أنقاذ نتنياهو وانهاء مرحلة كاملة


د حيدر البستنجي
القرارات المهمة في
اسرائيل يتم طبخها بتفاعل عاملين مؤثرين: الشارع الاسرائيلي او الرأي
العام و المؤسسة الامنية او الدولة العميقة وطبعا العامل الاهم هو الدولة
العميقة والتي تملك الأدوات الكافية للتأثير في الرأي العام وقياسه ونادراً ما
تصدم معه ففي النهاية الجمهور الإسرائيلي يلتف على دولته في القضايا المصيرية وعند
التهديد ويترك الأمور للمؤسسة الامنية وتأثيرها.
الساسة في اسرائيل نتاج
انتخابات ديمقراطية صحيح ولكن تشابك الأمني مع السياسي يجعلهم مربوطين بخيط خفي مع
الدولة العميقة بحيث يسير المركب بالرغم من التناحرات والأهواء الشخصية للساسة،
هناك مساحة للعب ولكن عند المصلحة العامة تجد الجميع يدورون في قرص واحد.
واليوم هناك في اسرائيل قضيتين تؤرقان كل
طبقات المجتمع والدولة العميقة وهما قضية التجنيد والموقف من غزة وهذة قضايا
مصيرية تهدد وحدة الدولة ومستقبلها ولا بد من حلها وتحتاج إلى شخصية قوية يمكنها
تمرير المطلوب جماهيريا دون الإضرار بمصالح الدولة العميقة ، سياسي يلعب على
الحبال كنتنياهو .
بالعودة إلى الموضوع
الفلسطيني وغزة بالتحديد ، هناك مصلحة امريكية حالياً باستثمار نتائج الحرب على
ايران بتغيير الشرق الاوسط وتكريس النفوذ الامريكي لعقود قادمة وهنا يحتاج ترامب
إلى إنهاء الحرب على غزة وتسريع عمليات التطبيع ، لكن امام هذه الخطوات عقبات
تتمثل في ما يمكن ان تقبله اسرائيل وما يمكن ان يقبله العرب ، عموما اسرائيل تريد
صفقة مؤقته في غزة وليس حسم الأمر، أقصى ما يمكن ان تقبله اسرائيل حاليا هو
فقط صفقة مؤقتة تعيد الاسرى الاحياء وتمنح غزة الهدوء الكافي لإلتقاط الأنفاس فقط
، نتنياهو يريد لقطة انتصار آخر بإعادة بعض الاسرى الاحياء يضيفها إلى رصيد حرب
ايران كي يخوض الإنتخابات القادمة بثقة الملك المخلص ولكن ينقصه قطعة صغيرة كي تكتمل
لوحة انجازاته ، الخروج من مأزق المحاكمات وقضايا الفساد وربما هذا ما سينجح ترامب
بتقديمه له من خلال الضغط على هيرتزوغ الرئيس الاسرائيلي لاصدار عفو عنه وهذا ممكن
بشرط الإقرار بالذنب ويمكن إنهاء القضية بشكل شكلاني دون محاكمات .
اذن يمكن إنقاذ نتنياهو لإتمام المهمة وهذا ما
تريده الدولة العميقة في أمريكا وبعدها سيتم التخلص من نتنياهو بشكل انيق فالشرق
الأوسط الجديد لا يحتمل الكثير من الوجوه الحالية وهناك لاعبون كثر سيتم التخلص
منهم ضمن صيرورة الصهر واعادة الانتاج الأمريكي، وعندما ينتهي نتنياهو سياسياً
سينتهي ليس كرئيس وزراء فحسب، بل كمرحلة طويلة دمرت ارث رابين ومشروعه لدمج
اسرائيل في المنطقة ، نهاية نتنياهو ستكون بداية عهد جديد في اسرائيل،
والانتخابات المقبلة بشكل مؤكد وعلى حسب التجارب السابقة والآليات الإدارية
ستكون تقريبا في الربيع القادم.
ولا غالب الا الله