شريط الأخبار
"استعادة الأمل" والحملة الأردنية تطلقان برنامج الصحة والتغذية في غزة الفائز بمسابقة "يوروفيجن" لعام 2024 يعيد الكأس احتجاجا على مشاركة إسرائيل مليار دينار قيمة الشيكات المرتجعة في الأردن خلال 11 شهراً فلسطين تخرج من كاس العرب بخسارة مشرفة امام السعودية الزرقاء: وفاة اربعة اشخاص من عائلة واحدة اختناقا بغاز المدفئة شراكة بين العقبة الاقتصادية ونقابة المهندسين لتعزيز فرص تشغيل الشباب وفاة شخصين واصابة 3 بحادث سير بالكرك اردني عشريني يقتل والده في شيكاغو "النواب" يقر مشروع الموازنة العامة 2026 بعجو 2.1 مليار دينار غزّة… تغرق بالمطر كما غرقت بالدم مشعل: حماس تطرح هدنة طويلة لكنها لن تسلم سلاحها "النواب الامريكي" يلغي قانون "قيصر" عن سوريا.. وعدم التعرض لاسرائيل شرط لابقاء الالغاء الأونروا على مذبح الولايات المتحدة: فرض عقوبات وتجفيف مالي قد يصل لاعلانها "منظمة ارهابية" البنك المركزي يخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس اختلالات متراكمة بموازنة 2026 .. ولا جهود جادة للشروع ببناء اقتصاد وطني قادر تعمق المنخفض الجوي وترقب امطار غزيرة وسيول.. والامانة والامن يحذران الامطار والسيول تغرق خيم غزة.. والاحتلال يواصل اعتداءته وشهداء ومعاناة متواصلة لأول مرة في تاريخ سوريا.. تأسيس أول جمعية يهودية لـ”حماية الموروث اليهودي وترميم الكنس” الخواجا يحذر من التراجعات الكبيرة بملف الحريات العامة والتضييق على العمل الحزبي طبعا الاقل دخلا وأجرا.. الاردني الاكثر عملا من ناحية ساعات الانتاج

بناء الأردن من القاعدة إلى القمة: دمج الخبرة الإنشائية في الحوكمة المحلية

بناء الأردن من القاعدة إلى القمة: دمج الخبرة الإنشائية في الحوكمة المحلية


م. نبيل إبراهيم حداد 

 مستشار إنشائي

السياق

يشكّل قانون الإدارة المحلية رقم 22 لسنة 2021 نقطة تحول حاسمة نحو اللامركزية، حيث يمنح المحافظات صلاحية تصميم وتحديد واعتماد أولوياتها التنموية. فعلى مدى عقود، كانت عملية التخطيط والتمويل تدار من خلال نظام مركزي صارم في عمّان، وغالباً ما كانت احتياجات المحافظات الحقيقية مهمشة أو غير متوافقة مع واقع المجتمعات المحلية.

تَعِدُ اللامركزية بـ مزيد من الاستجابة، الشمولية، والمساءلة، لكنها تحمل أيضاً مخاطر في حال غياب القدرات الفنية والتمويل المستدام، مثل:

مشاريع غير مدروسة تُبنى على اعتبارات سياسية.

تجاوزات في التكاليف وتأخيرات نتيجة دراسات جدوى ضعيفة.

بنية تحتية دون المستوى بسبب ضعف الإشراف الفني.

تآكل ثقة الجمهور نتيجة هدر الموارد.

ولإنجاح اللامركزية، لا بد أن تكون مدعومة بـ خبرات فنية وآليات مالية مستقرة تمكّن المحافظات من تحويل الطموحات المحلية إلى إنجازات واقعية ومستدامة.

المقترح: مكاتب فنية في المحافظات (GTOs)

لضمان نجاح عملية اللامركزية، يُقترح إنشاء مكاتب فنية في المحافظات (Governorate Technical Offices - GTOs) تكون بمثابة العمود الفقري المهني لمجالس المحافظات.

الهيكل التنظيمي

كوادر من المهندسين والمخططين والمسّاحين واختصاصيي العقود.

يقودها مستشار إنشائي رئيسي.

ترتبط مباشرة بمجلس المحافظة مع التنسيق مع المجلس التنفيذي للمحافظ.

المهام

1. الدراسات والجدوى – ضمان أن تكون المشاريع مقترحة على أسس علمية، بتكلفة واقعية، ومتناغمة مع الخطط الشمولية.

2. المشتريات المعيارية – إعداد نماذج ومواصفات فنية لضمان الشفافية والامتثال.

