الاحتلال يُقَاوَمُ لا يُتسامَحُ معه


د. طـارق سـامي خـوري
العمليات ضد منظومة
الاحتلال هي دفاعٌ عن الشعب الفلسطيني وعن أرضه وكرامته، وليست مُناقَشة أخلاقية
بلا مضمون؛ فالموضوع ليس «خلافًا» بل احتلالٌ يجب مقاومتُه بكافة السبل المتاحة
والمشروعة. من يقولون إن «العمل العسكري يضرّ بالشعب» يستخدمون حجة الضعفاء لتبرير
حالة الاستكانة. لقد عاش الفلسطينيون تحت احتلال منذ 1948، ولم ولن تُسترد الحقوق
إلا بمنطق القوة والمقاومة وليس بالاستجداء.
نموذجًا لما يُقال
اليوم: البعض ذهب ليُسوّغ عملية أمس بأنها «تضرّ بأهل غزة لأن المساعدات ستتوقف».
هذا كلامٌ ضعيف ومنقوص الفهم. الاحتلال هو من يسيطر على الممرات ويجعل المساعدات
أداة ابتزاز سياسي؛ إن ما يعرقل وصول المساعدات هو المنظومة التي تفرض الحصار
وتستخدم الإغاثة كأداة ضغط. المقاومة تكشف هذه الحقيقة ولا تُولّدها. منطق الخضوع
الذي يضع استمرارية البقاء فوق الكرامة هو منطق الهزيمة.
(الحَيَاةُ لا تَكُونُ إِلَّا فِي العِزِّ،
أَمَّا العَيْشُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ العِزِّ وَالذُّلِّ).
«ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» كلمة المسيح التي
تُذكّرنا أن للوجود معنى أعمق من الاكتفاء المادي، وأن الكرامة والحرية جزء لا
يتجزأ من الحياة. وقال الله تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ
الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ
يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ
الْكَافِرِينَ).
لن نقبل أن تُحوَّل
الذرائع إلى أجهزة لتبرير الخنوع. المطلوب اليوم: إعلانٌ واضح بمواجهة منظومة
الاحتلال بكافة الوسائل السياسية، الشعبية، والعملية التي تعيد الحقّ. وتنظيمٌ
وقيادة تُحوّل الغضب إلى قدرة فعلية، وكشف أدوات الابتزاز لأن من يهمه مصلحة الشعب
لا يقبل أن تُستخدم المساعدات أداة لتركيع الكرامة.
وفي النهاية: لا سلام
مع احتلال يَفرض شروطَ إذلال. لا شرعية لمن يجعل من الصمت سياسة. المقاومة ليست
بدعة؛ هي حقّ وضرورة لاستعادة الكرامة والحقوق. من يزعجهم صوت الأحرار فليعلموا أن
صوتهم يذكّرهم بعبوديتهم، فلتصمت عبوديتهم أمام عزّة شعبٍ لا يرضى إلا بالحرية.