أزمة المياه ليست جديدة على الأردن وهي ليست وليدة هذه السنوات القريبة ، بل تمتد لعدة عقود مضت ، ثم إن الأردن كغيره من الدول التي يزداد عدد سكانها ، وإن كانت قد أُثقلت بأعداد إضافية من اللاجئين.
وللحق فإن مشكلة المياه تكاد تكون مشكلة عالمية ، فالأرقام الصادرة عن البنك الدولي عام 2019م تشير إلى أن 2,2 مليار من سكان العالم محرومون من خدمات مياه الشرب ، وأن 4,2 مليار من سكان العالم لا تتوافر لهم خدمات الصرف الصحي ، وأن ثلاثة مليارات منهم لا تتوافر لديهم مرافق لغسل اليدين!!. إذًا فعدد غير قليل من دول العالم ، يعاني فقرًا مائيًا ، كما أن معظم الأقطار العربية ، تعاني من أزمة مائية غير مريحة ، كمصر التي هي هِبَةُ النيل ، أو العراق بلاد الرافدين حيث دجلة والفرات ، أو سوريا ، أو اليمن ذات الأمطار الموسمية الصيفية ، أو غيرها من الدول ، فمن الطَّبَعيّ والحال كذلك ، أن نعيش في الأردن أزمة مائية ، إلا أن المأساة لا تكمن في الأزمة بقدر تفاقمها مع مرور الزمن ، حتى نبدو وكأننا مكانك سر ، أو مكانك قف ، بل في حالة رجوع للخلف ، وكأننا نرى المشكلة فلا تحركنا بفعل ، ولا بردة فعل ، وإلا لماذا تزداد الأزمة حدة في الأردن عامًا بعد عام ، ونحن دون حراك ، وكأننا متفرجون على مأساة قوم آخرين.
فكم من اللجان على مدى العقود الماضية ، وكم من الاستراتيجيات ، وكم من الدراسات ، وكم من الاتفاقيات ، وكم من التوصيات ، وكم من المشاريع المبشّرة بالخير ، وكم من الوعود والتوقعات ، وكذلك كم من الانتكاسات وخيبات الأمل ، وكم من الحركة التي لا يتولد منها إنجاز ، والأهم الآن: كم من الوقت ، وكم من السنوات الإضافية نحتاج حتى يصبح الحلم حقيقة ، والأمنيات واقعًا ملموسًا ، فيتم ضخ المياه ، لتصل بأريحية إلى كافة أرجاء المملكة؟.
إن المتابع لما يصرح به المتخصصون والمسؤولون ، يكشف عن قصور في الأداء ، فدولة ممطرة مثل الأردن لا يمكن من الناحية النظرية أن يعطش سكانها ؛ حيث يبلغ معدل حجم الهطول المطري في حدود ثمانية مليارات متر مكعب سنويًا!!. فإذا تتبعنا المعطيات التي تقول: إن الأردن يستفيد من المياه المتساقطة على خمسة في المئة فقط من مساحته ، أما ما يهطل على المساحات الباقية فإنه يتبخر ، فسترتسم أمامنا علامات التعجب والاستغراب ، مهما كان تبرير الفنيين في هذا المجال. فعلى سبيل المثال ، بلغ حجم الأمطار عام 2017 حوالي 8,2 مليار متر مكعب ، تبخر منها حوالي 7,6 مليار متر مكعب فقط!!!. وهذا الحال ينطبق على السنوات السابقة واللاحقة.
وفي تقرير نُشر بتاريخ 18/7/2018م على موقع المملكة جاء فيه ، أن الأردن يستفيد من عشرة في المئة فقط من الأمطار سنويًا ، إذ يتبخر الباقي بشكل مباشر ، وجاء في التقرير: "وكاد الأردن أن يصل إلى حد الجفاف في الموسم المطري الماضي إذ لم تصل نسبة التخزين في السدود إلى النصف ، في وقت بلغت فيه نسبة الهطل المطري حتى نهاية أبريل نحو 6,34 مليار متر مكعب بحسب الوزارة". وبالرغم من هذه المليارات من المياه التي أنعم الله بها علينا ، يقول مسؤول في التقرير ذاته: إن الأردن يحتاج إلى 200 مليون متر مكعب على الأقل ، من المخزون المائي في السدود ، لتكفي احتياجات الشرب ، وري المزروعات ، والصناعة!!.
ويبدو أنه سواء هطلت الأمطار وكان حجمها ثمانية مليارات ، أو أقل أو أكثر ، فإن إجمالي ما يجمعه الأردن منها في جميع الأحوال ، يتراوح بين 400-600 مليون متر مكعب سنويًا في السدود والبرك والحفائر ، حيث تحتجز السدود الأربعة عشر 336 مليون متر مكعب ، منها ما قدره 37,62 مليون متر مكعب للشرب ، وهو رقم متواضع بالقياس بكميات الأمطار التي تشهدها الأردن.
إن الوضع المائي الحالي ، والأزمة المستمرة منذ سنوات ، رغم الأبحاث والدراسات ، والمشاريع والتوصيات ، والتخطيط والاستراتيجيات ، التي لم توصلنا إلى ما نتمنى ، ولم تحل لنا مشاكلنا ، يحتم على المتخصصين والفنيين كل في موقعه ، المبادرة دون تكليف ، والمشاركة الفاعلة ، للبحث عن حلول واقعية وسريعة ، والتفكير خارج الصندوق ، والانتقال إلى الميدان ، والعمل الدؤوب ، بعيدًا عن التفكير التقليدي ، والعمل المكتبي ، فالوطن ليس وظيفة مكتسبة ، ولا راتبًا نتقاضاه في نهاية الشهر ، إنه إحساس بالمسؤولية ، إنه العطاء المستمر ، والإخلاص بلا حدود ، والتضحية من أجله ، إنه أكبر من ذلك بكثير ... الوطن يناديكم فمن يلبي النداء؟.