شريط الأخبار
شبهة دستورية اخرى بقانون الانتخاب: اسقاط نيابة نواب الحزب الذي يتم حله هنية يلتقي نواب اسلاميين ويشيد بالتضامن الاردني الملك يرعى اختتام مؤتمر مستقبل الرياضيات الالكترونية مستقلة الانتخابات تحدد 30 تموز موعدا لبدء الترشح للنيابية ابو علي: لا غرامات على التجار حال الانضمام للفوترة الوطني قبل نهاية ايار تشمع الكبد دفعه للتراجع عن بيع كليته بعشرة الاف دينار اخر لحظة رفح ورقة مساومة مصرية أمريكية ضد الكيان وحماس معلمة مدرسة تتعرض لاعتداء سيدتين بمدرستها بعمان مؤتمر السمنة يوصى بعدم صرف أدوية التنحيف الا عن طريق الأطباء المختصين "التعليم العالي" ماضية بتخفيض اعداد القبول بالطب و"الاسنان" كنائس المملكة تحتفل بأحد الشعانين: لتصمت لغة السلاح، ولتتكلم لغة السلام احتجاجات الطلاب المؤيدين لغزة بأميركا تتسع واعتقالات المئات في بوسطن وأريزونا ضبط جديد لاعتداءات كبيرة على المياه بالشونة الجنوبية المجرم نتنياهو يؤرقه احتمال اصدار "الجنائية الدولية" مذكرة اعتقال ضده دومينو استقالات كبار قادة الامن باسرائيل ينطلق وهاليفي على الدور اجتماع الرياض السداسي العربي يؤكد رفضه القاطع لاجتياح رفح الفيصلي يتكسح الاهلي بخماسية نظيفة الرنتاوي: مسألة غزة هي الان في مفترق خطير ما بين الحرب والسلام المرصد العمالي: ارتفاع اصابات العمل اردنيا.. و200 وفاة اصابية الشواربة: بدء التشغيل التجربي للباص السريع بين عمان والزرقاء 15 ايار

المديح في الشعر العربي

المديح في الشعر العربي
د. محمد علي النجار
عرف العرب أهمية الشعر منذ العصر الجاهلي ، وعرفوا للشاعر مكانته ، فكان اهتمامهم بالشعر والشاعر يعكس مدى الاهتمام بالإعلام ذاته ، ولا أدل على ذلك من حرص القبائل العربية على حضور سوق عكاظ ، والمشاركة في تلك التظاهرة الأدبية بأبلغ وأفصح شعرائها ، فإذا فاز شاعرها ، كان لها الفخر بين القبائل ، فقد انتشر شعرها وتناقله الرواة إلى أنحاء الجزيرة العربية ، ولهذا كانت القبيلة من العرب ، إذا نبغ فيها شاعر كما جاء في كتاب العمدة أتت القبائل فهنأتها ، وصنعت الأطعمة ، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر.    
 
لقد كان الشعر في العصر الجاهلي ، أكثر هيمنة على الساحة الإعلامية ، فهو الذي يرفع ويخفض إذ "ليس يؤثر في الأعراض والأنساب ، تأثير الشعر في الحمد والذم شيء من الكلام ، فكم من شريف وضع ، وخامل دنيء رفع .." وما قصة المحلق مع الأعشى إلا دليل على أهمية الشعر ، بل المديح في البيئة العربية.
وغير بعيد ما ذكرته المصادر مما صار إليه بنو نُمير من بيت جرير ، حتى أن القصاص وأصحاب النوادر ، لم يتحرجوا في توليد وإضافة أخبار إليهم ، تدور في هذا المجال ، إلى أن قال الحطيئة يمدحهم:
قومٌ هم الأنُفُ والأذنابُ غيرهُمُ
 
ومن يساوي بأنفِ الناقةِ الذَنَبا
فصاروا يتطاولون بهذا النسب ، ويمدون به أصواتهم في جهارة.
ثم ألم يمدح الشاعر علقمة الفحل الحارثَ بن أبي شمر الغساني ، وقد أسَرَ أخاه شاس بن عبدة في تسعين رجلاً من بني تميم ، فلما بلغ إلى قوله:
فلا تحرمنّي نائلاً عن جناية
وفي كل حي قد خبطتُ بنعمةٍ
 
فإني امرؤٌ وسط القبابِ غريبُ
فحُقَّ لشاسٍ من نداك ذَنوبُ
قال الحارث: نعم . وأَذْنِبَةٌ ، وأطلق له شاسًا أخاه ، وجماعة أسرى بني تميم ، ومن سأل فيه أو عرفه من غيرهم.
 
