"الغارديان" تحقق ببيانات سرّية لجيش الاحتلال: 83% من شهداء غزة مدنيون


أشارت
نتائج التحقيق إلى أنّ قاعدة البيانات الإسرائيلية صنّفت الضحايا بعد 19 شهرًا من
الحرب، لتكشف أنّ الغالبية الساحقة من القتلى مدنيون. في المقابل، ادّعى مسؤولون
عسكريون وسياسيون إسرائيليون أنّ عدد المقاتلين القتلى يبلغ 20 ألفاً، وهو ما
يتناقض مع البيانات الاستخباراتية ذاتها. وأفادت مصادر ميدانية بأنّ القيادة
الجنوبية للجيش سمحت في كثير من الحالات بتسجيل الضحايا كـ"مسلحين" دون
التحقق من هويتهم، ما يثير شكوكًا حول مصداقية الأرقام المعلنة رسميًا.
وقال
مصدر استخباراتي رافق القوات على الأرض: "يُوصف الأشخاص بإرهابيين بعد
وفاتهم"، مؤكداً أنه لو اعتمد على كلام ضباط الجيش في إحصاء عدد القتلى من
حماس لوصلوا إلى "200% من عناصر حماس في المنطقة".
وقال
يتسحاك بريك، الجنرال المتقاعد، إنّ الجنود الإسرائيليين يدركون أنّ السياسيين
يبالغون في تقدير عدد قتلى حماس. وأضاف بريك، وهو مستشار سابق لبنيامين نتنياهو في
بداية الحرب وهو الآن من أشد منتقديه، لصحيفة ذا غارديان: "لا علاقة إطلاقاً
بين الأرقام المعلنة وبين ما يحدث بالفعل. إنها مجرد خدعة كبيرة". كان بريك
قائداً للكليات العسكرية الإسرائيلية، وقال إنه ظل على اتصال بالضباط، وقال إنّ
"جنوداً من وحدة تحديد هوية الفلسطينيين الذين قُتلوا في غزة" أخبروه
بأنّ "معظمهم" مدنيون.
وتُعتبر
هذه النسبة العالية من الضحايا المدنيين إلى المقاتلين مرتفعة للغاية في الحروب
الحديثة، حتى بالمقارنة مع الصراعات المعروفة بالقتل العشوائي بما في ذلك الحربان
السورية والسودانية. ونقلت "ذا غارديان" عن تيريز بيترسون، من برنامج
أوبسالا لبيانات الصراعات (UCDP) الذي
يتتبع الخسائر المدنية حول العالم قولها إنّ "نسبة المدنيين بين القتلى
مرتفعة على نحوٍ غير معتاد، لا سيّما أن الحرب مستمرة منذ فترة طويلة".
وأوضح التحقيق أنّ النسبة المرتفعة للمدنيين بين القتلى في غزة لا
تضاهيها إلا حوادث إبادة جماعية كبرى، مثل مجزرة سربرنيتسا في البوسنة عام 1995،
والإبادة في رواندا عام 1994. ونقلت ذا غارديان عن خبراء حقوقيين وأكاديميين،
بينهم نشطاء إسرائيليون، أنّ استهداف المدنيين بشكل واسع النطاق وسياسات الحصار
والتجويع الممنهج ترقى إلى جرائم إبادة جماعية.
ورغم أنّ جيش الاحتلال لم ينكر وجود قاعدة البيانات، إلا أنّه شكك
في دقتها من دون تقديم بدائل أو أرقام واضحة، بل ورفض الإجابة عن أسئلة محددة
حولها.
وقالت
ماري كالدور، الأستاذة الفخرية في كلية لندن للاقتصاد ومديرة برنامج أبحاث
النزاعات، ومؤلفة كتاب "حروب جديدة"، وهو كتاب مؤثر يتناول الحروب في
حقبة ما بعد الحرب الباردة، إنّ "حجم القتلى يعود جزئياً إلى طبيعة الصراع،
إذ تقاتل إسرائيل حركة حماس في مدن مكتظة بالسكان، ووضعت قواعد اشتباك تسمح
لقواتها بقتل أعداد كبيرة من المدنيين في ضربات جوية"، وأضافت كالدور:
"في غزة، نتحدث عن حملة اغتيالات مستهدفة، في الواقع، وليس عن معارك، وتُنفذ
دون أي اكتراث بالمدنيين".