حرب التحرير .. باتت .. معروفة المصير


عوض ضيف الله الملاحمة
على كل ذِي لُبّ من
العرب ان يدرك انه لا يوجد اي قطر عربي لدية الإمكانات ، والاستعدادات ، والرغبة
لخوض حرب لتحرير فلسطين بالمطلق ، لا فرادى ، ولا جماعات ، ولا أنظمة .
لذلك على المدى المنظور
، والبعيد علينا ان ندرك انه لن يكون هناك موقفاً او توجهاً عربياً موحداً لتحرير
فلسطين ، لأسباب عديدة أذكر الممكن منها ، وهي :—
١ )) تخلي النظام الرسمي العربي بمجمله عن القضية
الفلسطينية . وهذا الموقف غير قابل للتغير الإيجابي ، على المدى المنظور على الأقل .
٢ )) ان الموقف العربي ، ليس موقفاً آنياً ،
ولا يحكمه ظرفاً معيناً نرتجي تغيره.
٣ )) تخلي النظام العربي الرسمي عن سيادته ،
واستقلاله ، وإتخاذ قرارته ، وإرتباطه الوجودي العضوي بالدول المستعمِرة .
٤ )) نزع أنياب ومخالب كافة الأنظمة العربية ،
وإبقائها تابعة.
٥ )) تغير عقيدة الجيوش العربية ، وهيكلتها ، وعدم
تحديث اسلحتها ، وحصر تدريباتها القتالية على عمليات محدودة ، تصلح لفض النزاعات
وحالات الاضطرابات الوطنية التي تعجز عنها أجهزة الشرطة .
٦ )) تخفيض أعداد الجيوش العربية حيث تم تخفيض
أعدادها لتتناسب مع محدودية متطلبات مهامها الجديدة ، التي ليس من
ضمنها مواجهة العدو الصهيوني . معتقداً ان بعض الجيوش العربية قد غيرت عقيدتها
القتالية تماماً.
٧ )) غياب التحديث التكنولوجي المتقدم لتلك الجيوش ،
وعدم تملك أدوات الحرب الالكترونية التي تهتم بها جيوش العالم المتقدم الآن .
وإعتماد العديد من الأنظمة العربية على إقامة قواعد عسكرية أجنبية على
أراضيها ، معتقدة انها يمكن ان تحميها.
٨ )) إقتداء النظام الرسمي العربي بالسلطة الفلسطينية
وتفريطها في قضيتها — واعتبارها نموذجاً من المنطق ان يحتذى — كونها صاحبة القضية
، الا أنها تنبذ المواجهة مع العدو ولا تفكر في المقاومة ، وانحسر ، وانحصر دورها
في التنسيق الأمني مع العدو ، وتنفيذ مخططاته .
٩ )) إرتباط الأنظمة العربية والعديد من الأقطار
العربية بمصالح إستراتيجية مع العدو الصهيوني .
١٠ )) إقدام العدو على عمليات قتل وتهجير للفلسطينيين
، مع تدمير وإبادة بدعم غربي وعربي منقطع النظير .
١١ )) إنتهاج السلطة الفلسطينية آليات لإضعاف وإنهاك
المقاومة بالداخل الفلسطيني . وها هي قد حققت نجاحات ملحوظة .
١٢ )) إنغماس ، وإنشغال الفلسطينيين في الشتات بحياتهم
الخاصة ، وسعيهم وراء حياة الرفاهية ، وعدم إستعدادهم لتقديم أية مساعدات حقيقية
مؤثرة تدعم المقاومة في الداخل.
١٣ )) نجاح السلطة الفلسطينية في تدجين نسبة كبيرة من
الفلسطينيين في الداخل وربط مصالحهم الشخصية ، ولقمة عيشهم بالسلطة وتماشيهم مع
سياساتها.
١٤ )) إنهاك العائلات الفلسطينية التي تعيش في الداخل
، والتي ما زال لديها انتماء للقضية ولديها إستعداد لتقديم التضحيات ، وهذا
الإنهاك وصل درجة انهم لا يقوون بعدها على الإستمرار في النضال ، ويتمثل ذلك
الإنهاك بأشكال عديدة منها : تقديم تضحيات جسام من إبنائها كشهداء ، والتضييق
عليها حياتياً ومعاشياً.
١٥ )) تسليح العدو للمستوطنين باسلحة حديثة فتاكة لقتل
الفلسطينيين في الداخل ، وقيام المستوطنين بهجمات موجعة على الفلسطينيين في الداخل
سواء بالقتل او تدمير القرى ، او إقتلاع الأشجار التي تسد رمق العائلات الفلسطينية
في الداخل . يضاف لها هدم البيوت ، والإجراءات العقابية الكارثية على من يخالف من
فرض غرامات باهظة لا يقوى على دفعها الفلسطيني في الداخل .
