شريط الأخبار
اتحاد العمال يطالب برفع الحد الادنى للاجور السلطات الامريكية تقمع بقوة احتجاجات الطلبة وفض اعتصام جامعة كولومبيا عالجوا انتهاكات حقوق العمال قبل أن تحتفلوا بعيدهم.! الملك يهنيء ابناء الوطن وبناته بعيد العمال نقيب المهندسين : الحاجة ملحة لمشروع نهضوي عربي ولي العهد يهنيء العمال بعيدهم الملك يؤكد ضرورة تطوير صادرات الفوسفات.. ويشيد بما حققته الشركة من نتائح الملك يستقبل بلينكن ويحذر من خطورة عملية عسكرية في رفح الحكومة ترفع اسعار البنزين بنوعيه والديزل المعايطة: الانتخابات ستجري بكل شفافية..وزيادة مراكز الاقتراع المختلطة الحكومة والأمانة تبشرانكم: قريبا جدا تشغيل كاميرات رصد مخالفات حزام الأمان والهاتف الاردن.. رواتب العاملين بالقطاع العام تتفوق على نظرائهم بـ"الخاص" هل استخدم الاحتلال الاسرائيلي قنابل تؤدي لتبخر جثامين الشهداء؟! 28.2 مليون دينار أرباح شركة مصفاة البترول الأردنية خلال الربع الأول 2024 طوفان الجامعات الامريكية يتصاعد دعما لغزة.. و70 جامعة تشتعل احتجاجا قيادي في حماس: إنتقال قادة حماس إلى الأردن لم يطرح نهائيا شخصيات نقابية تسنتكر احتجاز ميسرة ملص وتطالب بالإفراج الفوري عنه نتنياهو يفشل بالالتفاف على "حماس" وفتح خط تفاوض مع "الجهاد" البدء بصرف رديات الضريبة تحت 200 دينار الأردن تستفزه تصريحات ابو مرزوق ويرد: لا عودة لقادة حماس دون فك الارتباط

نقطة الاستشراف

نقطة الاستشراف
د. عماد فوزي شعيبي 
#نقطةالاستشراف #Stand_Point هي الدرجة التي يرتفع فيها المرء عن حدود الدوائر الضيقة والمغلقة في حياته. فالذي يسكنُ في الدور ما تحت الأرضي لا يستطيع الرؤية كما ساكني الطوابق الأرضية أو الأعلى. 
ساكن الدور الأرضي يمكن أن يرى تفاصيل أكثر ولكن هذا يعميه عن الواقع لأن القُرب مُعمي. في حين إن ارتفعت نقطة الاستشراف، بمعنى تغيرت شروط الحياة والرؤية والنظرة والإيديولوجيا والدين والتجارب الحياتية كلها، تتغير نقطة الاستشراف.
نقطة الاستشراف هي النقطة التي لا تجعل المرء يتمسك كثيراً بالأشياء التي استحوذها من محيطه  ويعتبرها ذات قيمة. فهي ترفع المرء من سوية إلى أخرى، فمثلاً من عقل الشح إلى عقل الوفرة مثلاً.
عندما نغادر سوية دنيا في حياتنا نُغادر نقطة استشراف نحو سوية أخرى. عندئذ نرى الحياة من منظور أخرى. 
الفقر مثلاً يعين نقطة استشراف تعمم عقلية الشُحّ وهي عقليّة لاترى الأبعاد الأغنى في الحياة. ولكن يمكن لفقير أن يرفع نقطة استشرافه نحو عقل الوفرة حتى ولو لم يكن المرء يمتلك المال، بتجاوز المنظور الضيق الذي نشأ عليه أو شكلته الإيديولوجيا المحيطة به وثقافة العقل المكوَّن له. بمعنى آخر لدينا عدة طرق لكي نشكل نقطة استشراف جديدة. 
القراءة الموسوعيّة و السفر مثلا يساعدان في تغيير نقطة الاستشراف. ربما لا يكون هذا الارتفاع في نقطة الاستشراف بعمق ومعايشة الارتفاع الفعلي المحايث، ولكنه يطلعنا على عوالم أخرى فإذا كانت لدينا الاستعدادات يمكن أن ترتفع نقطة استشرافنا. 
حينما أسافر ورغم كل الثقافة التي أتمتع بها أتعلم من الأشخاص الأقل ثقافة مني بما أنهم يرون أموراً لا أراها أنا حقيقة ولم أحايثها. أي أن السفر إلى عوالم أكثر تقدماً يمنحنا نقطة استشراف مختلفة. وهذا واحد من عوامل تعيين تلك النقطة. 
وإذا كانت الثقافة موسوعيةً فهي ترفع المرء درجات، بحيث يمكن للمرء أن يعيش حياة الغرب وهو في بلده، لكنه لن يمتلك التفاصيل . صحيح أنه لن يعيش كافة التفاصيل التي سيعايشها في حالة السفر ولكن الثقافة الموسوعية سترفعه درجات بمعنى ما.
ثمة لغات للحياة نتبناها ونعيش عليها لسنين طويلة، وتأتي جراء عقل الاستشراف الذي وضعنا فيه، وطبعاً لا ذنب لنا بهذا بطبيعة الأحوال.
