من الرؤى المحلية إلى السياسات الوطنية: ورشة عمل تبحث تحديات وحلول ترخيص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الأردن
فيما
تمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للاقتصادين الوطني والعالمي، تلعب
المشاريع الاقتصادية دوراً محورياً في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
كما تسهم في مكافحة الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل للنساء والشباب والفئات محدودة
المهارات، فضلًا عن كونها رافعةً للناتج المحلي الإجمالي وعنصرًا أساسيًا في دعم
الصادرات.
وفي
الأردن، تشكل هذه المؤسسات نحو 98% من إجمالي الشركات، ما يعكس أهميتها في البنية
الاقتصادية الوطنية ودورها المحوري في التمكين الاقتصادي حيث تساهم بما يقرب من
50% من الناتج المحلي الإجمالي في الاردن ، وتوفر حوالي 60% من فرص العمل.
في هذا
الإطار، عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، بالتعاون مع
التحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، يوم الإثنين 10 تشرين
الأول/ أكتوبر 2025، ورشة عمل بعنوان: "من الرؤى المحلية إلى السياسات الوطنية:
توحيد النتائج حول تحديات وحلول ترخيص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة”، وذلك ضمن
مشروع "نحو المستقبل: استكشاف فرص الاستدامة المحلية”.
وتأتي
هذه الورشة استكمالًا لسلسلة من الجلسات الحوارية الإقليمية التي عقدتها منظمة
النهضة العربية (أرض) وتحالف "جوناف” في محافظتي إربد والعقبة، بهدف بلورة رؤية
وطنية شاملة تستند إلى خبرات المجتمعات المحلية في مجالات الريادة والمشاريع
الصغيرة.
وهدفت
الورشة إلى بحث التحديات القانونية والإدارية والمالية التي تواجه المؤسسات
الصغيرة والمتوسطة على المستوى الوطني، والتوافق على توصيات سياسات موحدة تسهم في
إعداد مجموعة من الإجراءات السياسية الفورية وطويلة الأمد بشأن ترخيص هذه
المؤسسات، إلى جانب التأثير على السياسات الوطنية والمحلية من خلال إبراز النماذج
المحلية الناجحة التي يمكن البناء عليها لتحقيق التنمية المستدامة.
من
جهتها، أكدت لينا هلسة، مديرة مشروع "نحو المستقبل” في منظمة النهضة (أرض)، أن
الورشة تأتي في سياق الجهود المبذولة لتعزيز بيئة الأعمال المحلية وتمكين أصحاب
المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، باعتبارهم المحرك الأساسي للتنمية
الاقتصادية والاجتماعية في الأردن وتأتي هذه الجهود في سياق رؤية التحديث
الاقتصادي 2030، التي تهدف إلى تمكين القطاع الخاص وتحفيز النمو الشامل عبر دعم
ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة بوصفها ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
وتنسجم
أهداف الورشة مع محاور الرؤية، ولا سيما في مجالات الاستثمار والريادة وتمكين
المرأة والشباب، إذ تسعى إلى تحويل التحديات المحلية إلى توصيات عملية قابلة
للتطبيق تُسهم في تطوير بيئة أعمال أكثر شمولًا واستدامة. وبهذا، تشكل الورشة
نموذجًا عمليًا لنهج "من القاعدة إلى القمة”، الذي يربط بين الخبرات المجتمعية والسياسات
الاقتصادية الوطنية، بما يعزز من أثر برامج التمكين والتنمية المستدامة في الأردن.
وركزت
الورشة على جملة من المحاور، من أبرزها: رفع الوعي القانوني وتعزيز القدرات لدى
أصحاب المشاريع والأعمال، وتوحيد التعريفات وأنواع المشاريع بين الجهات الرسمية
والمؤسسات الداعمة، وتنسيق الجهود بين الوزارات ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك
والشراكة مع القطاع الخاص ضمن إطار المسؤولية المجتمعية لدعم المشاريع الريادية
والصغيرة والمتوسطة.
من
جانبه، أدار المستشار القانوني في منظمة النهضة (أرض) رامي قويدر جلسة الطاولة
المستديرة التي جمعت ممثلين عن الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء
تحالف "جوناف” من مختلف المحافظات، بهدف تبادل الخبرات واستعراض التحديات
الميدانية التي تواجه أصحاب المشاريع في عملية الترخيص.
وخلال
النقاشات، عرض ممثلو مجموعات العمل من أعضاء تحالف جوناف في الشمال والجنوب أبرز
التحديات التي تواجه أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والتي كان
من أهمها: التحديات القانونية والتشريعية والتي تحتاج الى تطوير وتحديث مستمر مثل
التشريعات التي تتعلق برخص المهن وما يرتبط بها من تعليمات وأنظمة، لكي تتوافق مع
طبيعة المشاريع الصغيرة والخدمات الإلكترونية والمبادرات الاجتماعية، مما يحدّ من
مرونتها وقدرتها على النمو، وتعقيد الإجراءات وتعدد الجهات المعنية بعمليات
الترخيص، وغياب "النافذة الواحدة” في أغلب المحافظات، ما يحدّ من سهولة وسرعة
الحصول على التراخيص، وارتفاع تكاليف الترخيص بالنسبة للمشاريع الصغيرة أو
المنزلية مقارنة بحجم الدخل المحدود، وتباين الرسوم بين المحافظات وغياب نظام
تسعير عادل للمشاريع المجتمعية، وأيضاً ضعف الوعي القانوني والإجرائي لدى أصحاب
المشاريع، وغياب برامج توعية مستدامة تشرح أهمية الترخيص وفوائده القانونية
والاقتصادية.
وفي
مداخلة للنائبة السابقة ميادة شريم، أوضحت أن هذه الورشة ” واحدة من أكثر النقاشات
التي حضرتها تنظيماً وتبصراً”، مؤكدة على دعمها في الوصول إلى صناع السياسات،
وخاصة داخل اللجنة التشريعية ولجنة ريادة الأعمال والاقتصاد، لمشاركة التوصيات
التي تم تطويرها خلال الجلسة والارتقاء بها.
بدورهم؛
أكد المشاركون أهمية بناء نظام وطني متكامل لتسهيل الترخيص واستدامة المشاريع
الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها رافعة للنمو الاقتصادي ومحفزاً لريادة الشباب
والنساء. ودعوا إلى تنسيق تعزيز التنسيق بين تحالف جوناف والجهات
المعنية لدعم الإطار التشريعي لرواد الأعمال. كما شددوا على ضرورة تبسيط الإجراءات
عبر منصة إلكترونية موحدة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل
المشاريع ضمن برامج المسؤولية المجتمعية. وأوصوا بـ حوافز وإعفاءات ضريبية
للمشاريع الجديدة، وبرامج تمويل وإرشاد لأصحاب المشاريع الناشئة، مع تصميم
المبادرات التنموية وفق احتياجات المجتمعات المحلية لضمان استدامتها.

























