قراءة في قصف "البرج 22" والخيارات الأمريكية
ماجد توبه
كل يوم يمر على استمرار العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة في ظل دعم الولايات المتحدة المفتوح للكيان كلما غرقت امريكا اكثر في مستنقع الشرق الاوسط، وفرض عليها التعامل مع تحديات امنية وعسكرية اوسع نطاقا، لن يكون اخرها مقتل ثلاثة جنود امريكيين واصابة 30 في قاعدة امريكية على الحدود الاردنية السورية.
مقتل الامريكيين الثلاثة كان الاقسى خسارة للولايات المتحدة منذ بدء العدوان وحرب الابادة في غزة، وجاءت العملية رغم سعي ادارة بايدن لاحتواء امتدادات الصراع من غزة الى جبهات اخرى في لبنان وسورية واليمن والعراق وايران، فرياح التصعيد والانفجارات لا تسير كما تشتهي السفن الامريكية.
التصعيد الجديد ضد القوات الامريكية كان محط تحذير واسع من قبل الاردن وغيره من دول، فالنار المشتعلة بغزة والتواطؤ الامريكي والغربي مع العدوان فتح ويفتح ابواب الاشتعالات والانفجارات في الاقليم والتي لا يمكن توقع مدياتها، وان أس المشكلة وامكانية انفجار حرب اقليمية واسعة هي في غزة، وما تتعرض له من حرب ابادة غير مسبوقة.
الجبهة اليمنية والتصعيد في البحر الاحمر كان خارج حسابات الولايات المتحدة، او على الاقل بهذه الصورة، ما اثر على التجارة العالمية وسط محدودية الخيارات الغربية تجاهه، لياتي حادث البرج 22 الاحد ليفاقم المازق الامريكي، ويزيد التوتر وافاق التصعيد في اقليم يغلي، في ظل توقع رد امريكي شديد على الحادث وسط حسابات دقيقة تخشى في الوقت ذاته من اندلاع حرب اقليمية واسعة، تجد فيها الولايات المتحدة نفسها غارقة فيها وهي لم تنته بعد من الحرب والاستنزاف في اوكرانيا وغزة، وتتوقع الاسواء في الصراع مع الصين بالمرحلة المقبلة.
المتوقع اليوم ان الولايات المتحدة ورغم قساوة الضربة التي تلقتها في القصف الاخير، لا ترغب وستكون حريصة على عدم اتساع ردها ليشعل الحرب مع ايران، وستكتفي كما هو متوقع بضربات جراحية وعمليات اغتيال سرية وقصف محدود لكن شديد للجهات التي تبنت العملية، الا انها ستتجنب الذهاب الى حرب شاملة كما ترغب اسرائيل ونتنياهو.
من جهته، فان سؤالا ظهر بعد تنفيذ القصف ضد الموقع الامريكي عن موقف الاردن واحتمالات رد الفعل الاردني. اعتقد ان الاردن، الذي وصف الحادث بـ"الارهابي" واعلن تضامنه مع امريكا، لن يتجاو هذا المقدار من رد الفعل، ولن يكون مضطرا الى اتخاذ اجراءات عسكرية ردا على الهجوم، فالقضية امريكية اكثر والرد المرتقب سيكون امريكيا.
الراهن، ان هذا التصعيد الجديد الذي خلف ضحايا امريكيين مباشرة، مضافا اليه التصعيدات الاخرى في الاقليم كلها تصب في الضغط على الولايات المتحدة بضرورة مراجعة دعمها المفتوح لاستمرار العدوان على غزة وتاييد رفض وقف اطلاق النار، فكل من صعد في جبهات لبنان واليمن وسورية والعراق وحتى الضفة الغربية المحتلة، ربط وقف هذا التصعيد بوقف العدوان على غزة، ما سيحصر خيارات ادارة بايدن.. اما الانجرار وراء انفجار الاقليم كله والتورط امريكيا اكثر في ناره وإما استدارة ضرورية باتجاه اجبار اسرائيل على وقف عدوانها على غزة، والخروج بتسوية مقبولة للفلسطينيين من دائرة النار المشتعلة.