ليست اشتباكات بل "حرب صامتة" على حدودنا الشمالية
ماجد توبه
فيما ينشغل
الاردن، قيادة وشعبا، بالحرب العدوانية الهمجية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني،
ويبذل كل جهوده الدبلوماسية والسياسية والانسانية والاعلامية لوقف حرب الابادة
الاسرائيلية في غزة والضفة، يجد - اي الأردن – نفسه في خضم معركة ساخنة وعدوانية
مع عصابات المخدرات المسلحة والمنفلتة من كل عقال على جبهته الشمالية والشمالية
الشرقية، ويدفع الشهداء والجرحى من قواتنا المسلحة البطلة، التي تذود عن حمى الوطن
بالغالي والنفيس.
معركة واسعة
وشديدة خاضها حرس الحدود طوال يوم الاثنين مع اعداد واسعة ومسلحة باقوى الاسلحة من
هذه العصابات الاجرامية وهي تحاول تهريب كميات كبيرة من المخدرات، ضمن تجارتها غير
المشروعة التي تستهدف الاردن ومنه الى دول الخليج العربي كسوق ضخم ومغري لمثل هذه
العصابات. وتوج سلاح الجو الملكي هذه المعركة بالاغارة –حسب ما سربته مصادر اردنية
لوكالة رويترز – على معاقل ومواقع العديد من هذه العصابات بالعمق السوري وقتل
واصابة مجرميها، وتحطيم املاكها.
كل الشعب الاردني
يقف خلف جيشه واجهزته الامنية في التصدي لهذه العصابات المجرمة التي تستهدف الامن
والاستقرار الاردني، ولدينا الثقة المطلقة بقدرة قواتنا المسلحة البطلة في احباط
كل المخططات الشيطانية ضد بلدنا، فلاردن بوحدة شعبه وقيادته وقواته المسلحة عصي
على كل الاطماع والاشرار وتجار الموت، ممن يستغلون حالة الانفلات والفوضى في
الجنوب السوري لتنشيط تجارتهم القاتلة بالمخدرات، حيث يستميتون ويستخدمون اقوى
الاسلحة لانجاح عمليات التهريب.
لن ندخل
بالتحليلات لمن يقف وراء تسهيل عمليات التهريب والاجرام بحق الاردن في الجانب
السوري، خاصة وان المصادر الرسمية الحكومية تتحفظ لحساباتها على التحدث ببعض
التفاصيل وتحديد الجهات التي تدعم عمليات التهريب الواسعة، وهو ما يسمح – وللاسف-
خلط الحابل والنابل في التحليلات.
لكن الثابت
بالنسبة لنا، وهو ما كان اكد عليه الاردن مرارا بصورة رسمية، هو ان ضعف سيطرة
الجيش السوري على الحدود مع الاردن بعد الحرب الاهلية الطاحنة هناك التي استمرت
اكثر من عقد، والانتشار الكثيف للجماعات المسلحة والميليشيات سواء المحسوبة على
النظام او تلك المحسوبة على المعارضة السورية المسلحة، وانتعاش تجار وفاسدي الحروب
في مثل الظرف السوري، كل ذلك يجعل جبهة الاشتباك مع عصابات التهريب للمخدرات
مفتوحة حتى اشعار اخر، وتتطلب من الاردن وقواته المسلحة الضرب بيد من حديد على
هؤلاء المجرمين الذين باتوا منظمين كمافيات امريكا اللاتينية.
وكان الاردن التقط
منذ سنوات بدايات حل هذه المشكلة ومشكلة تصدير الارهاب ايضا من الساحة السورية،
فطرح وسار في مبادرات عربية ودولية لاعادة تاهيل النظام السوري ووقف الحرب
الداخلية والحفاظ على الدولة السورية والدفع باتجاه اعادة اللاجئين السوريين لارض
وطنهم، وقد حقق الاردن انجازات سياسية ودبلوماسية مهمة على الجبهة العربية في هذا
السياق خلال العامين الاخيرين، لكن العراقيل والاحباط لاكتمال هذه المبادرات
المهمة كانت تتحطم على صخرة الاصرار بعدم اغلاق الملف السوري وابقائه مشتعلا وتشديد
الحصار والعزلة على سورية، وعرقلة الجهود الاردنية والعربية لاحداث اختراق في حل
هذه الازمة، التي لم تستنزف سوريا فقط بل كل المنطقة وعلى راسها الاردن ودول
الجوار.
قد يتوهم بعض
المجرمين والعصابات ان الاردن ستشغله تداعيات وتطورات الحرب العدوانية على الشعب
الفلسطيني، وما يقوم به من جهود كبيرة سياسيا ودبلوماسيا واغاثيا تجاهها، عن حدوده
مع سورية وان تتمكن هذه العصابات من فتح ثغرات لتنشيط عملياتهم الاجرامية وتجارتهم
القاتلة، لكن كل ذلك مجرد اوهام، يرد عليها التصدي البطولي لقواتنا المسلحة
والهزائم اليومية التي تلحقها بهم كما حدث يوم الاثنين وفي اكثر من اشتباك كبير
قبلها.