ما تزال هند تنتظر!
ميسر السردية
لإسم هند بحد ذاته وقعه الخاص، إن لم يكن أجمل اسماء نساء العرب، فإنه ينافسهن دلالة وحلاوة و لفظاً ، وكم شمخت وانجبت وصمدت في غزة من هند وليلى وعبلة وبثينة ولبنى.
استغاثت الطفلة برجال الهلال الأحمر ، بعد أن قتل جنود الشيطان اسرتها في سيارتهم، لابد أن جزءا من جسد والدها قد مال على جسدها ، ولابد أن رأس أختها تدلى فوق كتفها، ولابد أن الدماء أغرقت ظفائرها، ولابد أنها ارتعدت خوفا من الدبابات، ولابد أن البرد والعطش حز وتين القلب الضعيف، ولابد أن عينيها ابتلعت بشاعة العالم القذر في المقعد الخلفي.
نضجت هند بثوان، فصارت امرأة تعرف بمن تستغيث، كجدتها التي استغاثت في سوق عمورية، وامعتصماه، وما يدريني لعل اسمها أيضا كان هند، ولعل هند الغزية حفيدتها الثالثة عشر.
لبى المعتصم الإستغاثة، فأرسل :"من أمير المؤمنين إلى كلب الروم أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي" واقتحمت الجحافل عندما كانت جحافل أمة، وعندما كانت الرجولة تأبى الهوان ، وحررت هند ... هل أجابك المعتصم؟! فقالت نعم.
لا استبعد أيضا أن رجال فريق الإسعاف الذي هب لنجدة هند، وآلاف الهندات طيلة الأربعة أشهر، هم كذلك من ذرية المعتصم، عشرات منهم استشهدوا، وعشرات ظلوا يقتحمون حقول الموت بصدور عارية، نتفرج عليهم وكأننا نشاهد فنتازيا في زمنٍ حقا صار كله فنتازيا.
اليوم ربطت على قلبي وسمعت أم هند. تبكي وتناشد، وتسأل وتبحث عن أية إجابة حول مصير طفلتها. تقول :كلما سمعت صوت سيارة إسعاف اقول يارب يارب يمكن هند...
هند يا أم هند، مثلنا كلنا، لا وزن لنا في حسابات العالم، نحن مجرد قصص وأرقام، نحن لسنا كالثلاثة جنود الأمريكان، الذين أثقل مقتلهم قلب أمريكا ، فحركت طائراتها تقصف وتقتل وتثأر، مع أنه لا ثأر لقاتل... قلوب أمتك يا أم هند ليست مثقلة، وهي ترى وتسمع، سيل الدماء غشي أعيننا، وتخثر على ألستنا، ونحن الذين ننتظر و نبكي معكِ كما ترين، لا معتصم ولا جحافل بيننا تهدد وتتوعد لتعيد لك هند، اللهم إلا جحافل كرة القدم... لدينا عركة على حكم المبارة.. انتظري حتى نرى لمن سيؤول الكأس.. بين كأس غزة وكأسنا ياسيدتي مرار وعار، لن يغفره التاريخ