شريط الأخبار
الاردن يدين العدوان الاسرائيلي على قطر قيادات حماس بالخارج تنجوا من قصف اسرائيلي لمقر اجتماعهم بقطر الملك يتقبل أوراق اعتماد عدد من السفراء حظر النشر في قضية "فارس الحباشنة" اسرائيل تواصل استباحة سوريا.. وقصف جديد على حمص واللاذقية حريق بسفينة رئيسية.. هل تسابق اسرائيل الزمن لعرقلة اسطول الصمود لكسر حصار عزة؟ الجغبير: تعديل أسس إيصال الكهرباء على حساب فلس الريف يدعم الصناعة الوطنية جيش الاحتلال يصعد قصفه الوحشي و"يأمر" أهل مدينة غزة بالهجرة مناورة جديدة صعبة التحقيق.. إسرائيل تعلن قبول مقترح ترامب..وحماس والوسطاء يخشون "أفخاخه" الأمانة: الأبنية القديمة غير ملزمة بوضع سارية للعلم الملك يزور مطار الملكة علياء ويطلق مشروعين جديدين رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا تربويا من مديرية التربية والتعليم المزار الشمالي ولي العهد يوجه إلى بحث استخدام التكنولوجيا لمعالجة الازدحامات المرورية العراق يثبت اردنيا حكما قضائيا ضد متهم أردني باختلاس أرصدة لهيئة الأوراق المالية ترامب يطرح صفقة جديدة لوقف عدوان غزة.. حماس جاهزة للتفاوض.. وهذه تفاصيل المقترح لقاء مرتقب وزير الخارجية السوري ووزير اسرائيلي: الاحتلال يريد جنوبا سوريا خاليا من جيش الجولاني والاسلحة الثقيلة اعلام اسرائيلي: حدث أمني صعب.. مقتل 4 جنود بانفجار عبوة بدبابة وإطلاق نار شمال غزة قراءة برلمانية لاداء المالية العامة للنصف الأول 2025 مرضى السرطان .. ينتظرون!! الحوثيون يواصلون دك الاحتلال الاسرائيلي بالصواريخ والمسيرات.. واصابة مباشرة لمطار رامون

بناء الأردن من القاعدة إلى القمة: دمج الخبرة الإنشائية في الحوكمة المحلية

بناء الأردن من القاعدة إلى القمة: دمج الخبرة الإنشائية في الحوكمة المحلية


م. نبيل إبراهيم حداد 

 مستشار إنشائي

السياق

يشكّل قانون الإدارة المحلية رقم 22 لسنة 2021 نقطة تحول حاسمة نحو اللامركزية، حيث يمنح المحافظات صلاحية تصميم وتحديد واعتماد أولوياتها التنموية. فعلى مدى عقود، كانت عملية التخطيط والتمويل تدار من خلال نظام مركزي صارم في عمّان، وغالباً ما كانت احتياجات المحافظات الحقيقية مهمشة أو غير متوافقة مع واقع المجتمعات المحلية.

تَعِدُ اللامركزية بـ مزيد من الاستجابة، الشمولية، والمساءلة، لكنها تحمل أيضاً مخاطر في حال غياب القدرات الفنية والتمويل المستدام، مثل:

مشاريع غير مدروسة تُبنى على اعتبارات سياسية.

تجاوزات في التكاليف وتأخيرات نتيجة دراسات جدوى ضعيفة.

بنية تحتية دون المستوى بسبب ضعف الإشراف الفني.

تآكل ثقة الجمهور نتيجة هدر الموارد.

ولإنجاح اللامركزية، لا بد أن تكون مدعومة بـ خبرات فنية وآليات مالية مستقرة تمكّن المحافظات من تحويل الطموحات المحلية إلى إنجازات واقعية ومستدامة.

المقترح: مكاتب فنية في المحافظات (GTOs)

لضمان نجاح عملية اللامركزية، يُقترح إنشاء مكاتب فنية في المحافظات (Governorate Technical Offices - GTOs) تكون بمثابة العمود الفقري المهني لمجالس المحافظات.

الهيكل التنظيمي

كوادر من المهندسين والمخططين والمسّاحين واختصاصيي العقود.

يقودها مستشار إنشائي رئيسي.

ترتبط مباشرة بمجلس المحافظة مع التنسيق مع المجلس التنفيذي للمحافظ.

المهام

1. الدراسات والجدوى – ضمان أن تكون المشاريع مقترحة على أسس علمية، بتكلفة واقعية، ومتناغمة مع الخطط الشمولية.

2. المشتريات المعيارية – إعداد نماذج ومواصفات فنية لضمان الشفافية والامتثال.

