في ظلّ التصعيد الحاصِل بعمليات المقاومة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، لوحِظ أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو ووزير أمنه، يوآف غالانط، وجّها أصابع الاتهام لإيران، وزعما في حديثٍ مُشتركٍ لوسائل الإعلام من مكان تنفيذ عملية الخليل مساء أمس الاثنين أنّ الحرس الثوريّ الإيرانيّ يقِف وراء مدّ المقاومة بالأموال والعتاد والسلاح، وأنّ حركة (حماس) هي المسؤولة بشكلٍ غيرُ مُباشرٍ عن العمليات الأخيرة، والتي وصفها قادة جيش الاحتلال بأنّها الأقسى منذ زمنٍ طويلٍ، فيما شدّدّ الخبراء في الشأن الفلسطينيّ على أنّ يجب جباية الثمن من الحركة حتى في قطاع غزّة، وفقًا لأقوالهم.

 وفي السياق عينه، وعلى خلفية تصاعد القلق الإسرائيليّ من حربٍ متعددة الجبهات، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة سابقًا، الجنرال بالاحتياط عاموس يدلين إنّه "مؤخرًا نُشر أنّ شعبة الاستخبارات العسكرية حذّرت رئيس الأركان من تآكل الردع الأساسيّ لإسرائيل في مواجهة أعدائها، وفي طليعتهم حزب الله”.

 وأضاف في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ ونقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، أضاف أنّه "حتى الفترة الأخيرة، كان التقدير أنّ حزب الله يبحث عن فرصةٍ لتحدّي إسرائيل، لكن من دون الوصول إلى حافة الحرب، التي يفضل الحزب الامتناع من خوضها، ويبدو أنّ هذا التقدير تغيّر على خلفية الانقلاب الدستوريّ في إسرائيل والدمار الذي ألحقه بالتماسك الداخليّ”، على حدّ قوله.

 ومضى الجنرال يدلين قائلاً إنّ "تحذير الجيش يشكل ذروة في مسار مستمر منذ عدد من السنوات للتآكل في الردع في مواجهة حزب الله. والدليل على هذا التآكل هو مبادرة نصر الله إلى التخطيط لهجوم غير مسبوق في تقاطع مجدو، بواسطة "مخرب” مسلح بعبوات وحزام ناسف، اجتاز الحدود من لبنان، بهدف القيام بهجوم كبير (أُحبط) في نيسان (أبريل)، وعدم منع حزب الله من إطلاق (حماس) صواريخ من الجنوب اللبناني، حاليًا، يهدد نصر الله بالرد على إسرائيل إذا حاولت إخلاء الخيمة التي نصبها في منطقة مزارع شبعا”، كما قال.

 وشدّدّ الجنرال الإسرائيليّ على أنّ "الردع تضرر في مواجهة حزب الله، والمطلوب من إسرائيل ترميمه لوقف سلسلة الاستفزازات التي يقوم بها الحزب، قبل أنْ تؤدي إلى تصعيد، وربّما إلى حرب. وكلّ البدائل تبدو سيئة: الاستمرار في ضبط النفس وتراجُع الردع إلى مستوى خطِر، وفي الموازاة، جسّ النبض للدخول في محادثات مع لبنان بشأن الحدود البرية؛ عملية محدودة لإزالة الخيمة، والتي من المتوقع أنْ تؤدي إلى رد؛ انتظار خطأ يرتكبه حزب الله والرد بعنف ضد مكونات قوته الأساسية، وهو ما سيؤدي إلى عدة أيام من القتال.

وجزم قائلاً إنّه "لا تزال الخطوة الأكثر فعالية لترميم الردع والحؤول دون التدهور خطوة غير عسكرية، وقف التشريعات القضائية المدمرة التي لا ضرورة لها”، طبقًا لأقواله.

ولفت يدلين إلى أنّه "في المقابل، يجب على رئيس الوزراء وقف تحميل الجيش المسؤولية كما فعل خلال النقاش الأخير في المجلس الوزاري المصغر، والتركيز على إرسال رسالة إلى نصر الله، يحذّره فيها من ارتكاب أخطاء مشابهة لتلك التي ارتكبها في سنة 2006”.

وتابع: "يجب أنْ يفهم نصر الله أنّ الاحتجاج في إسرائيل يتّم دفاعًا عن الديمقراطية والحصانة الوطنية في مواجهة التهديد الداخلي، لكن المجتمع الإسرائيلي سيدافع بقوة ضد أي تهديد خارجي. كما يجب على المواطنين اللبنانيين أنْ يدركوا أنّ حزب الله، بأوامر من إيران، يمكن أنْ يجر لبنان إلى دمار غير مسبوق”.

وخلُص يدلين إلى القول إنّه "يتعيّن على إسرائيل بلورة إستراتيجيّة تقوّض غطرسة نصر الله من خلال إدارة محسوبة للمخاطر، هدفها منع تصعيد واسع، لكن يجب عليها أنْ تكون مستعدة لمواجهته، إذا فُرض علينا. نصر الله الذي يعتقد أنّ في إمكانه السيطرة على التصعيد ويسمح لنفسه بالذهاب حتى النهاية، يجب أنْ يدرك أنّه يمكن أنْ يقع بعدها في الهاوية”، طبقًا لأقوال الجنرال يدلين.