شريط الأخبار
أمانة عمان تطلق جائزة حبيب الزيودي للأدب للدورة الخامسة ولي العهد يستذكر أول قمر صناعي أردني ويشيد بشبابنا المبدع وفاة طفل وإصابة 7 بحريق منزل في ضاحية الأمير حسن الصفدي يلتقي رئيسيْ مجلسيْ العموم واللوردات البريطانيين غرف الصناعة تثمّن قرار الحكومة اعتماد أسس جديدة لمنح المستثمرين الجنسية الميثاق الوطني: لا سيادة للاحتلال على أرض فلسطين العيسوي: الرؤية الملكية تفتح أبواب الأمل والعمل غرفة صناعة الأردن: الصناعات التحويلية تسجل أعلى معدل نمو ربعي منذ 17 عاما مشروع خفي لإسرائيل يثير مخاوف مصر والأردن".. ماذا تخبئ تل أبيب بالاتفاق مع أمريكا بعد ضرب إيران؟ الأعلى بحصيلة قتلى الاحتلال: مقتل 20 ضابطًا وجنديًا وإصابة العشرات بحزيران صفقة جديدة لغزة يبشر بها ترامب.. مصر وقطر ستقدمها واسرائيل قبلتها بانتظار موقف حماس وفاة ثلاثة اطفال اردنيين واصابة الوالدين بحادث سير بالسعودية النيابة العامة تحظر النشر بقضية التسمم الكحولي رئيس أركان إسرائيل في ظل حديث “التطبيع”: سوريا تفككت تحقيق رويترز: عصابات إرهابية لنظام الجولاني قتلت 1500 من الطائفة العلوية خلال 3 أيام اليمنيون يدكون مطار بن غوريون بصاروخ واهدافا حساسة اخرى بمسيرات الجيش يحبط تهريب كميات كبيرة من المخدرات القادمة من الشمال العيسوي: الأردن ثابت أمام العواصف والرؤية الملكية تصنع من التحديات فرصًا توجيه تهم القتل والشروع به والتدخل به لـ 25 مشتبها بقضية التسمم الكحولي الامن والغذاء والدواء تنشران اسماء المشروبات الكحولية السامة لتجنبها

الشيخة .. بين النرجسية .. والتقاليد .. والتجديد .. والإستجداء .. والأصالة

الشيخة .. بين النرجسية .. والتقاليد .. والتجديد .. والإستجداء .. والأصالة

 

عوض ضيف الله الملاحمة

 

كتبت هذا المقال قبل عدة شهور  ، عندما قرأت خبراً مفاده ((  ان المستشارية العشائرية في الديوان الملكي توقفت عن منح لقب ( شيخ ) حتى إشعارٍ آخر )) . تأسفت كثيراً لهذا السعي المحموم للفوز بلقب شيخ ، واعتقد ان غالبية من تقدموا ، لا يعرفون متطلباتها ، ومواصفاتها ، وانها لا تُستجدى . واعتبرت ان الموضوع لا يستحق الكتابة والنشر ، في ظل ظروف الحرب على غزة

 

الا ان ما نُشِر  مؤخراً  من ان ( ١٨٩,٠٠٠ ) أردني تقدموا للحصول على لقب شيخ من مستشارية العشائر . أدركت اننا نعيش حالة من التردي وبتنا نعشق الإستجداء ، وإستمراء التذلل ، وحبّ الرياء ، وان هذا يعكس تشويهاً مجتمعياً سيئاً  ، مما يستدعي وقفة تحليلية علمية إجتماعية لتقصي الإختلالات المجتمعية التي أدت الى إنتشار هذا الداء المجتمعي

 

وهنا أقتبس من منشور رائع تداولته مواقع التواصل الإجتماعي . حيث بينت الدراسة انه لو تم منح هذا العدد الضخم لقب شيخ ، فانه يُصبح لكل ( ٤٩ ) مواطناً  أردنياً شيخاً  . 

 

ما هذا الإنحدار ؟ وما هذا السعي المحموم  السخيف لحب الظهور ، والإستعراض ، والرياء ؟ ما هذا الحب العجيب للحصول على لقبٍ لا يشبههم ، ولا هم أهل له ؟ لقب شيخ لا يرفع قدر الا من كان كبيراً بتملكه صفات الشيخ الحقيقي الذين إفتقدناهم الا بضع عشرات من الشيوخ الفعليين الرجال الرجال ، الذين يعرفهم  الشعب الأردني في فك النشب وادارة القضاء العشائري بتمكن ، وتميز ، وإقتدار .

 

حسناً فعلت مستشارية العشائر عندما توقفت عن منح لقب ( شيخ ) الى إشعارٍ آخر .لكنني أرى ان ذلك المرض المجتمعي يستوجب إستئصالاً لأسبابه . وعليه فإنني أقترح على ملك البلاد ان يُلغي منح لقب ( شيخ ) ، الا وفق ضوابط وشروط وفي حدود ضيقة وصارمة جداً . لأسباب عديدة منها :— أن من يتصف بموصفات الشِيخة لا يحتاج لأن توهب له . لأن بيئته المحيطة ، وما ورثه جينياً عن والده وأجداده تؤشر عليه من بين الجموع ، ويظهر ذلك في منطوقه ، ومعرفته الدقيقة للعادات والتقاليد وتمكنه من معرفة الأعراف الأردنية والقضاء العشائري .  أما تسامحه ، وكرمه ، وعِزة نفسه ، ورفضه للإستجداء ، وترفعه ، وتسخيره كل إمكاناته وقدراته ووقته لفك النشب بين الناس . لان الشيخ الفعلي يهب دون ان ينتظر العطاء من أحد

 