3. الإشراف وضبط الجودة – العمل كممثل للمالك، اعتماد نسب الإنجاز، وتطبيق الأكواد والأنظمة.

4. مركز معرفة – بناء قاعدة بيانات للمقاولين والاستشاريين وتعميم أفضل الممارسات بين المحافظات.

 

تمويل اللامركزية: إعادة توجيه 25% من ضريبتي الدخل والمبيعات إلى المشاريع المحلية

لا يمكن أن تنجح اللامركزية دون تمكين مالي حقيقي. حالياً تعتمد المحافظات بشكل كبير على المخصصات المركزية، مما يحد من قدرتها على التخطيط بعيد المدى أو الاستجابة لاحتياجاتها بسرعة.

الحل الجريء والعملي هو إعادة توجيه 25% من ضريبتي المبيعات والدخل المحصلتين وطنياً إلى المحافظات، بحيث تُوزع وفق معايير عدد السكان وأولويات التنمية.

أثر إعادة توزيع الضرائب

تطوير المشاريع المحلية – تمويل مستدام للبنية التحتية مثل المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والمناطق الصناعية.

تعزيز الصناعات المحلية – تقديم دعم موجّه للقطاع الصناعي والزراعي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل محلية.

الحد من الهجرة نحو العاصمة – من خلال تحسين الخدمات وفرص العمل والبنية التحتية في المحافظات، يتم الحد من نزيف الكفاءات نحو عمّان.

تحفيز البلديات – ربط التمويل المركزي بمؤشرات الأداء (الانضباط المالي، إنجاز المشاريع، تحصيل الإيرادات المحلية) سيحفز البلديات على تحسين جودة الإدارة.

بهذا تصبح اللامركزية نظاماً مالياً مستداماً يمكّن الأقاليم من قيادة تنميتها بنفسها.

 

خطة التنفيذ المرحلية

المرحلة الأولى (0–12 شهراً): الإطار المؤسسي

وزارة الإدارة المحلية + نقابة المهندسين الأردنيين تضع الأطر والمعايير والأخلاقيات والإجراءات التشغيلية.

الاستعانة بخبراء معارين لتأسيس أولى المكاتب.

المرحلة الثانية (السنة 1–2): بناء القدرات والتجربة

إطلاق مكاتب فنية في 2–3 محافظات كنماذج أولية.

التعاون مع الجامعات في التدريب والدعم البحثي.

تخصيص جزء من إيرادات الضرائب المعاد توجيهها لتمويل مشاريع تجريبية.

المرحلة الثالثة (السنة 2–5): التعميم والإدارة بالأداء

تعميم المكاتب الفنية على جميع المحافظات.

تفعيل صيغة إعادة توجيه 25% من الضرائب بشكل كامل.

ربط المخصصات بأداء المحافظات: الانضباط المالي، جودة المشاريع، الأثر على التوظيف.

إشراك المانحين الدوليين (USAID، البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي) للتدقيق الفني والدعم المشترك.

 

الفوائد المتوقعة من ربط اللامركزية بالخبرة الفنية والتمويل

تصميم أفضل للمشاريع → تقليل التأخيرات والتجاوزات.

تمويل مستدام → مشاريع محلية دون انتظار الموافقات المركزية المستمرة.

إشراف أقوى → التزام بالكودات ومعايير السلامة.

مشتريات شفافة → الحد من الفساد وضمان المنافسة العادلة.

تنمية متوازنة → الحد من الضغط السكاني والاقتصادي على العاصمة عبر تحفيز نمو المحافظات.

ثقة الجمهور → رؤية نتائج ملموسة لإعادة توزيع الضرائب محلياً.

 

الخاتمة

اللامركزية ليست مجرد نقل لصلاحيات اتخاذ القرار من عمّان إلى المحافظات، بل هي تمكين فعلي للمجالس المحلية بالخبرات والموارد اللازمة لتحقيق نتائج ملموسة.

إن قانون الإدارة المحلية يوفّر فرصة تاريخية للأردن لربط الرؤية السياسية بالتنفيذ الفني والمالي. من خلال ترسيخ المكاتب الفنية في المحافظات وضمان إعادة توجيه 25% من ضريبتي المبيعات والدخل للمحافظات، يمكن ضمان أن تؤدي اللامركزية إلى بنية تحتية عالية الجودة، واقتصادات محلية أقوى، وتوازن سكاني أفضل بين المركز والأطراف.

هذه هي الطريقة لبناء الأردن فعلاً من القاعدة إلى القمة: عبر دمج اللامركزية السياسية، الرقابة الفنية الاحترافية، والتمكين المالي كأساس لتنمية مستدامة وبنية تحتية