تعلمت في حياتي أنني لا أستطيع أن أرفع نفسي إلى أعلى نقطة استشراف، نظراً لعدم سفري إلى العالم بأكمله والإقامة فيه، وعدم قراءتي كل الفكر وكل المعلومات الموجودة في هذه الدنيا. ولكن بالنسبة لي كانت ارتفاعات نقطة الاستشراف فرصة كبيرة لكي أتعلم وأرفع من سويتي حتى ولو كنت أعيش (مُحايثاً) في عوالم مغلقة وشُحيّة التوجه والاستشراف كعوالمنا نحن.
الانتقالات إلى نقاط استشراف أخرى شبه مستحيلة بالنسبة للجماعات مالم تكن هناك تحولات كبرى في حياتهم ، ولا يستطيع الناس العاديون القيام بها فرادى، لكن يمكن القول إننا يمكن أن نصنع شيئاً من الحالة التعايشية أو التضايفية (complimentary) بين واقع ما لا يسمح للمرء بأن يرتفع، (وفقاً لقاعدة لاتينية تقول: لا يرتفع نظر الإسكافي فوق الحذاء، خاصة وأن البعض  يظن أن هذا "الذي يعرفونه"!؛ هو ذروة الدنيا). بالجمع بين حالتنا الأساس وبين حالة أكثر ارتفاعاً في الاستشراف. 
ليست ثقافتنا هي التي تحدد فقط  نقطة الاستشراف وإنما خبرتنا أيضاً والعوالم التي نتعوف عليها  والشخصيات التي نلتقيها وبالتالي كل الثقافات النوعية الجديدة التي نعايشها. فالشخص الذي يلتقي بشخصيات كبيرة، ويلازمها إلى حين، سواءً أكانت سياسية أو فكرية ....نجد أن نقطة استشرافه ترتفع. الوضع يشبه حالة لاعب الشطرنج. فإن استمر في اللعب مع لاعبين ضعفاء فسيبقى ضعيفاً ولكنه إن دخل في لعبة مع لاعب أقوى منه، فسيضيف لنفسه تجارب أكبر وتصبح نقطة استشرافه أعلى.
لدى الجيل الحالي نقطة استشراف أفضل من جيلنا لأن لديه القدرة على استخدام وسائل الاتصال بشكل باكر -حقاً- من العمر، فتتراكم لديه المعرفة الاستشرافية. صحيح أنه قد يكون سطحياً، ويفتقر إلى العمق، ويتمتع بثقافة (قالوله) وثقافة الـ (Take away) أو (hamburger) أي الأشياء السريعة غير الوازنة، لكنه بالتأكيد يرى الأشياء التي لا نراها نحن.
القُرب يُعمي من الواقع والارتفاع بعيداً ‏يمنحه فرصة لرؤية شموليه ولكنها تفتقد إلى التفاصيل وهنا تكمن المفارقة إنك كلما ارتفعت اتسعت  الرؤية، ‏وكلما قربت ‏عرفت التفاصيل!
ثمة عالم كوزموبوليتي كبير يجب أن نتعرف عليه لكي ترتفع نقطة استشرافنا . نعم إننا لن نستطيع أن نرى كل شيء في هذه الدنيا. وبالتأكيد ليس باستطاعتنا ذلك، لكن ما هو مؤكد هو وجود أشياء كثيرة تستطيع أن ترفع من نقاط الاستشراف دون أن نبلغ منتهاها.
ثمة نقطة هامة أود أن أعرج عليها. من هو في نقطة الاستشراف الدنيا يرى التفاصيل في حين أن من يجلس في الأعلى يكون منظوره بعيداً وتضيع منه التفاصيل. الأول يرى التفاصيل، والعلم فعلياً لديه بالمايكرو Micro وليس بالماكرو Macro. لكن رؤية المنظور تُبعد من هم في القمم عن الضياع في التفاصيل.لكنها تفقده أهمية كامنة فيها أيضاً. فالقرب يعمي دائماً عن المنظور. فهو يسمح لنا برؤية التفاصيل الدقيقة ولكنه يحرمنا في الوقت نفسه من رؤية المستقبل الذي تعرفه نقطة الاستشراف العليا. 
ولهذا فرأس أي مؤسسة ضخمة بحاجة إلى مستشارين يعطونه التفاصيل ولكن رؤيته المنظورية هي التي تحدد المآل الأخير. 
والخلاصة، لمفهوم نقطة الاستشراف، أجد مدى حراجة الجمع بين نقطتين استشرافيتين ضروريتين معاً؛ الدنيا لمعرفة التفاصيل والعليا لرؤية المنظور والأبعاد المستقبلية، ولكن يمكنني القول إنه حينما يكون لدى شخصين نقطتا استشراف مختلفتين، سنكون أمام عالمين، وهذا ما يستدعي احترام منظور كل نقطة استشراف. 
هذا و يصعب أن تكون في موقع نقطة استشراف وترى التاريخ ... وتستشرف المستقبل، وتناقش المسكون باللحظة.