3. الإشراف وضبط الجودة – العمل كممثل للمالك، اعتماد نسب الإنجاز، وتطبيق الأكواد والأنظمة.

4. مركز معرفة – بناء قاعدة بيانات للمقاولين والاستشاريين وتعميم أفضل الممارسات بين المحافظات.

 

تمويل اللامركزية: إعادة توجيه 25% من ضريبتي الدخل والمبيعات إلى المشاريع المحلية

لا يمكن أن تنجح اللامركزية دون تمكين مالي حقيقي. حالياً تعتمد المحافظات بشكل كبير على المخصصات المركزية، مما يحد من قدرتها على التخطيط بعيد المدى أو الاستجابة لاحتياجاتها بسرعة.

الحل الجريء والعملي هو إعادة توجيه 25% من ضريبتي المبيعات والدخل المحصلتين وطنياً إلى المحافظات، بحيث تُوزع وفق معايير عدد السكان وأولويات التنمية.

أثر إعادة توزيع الضرائب

تطوير المشاريع المحلية – تمويل مستدام للبنية التحتية مثل المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والمناطق الصناعية.

تعزيز الصناعات المحلية – تقديم دعم موجّه للقطاع الصناعي والزراعي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل محلية.

الحد من الهجرة نحو العاصمة – من خلال تحسين الخدمات وفرص العمل والبنية التحتية في المحافظات، يتم الحد من نزيف الكفاءات نحو عمّان.

تحفيز البلديات – ربط التمويل المركزي بمؤشرات الأداء (الانضباط المالي، إنجاز المشاريع، تحصيل الإيرادات المحلية) سيحفز البلديات على تحسين جودة الإدارة.

بهذا تصبح اللامركزية نظاماً مالياً مستداماً يمكّن الأقاليم من قيادة تنميتها بنفسها.

 

خطة التنفيذ المرحلية

المرحلة الأولى (0–12 شهراً): الإطار المؤسسي

وزارة الإدارة المحلية + نقابة المهندسين الأردنيين تضع الأطر والمعايير والأخلاقيات والإجراءات التشغيلية.

الاستعانة بخبراء معارين لتأسيس أولى المكاتب.

المرحلة الثانية (السنة 1–2): بناء القدرات والتجربة

إطلاق مكاتب فنية في 2–3 محافظات كنماذج أولية.

التعاون مع الجامعات في التدريب والدعم البحثي.

تخصيص جزء من إيرادات الضرائب المعاد توجيهها لتمويل مشاريع تجريبية.

المرحلة الثالثة (السنة 2–5): التعميم والإدارة بالأداء

تعميم المكاتب الفنية على جميع المحافظات.

تفعيل صيغة إعادة توجيه 25% من الضرائب بشكل كامل.

ربط المخصصات بأداء المحافظات: الانضباط المالي، جودة المشاريع، الأثر على التوظيف.

إشراك المانحين الدوليين (USAID، البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي) للتدقيق الفني والدعم المشترك.

 

الفوائد المتوقعة من ربط اللامركزية بالخبرة الفنية والتمويل

تصميم أفضل للمشاريع → تقليل التأخيرات والتجاوزات.

تمويل مستدام → مشاريع محلية دون انتظار الموافقات المركزية المستمرة.

إشراف أقوى → التزام بالكودات ومعايير السلامة.

مشتريات شفافة → الحد من الفساد وضمان المنافسة العادلة.

تنمية متوازنة → الحد من الضغط السكاني والاقتصادي على العاصمة عبر تحفيز نمو المحافظات.

ثقة الجمهور → رؤية نتائج ملموسة لإعادة توزيع الضرائب محلياً.

 

الخاتمة

اللامركزية ليست مجرد نقل لصلاحيات اتخاذ القرار من عمّان إلى المحافظات، بل هي تمكين فعلي للمجالس المحلية بالخبرات والموارد اللازمة لتحقيق نتائج ملموسة.

إن قانون الإدارة المحلية يوفّر فرصة تاريخية للأردن لربط الرؤية السياسية بالتنفيذ الفني والمالي. من خلال ترسيخ المكاتب الفنية في المحافظات وضمان إعادة توجيه 25% من ضريبتي المبيعات والدخل للمحافظات، يمكن ضمان أن تؤدي اللامركزية إلى بنية تحتية عالية الجودة، واقتصادات محلية أقوى، وتوازن سكاني أفضل بين المركز والأطراف.

هذه هي الطريقة لبناء الأردن فعلاً من القاعدة إلى القمة: عبر دمج اللامركزية السياسية، الرقابة الفنية الاحترافية، والتمكين المالي كأساس لتنمية مستدامة وبنية تحتية