١٦ )) التضييق الشديد على الفلسطينيين المقيمين في
فلسطين التي تم احتلالها عام ١٩٤٨ بأشكال وأساليب عديدة ، مما أجبر الكثيرين على
التخلي حتى عن فكرة مساندة المقاومة . بل وصل الأمر لدرجة إنخراط اعداد من
الفلسطينيين في الداخل للعمل في جيش الإحتلال .
١٧ )) إستمرار أُحادية القطبية التي ما زالت تحكم
العالم ، وسيدتها أمريكا ، رغم ظهور بوادر إنحسار للتفرد الأمريكي ، لكن حتى لو
انحسرت أُحادية القطبية فان الدول المرشحة بتعاظم دورها الدولي كالصين وروسيا لن
تلعب دور المغامر المساند للقضية الفلسطينية ، على الأقل قبل إثبات دورها الفاعل
دولياً
.
١٨ )) إقبال الفلسطينيين في المهجر على التجنس بجنسيات
غربية بالذات ، مما أضعف إرتباط أبنائهم من الجيل الثاني والثالث بالقضية وحتى
بالعرب والعروبة عامة.
١٩ )) إنحسار المدّ القومي ، والفكر القومي بشكل كبير
، الذي يعتبر الفكر المغذي لدعم القضايا العربية بعامتها .
٢٠ )) الفكرة الإنهزامية التي تغلغلت بين القيادات
الفلسطينية بعامتها حيث يؤمنون بأنهم ناضلوا لعقود طويلة من الزمن ، ولأنهم كبروا
وشاخوا في اعمارهم إقتنعوا بأن من حقهم الخلود الى الراحة والتمتع بنعم الحياة .
٢١ )) المنظمات الفلسطينية مالت الى تأليه تلك
القيادات ، لذلك لم يحدث تجديد لدماء تلك المنظمات ، وتم إغفال دور الشباب لبث روح
النضال في تلك المنظمات ، فأصبح الموت هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتغيير تلك
القيادات.
٢٢ )) إرتباط غالبية القيادات الفلسطينية بعلاقات
شخصية وحتى عائلية مع كبار قيادات الكيان ، وعزز تلك العلاقات الشخصية المصالح
الفردية المتبادلة.
٢٣ )) إنحسار أعداد جيل المناضلين العرب الذين يؤمنون
بعدالة القضية الفلسطينية ومركزيتها سواء بسبب الموت ، او بسبب كِبر السِن .
٢٤ )) تجهيل ، وتسطيح فكر الشباب العربي الممنهج
، وإلهائهم بقشور الحياة ومُتعها ، بسن سياسات غريبة خبيثة منذ ثمانينيات القرن
الماضي.
٢٥ )) ظهور قناعات لدى الغالبية من جيل الشباب محورها
ان أجيال مواليد الأربعينيات وحتى الثمانينات من القرن الماضي ، هم أجيال الهزائم
— وقد صدقوا — متحججين بأن تلك الأجيال لم تحقق شيئاً لا على مستوى القضية ولا على
المستوى القطري ، وعليه فإنهم لا يعتبرون تلك الأجيال قدوة تحتذى في مسيرتها .
٢٦ )) صعوبة الحياة ، وغياب العدالة ، وضنك العيش ،
وندرة فُرص العمل ، وانفلات أسعار السلع ، وتوحش الغلاء وغيرها من المشاكل
والصعوبات الإجتماعية أدت الى عزوف الشباب عن الهمّ العام ، والإغراق في الفردية
والبحث عن المصلحة الشخصية بغض النظر عن الوسيلة ، مما إدى الى إنحطاط القيم
وتمركز الفردية.
٢٧ )) ومن الأسباب الهامة اننا نعيش في زمنٍ رديء ،
أصبحت فيه العروبة تهمة ، بدل ان تكون فخراً للشخص ، وعزاً للأمة .
٢٨ )) التخلي المعيب ، والمجاهرة القبيحة من قبل بعض
القيادات الفلسطينية عن القضية . وللتدليل اليكم ما صرح به / حسين الشيخ نائب رئيس
السلطة : {{ في السياسة لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم ، والإسرائيليون اليوم (
أصدقائنا ) و( اخواننا ) ولن نتخلى عنهم في مواجهة ( إرهاب حماس ) ( سنقاتل معهم )
حتى آخر عنصر من أبناء الأجهزة الأمنية ، وأبلغنا بلينكن بذلك من أول يوم في الحرب
}} . بعد هذا الكلام الخياني المُعيب ، هل بقي أمل !؟
ونستنتج مما جاء اعلاه
انه لا أمل في التحرير . وإن الإستعباد تجذر بدل التحرر . وان مصير
التحرير ذهب أدراج الرياح ، على الأقل على المدى المنظور .
وحتى أُخفف من جُرعة
التشاؤم المفرط ، الذي فرض نفسه ، أبعث شيئاً من التفاؤل ، داعياً الى الركون للوعد
الإلهي لتتحرر الأرض ، وحاشا ان يخلِف الله وعده