شريط الأخبار
امريكا تبني اكبر قاعدة عسكرية لها جنوب اسرائيل الصبيحي: كيف تدافع الحكومة عن تعيين مدير استثمار "الضمان" وهو يعمل ويقيم بالخارج؟! ابو مرزوق: معظم قادة حماس اردنيون … واذا تركوا قطر سيذهبون للأردن شبهة دستورية اخرى بقانون الانتخاب: اسقاط نيابة نواب الحزب الذي يتم حله هنية يلتقي نواب اسلاميين ويشيد بالتضامن الاردني الملك يرعى اختتام مؤتمر مستقبل الرياضيات الالكترونية مستقلة الانتخابات تحدد 30 تموز موعدا لبدء الترشح للنيابية ابو علي: لا غرامات على التجار حال الانضمام للفوترة الوطني قبل نهاية ايار تشمع الكبد دفعه للتراجع عن بيع كليته بعشرة الاف دينار اخر لحظة رفح ورقة مساومة مصرية أمريكية ضد الكيان وحماس معلمة مدرسة تتعرض لاعتداء سيدتين بمدرستها بعمان مؤتمر السمنة يوصى بعدم صرف أدوية التنحيف الا عن طريق الأطباء المختصين "التعليم العالي" ماضية بتخفيض اعداد القبول بالطب و"الاسنان" كنائس المملكة تحتفل بأحد الشعانين: لتصمت لغة السلاح، ولتتكلم لغة السلام احتجاجات الطلاب المؤيدين لغزة بأميركا تتسع واعتقالات المئات في بوسطن وأريزونا ضبط جديد لاعتداءات كبيرة على المياه بالشونة الجنوبية المجرم نتنياهو يؤرقه احتمال اصدار "الجنائية الدولية" مذكرة اعتقال ضده دومينو استقالات كبار قادة الامن باسرائيل ينطلق وهاليفي على الدور اجتماع الرياض السداسي العربي يؤكد رفضه القاطع لاجتياح رفح الفيصلي يتكسح الاهلي بخماسية نظيفة

الدكتور محمد علي النجار يكتب :

مدرسة العم سعيد رحمه الله

مدرسة العم سعيد رحمه الله
لست أدري من أين أبدأ؟ .. هل أبدأ بالتعريف بالمدرسة ، أو بالتعريف بصاحبها ، وعلومه وشهاداته؟!! .. وإن كنت أؤمن بأن الشهادات شيء .. والعلم والثقافة والفهم شيء آخر ، فليس كل من حمل شهادة هو عالم .. وليس كل من افتقر للشهادة هو جاهل .. فكم ممن لم يحملوا الشهادات ، كانوا أكثر علمًا ، وثقافة ، وفهمًا ، وحسن إدارة من بعض من حملوها .. وفرق شاسع بين إنسان يحمل شهادته ، وإنسان تحمله شهادته .. وكثير هم!!.
العم سعيد لم تسعفه الظروف ليذهب للمدرسة والجامعة ، لذا أعتقد أنه لا يكاد يستطيع أن (يفك الخط)... كان رجلاً طيبًا للغاية ، حتى تحسبه لفرط طيبته ساذجًا ، ولكنك تكتشف فيما بعد نباهته وفطنته ، كان دائم الابتسام ، يحبه جميع من حوله.
العم سعيد كان (آذنًا) أو (فرّاشًا) أو سمّه ما شئت ، كنا نعمل في مؤسسة تعليمية ، وكان عمله ينحصر في عمل الشاي ، وتوفيره للهيئة التعليمية ، والهيئة الإدارية ، وللضيوف والزائرين في المؤسسة ، وكان حريصًا على أداء عمله ، وعلى إرضاء الجميع.
أذكر أنه كان يحرص كل يوم على أن يمر على مكاتبنا ؛ غرفة .. غرفة ، بعد العاشرة صباحًا ، ويسألنا إن كنا نريد كأسًا من الشاي ، ولاحظت وقتها أنه يفعل ذلك لانقطاعه عنا لمدة تقرب من نصف ساعة وبشكل يومي .. حتى دفعني فضولي إلى أن أسأله: أين تذهب يا عم سعيد كل يوم؟ .. ابتسم العم سعيد وقال: هنا .. مشوار قريب..
وبعد أيام سألته: أين تذهب يا عم سعيد كل يوم؟
فابتسم .. ووجد نفسه مضطرًا للإجابة .. قال: أذهب للبنك ... قلت: وماذا تفعل في البنك كل يوم يا عم سعيد؟ .. ابتسم وقال: أضع في حسابي ماتيسر .. نظرت إليه وأنا غير مقتنع بما يقول .. صحيح أن راتب العم سعيد أعلى من راتبي ؛ لأنه مواطن ؛ ولأن دولته تحرص على معيشة أبنائها ، إلا أن راتبه لا يؤهله للذهاب للبنك كما يدعي ، ويضع كل يوم في حسابه ما تيسر!!.
كانت علاقتي مع العم سعيد علاقة جيدة .. كان يثق بي ، ويستشيرني في بعض الأمور .. لذا لم يكن حديثي معه والتضييق عليه بالأسئلة يسبب له إحراجًا ، بل كان يبتسم محاولاً التهرب من الإجابة ..
قلت له: يا أبا محمد .. إنك تغيب عنا مدة تقل عن نصف ساعة ... وأقرب بنك إلينا يحتاج نصف ساعة ذهابًا ، ومثلها إيابًا .. وأنت لا تمتلك سيارة .. فما هذه المعاملات البنكية اليومية ، وأنت تعرف أنه لا يزيد من راتبك مع نهاية الشهر شيء؟!.
وهنا اضطر أبو محمد لأن يصارحني وهو متردد في الإفصاح عن وجهته ... قال: أستاذ محمد ... الناس تذهب للبنوك وتزيد أرصدتها .. ثم خفض رأسه ونظر إلى الأرض ومضى قائلاً: وأنا أذهب للمسجد (وكان داخل المؤسسة) وأصلي ما تيسر لي .. أضعه في حسابي للآخرة .. طأطأت رأسي .. وخجلت من نفسي ..
ومضت الأيام .. وافترق الجمع .. وذات يوم كنت في زيارة للمقبرة التي كنت أحب زيارتها بين الفينة والأخرى ، أتفقد ما جد فيها من قبور .. وأقرأ الفاتحة لمن أعرفه ولا أعرفه ، فإذا بي أقف أمام قبر مدون عليه اسم العم سعيد!! وقفت أمام قبره واجمًا .. ثم قرأت الفاتحة على روحه ، ودعوت له .. وتذكرت درسه البليغ .. وما خبأه لآخرته ، يوم لا ينفع مال ولا بنون .. (ولا ماجستير ولا دكتوراة) إلا من أتى الله بقلب سليم ... رحم الله العم سعيد .. وإخوانًا له كرامًا .. ورحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه.. وكل عام وأنتم بخير ...