سمعنا كثيراً عن تصرف بعض الشيوخ الحقيقيين أيام الملك حسين رحمة الله عليه . فعندما يدعوه أحد الشيوخ الأصلاء لتناول طعام الغداء او العشاء في بيت ذلك الشيخ ، كان من لطف و سخاء  الملك حسين ان يأمر بصرف مبلغ يغطي تكاليف الدعوة ويزيد . لكن بعض الشيوخ الذين شيختهم موروثة بجدارة واستحقاق ، إعتذروا بشدة وإصرار

 

يبدو ان الشِيخة هي آفة العصر في الأردن. من كثرة الساعين اليها ، والباحثين عنها — وهم ليسوا أهلاً لها ، وإلا ما كانوا إستجدوها — ولو على حساب كرامتهم ، دون ان يعرفوا متطلباتها ، والمواصفات الواجب توافرها في الشخص حتى يستحق ان يُمنح لقب ( شيخ ) هذا المسمى الإجتماعي الجذاب

 

الشِيخة الفعلية ليست لقباً يُمنح ، أبداً . الشيخة أفعال ، وأغلب متطلباتها ، ومواصفاتها جينية بحتة . هناك مثل شعبي أردني يقول بما معناه : (( اللي ما ورث العباءة او ( البِشّتْ ) عن أبوه ، لا يرتديه )) . 

 

من يسعون للشيخة الزائفة — التي هم ليسوا اهلاً لها — هل يعرفون كيف تُنسج العباءة ؟ وهل يعرفون انواع العِقال ؟ وهل يعرفون كيف يتم لبس العقال حسب الأصول ؟ وهل يعرفون كيف تُلف العباءة على جسم من يرتديها ؟ 

 

إرتدى العرب العِقال منذ القِدم ، وكان أبيض اللون . وغيّر العرب لونه الى الأسود حِداداً على سقوط الأندلس عام ١٤٩٢ م

 

كانت الشيخة في الأردن تحديداً  تُمنح بتوجه  شعبي ، جماهيري ، عشائري ، وقبلي ، ولا توهب بقرار من أية جهة . الشيخة ليست لقباً يُمنح . الشيخة موروث جيني ، يعزز بالمكتسب الجزل ، لمن لديه القدرات ، والإمكانات لإثراء شخصه ليصبح شخصية مجتمعية مرموقة ، يتنادى ( ربعه ) من أبناء قبيلته ليوكلوا اليه مهام ومسمى الشِيخة .  

 

هناك صفات ومواصفات يجب توافرها في الشخص ، لتتنادى به قبيلته والقبائل المجاورة لتنادي به شيخاً . لأن الشيخة لا توهب ولا تُمنح . الشيخة تفرزها صفات ومواصفات ليتنادى الناس ويطلبون من ذاك الشخص المميز ليكون شيخاً . رغم انه لا يمكن تحديد كل الصفات والمواصفات للشيخة الا انني سأذكر بعضاً  منها ، لانه لا يمكن الإحاطة بها كلها ، ومنها : بداية لا بد للشيخ الا ان يكون كريماً ، مُهاب الجانب ، صادقاً ، مترفعاً عن التوافه ، متسامحاً ( تغبى فيه الزلِّه ) ، يصعب ان لم يستحل إستفزازه ، بسبب رحابة صدره ، وترفعه عن سفاسف الأمور ، وان يحترف ويعشق إصلاح ذات البين ، ولا بد للشيخ الا ان يكون بيته مفتوحاً في كل الاوقات ولكافة الناس ، كما يجب ان يتصف الشيخ بمواصفات الرجولة كلها ، من جرأة ، وإقدام ، وشجاعة في القول والفعل ، وان يكون مقتدراً مادياً ، وان يكون كافة افراد عائلته مرحبين بالضيوف ، متسامحين ، معطائين ، كرماء ، لديهم جَلد وطاقة لتحمل الآخرين وتلبية حاجاتهم . الشيوخ  الفعليين ينذرون أنفسهم واموالهم ، ووقتهم ساعين ( لفك النشب ) بين المتخاصمين من الناس

 

رأى الملك فيصل ملك العراق بيت شَعر في صحراء العراق ، وذهب اليه . وعندما وصل ووجد صاحب البيت ، قال له الملك هل تعرفني ؟ قال صاحب البيت لا والله ما اعرفك ، لكن حق  الطُرقيه  على المعازيب . فقال : انا الملك فيصل ملك العراق . قال الرجل : والله ما دام انك الملك فيصل لي طلب عندك . قال له الملك : انا الملك واطلب عِزّك . فقال الرجل : ما دامك الملك فيصل ، والله جابك لي : انا أبي الشيخة على اولاد عمي ، وما قويتهم . قال له الملك : هل تعرف معنى شيخ ؟ قال الرجل : لا والله يا طويل العمر ، فقال الملك فيصل كلمة شيخ من ثلاثة حروف : — 

ش : شيمتك بين ربعك

ي : يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر 

خ : خادم لربعه مش سيد عليهم

 

وأختم وأقول مُكرراً دعوتي لملك البلاد ان يُصدِر أمراً ملكياً بوقف التقدم بطلبات للحصول على لقب شيخ ، نهائياً . وان يتم منح لقب شيخ بأضيق الحدود ، وفق إستقصاء تقوم به مستشارية العشائر ، بالتشاور مع المحافظين . وان يتم وضع شروط ومواصفات دقيقة وصارمة لمنح لقب شيخ . حتى يتم إيقاف هذه المهزلة المُشينة المُسيئة للوطن ، وللقب إجتماعي عزيز ، يجب ان لا يفوز به الا من يستحقه ، ليكون قادراً على القيام بدوره المجتمعي المطلوب بكفاءة وإقتدار . لانه يفترض ، أصلاً ان الشعب الأردني المتحضر المتعلم قد تجاوزها كثيراً .