لقد لعب الشعر على مدى العصور دورًا مهمًا ، واحتل المكانة الرفيعة ، فكان المديح ذروة سنامه ، فهو الفن المتميز عن غيره من فنون الشعر ، وهو غرض لقي من يشمله بالرعاية ، ويحوطه بالتقدير.
 
والمدح في اللغة نقيض الهجاء ، وهو حُسن الثناء. والمدح المصدر ، والمديح اسم مشتق منه ، وهو يدل على وصف محاسنٍ بكلام جميل ، ومَدَحَهُ: أحسن عليه الثناء. ومدحته: مدحًا .. أثنيت عليه بما فيه من الصفات الجميلة ، خِلقية كانت ، أو اختيارية ، ولهذا كان المدح أعم من الحمد.
 
أما في الاصطلاح الأدبي ، فإن المدح "ذلك الغرض الشعري ، الذي يختص بهذا النوع من الثناء والإطراء ، الذي يتوجه به الشاعر إلى ممدوح معين".
 
وقد عرف العرب المديح ، كما عرفته الأمم الأخرى ، فمنذ وجد الإنسان وجدت معه الرغبة في المدح والثناء؛ إعرابًا ، وتعبيرًا عن الإعجاب والتقدير بوسيلة مناسبة ، تعارَفَ عليها هذا المجتمع أو ذاك ، فقد اكتُشفت كتابات على أوراق البردى ، والمسلات ، والقبور ، وقصور بابل ، وتماثيل اليونان ، والرومان ، ومعابد الهند والصين ، نقلت إلينا صيغًا كثيرة لهذا المديح ، لا تختلف في مضمونها ؛ فجميعها يُعلي من شأن الممدوح ، ويـبرز شجاعته وسطوته ، وقوته وذكاءه وعلمه.
 
ولقد شهد العصر الجاهلي ، والصحراء العربية مولد الشعر العربي ، وتدفقه من وجدان الشعراء ، وعلى ألسنة الرواة ، كالنهر يجري عبر العصور ، وكان المديح يحتل حيزًا كبيرًا من هذا المجرى ، حيث شكل القسم الأكبر في دواوين أشهر شعراء العربية ، من أمثال الأعشى ، وجرير  ، وأبي تمام ، والبحتري ، والمتنبئ ، وابن هانئ الأندلسي ، والأبيوردي ، وابن خفاجة ، وابن سناء الملك ، وصفي الدين الحلي ، وأضرابهم من الشعراء ، إلا أن أول ما يستوقفنا هو قلة قصائد المدح عند شعراء الجيل الأول ، أو ندرتها ، فقد غابت من شعر كثير منهم ، وظهرت في شعر آخرين على استحياء. وهذا أمر طَبَعيّ ، فالمديح لم يكن في وقتٍ مبكر من العصر الجاهلي إلا شعر مناسبات ، يقال في موقف يستحق الإشادة والمدح من شاعر القبيلة ، والشاعر العربي لم يكن يهتز ويعتز ببطل قبيلته ، إلا عندما يرى منه شيئًا عظيمًا ، فكان يمتدحه لا من أجل التكسب ، بل إكبارًا ، وإجلالاً ، وإعجابًا بما قام به ، أو يمدح شيخ القبيلة لقيامه بعمل فيه مصلحة القبيلة.
 
إذًا فالشاعر يمدح ويثني دون أن يفكر في مردود مادي ، بل يرى أن الواجب يملي عليه الإشادة بالأعمال الخيّرة ، دون انتظار مكافأة أو جائزة ، فقد "كانت العرب لا تتكسب بالشعر ، وإنما يصنع أحدهم ما يصنعه فكاهة ، أو مكافأة عن يد لا يستطيع أداء حقها إلا بالشكر ، إعظامًا لها ، ومن هنا جاء المديح صادقًا ، نابعًا من الوجدان ، صادرًا عن قناعة الشاعر بما يقول.
ولهذا لم تكن القصائد المدحية المبكرة ، أكثر من مقطعات أو قصائد قليلة الأبيات ، تهجم على موضوع المدح دون مقدمات ، كتلك التي قالها امرؤ القيس في بني تيم (مصابيح  الظلام) ، أو في بني ثعل ، أو كأبيات حاتم الطائي في بني بدر. حيث كان هذا المديح مديح الشكر والثناء ، لا مدح التجارة والاستجداء.