شريط الأخبار
شبهة دستورية اخرى بقانون الانتخاب: اسقاط نيابة نواب الحزب الذي يتم حله هنية يلتقي نواب اسلاميين ويشيد بالتضامن الاردني الملك يرعى اختتام مؤتمر مستقبل الرياضيات الالكترونية مستقلة الانتخابات تحدد 30 تموز موعدا لبدء الترشح للنيابية ابو علي: لا غرامات على التجار حال الانضمام للفوترة الوطني قبل نهاية ايار تشمع الكبد دفعه للتراجع عن بيع كليته بعشرة الاف دينار اخر لحظة رفح ورقة مساومة مصرية أمريكية ضد الكيان وحماس معلمة مدرسة تتعرض لاعتداء سيدتين بمدرستها بعمان مؤتمر السمنة يوصى بعدم صرف أدوية التنحيف الا عن طريق الأطباء المختصين "التعليم العالي" ماضية بتخفيض اعداد القبول بالطب و"الاسنان" كنائس المملكة تحتفل بأحد الشعانين: لتصمت لغة السلاح، ولتتكلم لغة السلام احتجاجات الطلاب المؤيدين لغزة بأميركا تتسع واعتقالات المئات في بوسطن وأريزونا ضبط جديد لاعتداءات كبيرة على المياه بالشونة الجنوبية المجرم نتنياهو يؤرقه احتمال اصدار "الجنائية الدولية" مذكرة اعتقال ضده دومينو استقالات كبار قادة الامن باسرائيل ينطلق وهاليفي على الدور اجتماع الرياض السداسي العربي يؤكد رفضه القاطع لاجتياح رفح الفيصلي يتكسح الاهلي بخماسية نظيفة الرنتاوي: مسألة غزة هي الان في مفترق خطير ما بين الحرب والسلام المرصد العمالي: ارتفاع اصابات العمل اردنيا.. و200 وفاة اصابية الشواربة: بدء التشغيل التجربي للباص السريع بين عمان والزرقاء 15 ايار

فوضى الإقليم الجيو -سياسية .. والأمن الوطني الأردني!

فوضى الإقليم الجيو سياسية .. والأمن الوطني الأردني!


د. زهير ابو فارس 

لقد أصبح من البين لكل ذي بصيرة، ان الأردن يعيش، الساعة، مرحلة بالغة الصعوبة والتعقيد، في إقليم مضطرب ، يشهد أحداثا متسارعة، لا أحد يستطيع التكهن بمالاتها، والتي لها ارتباط مباشر بصراع المشاريع الرئيسية الثلاثة : الصهيوني، والايراني ، والتركي ، واصطفافاتها الإقليمية، وعلاقاتها بمراكز القوى الدولية . وهنا يمكن طرح الملاحظات ذات العلاقة بدورنا ومستقبل أمننا الوطني ، وسط هذه الفوضى الجيو-سياسية في المنطقة والعالم:

اولا: نعم ، ان غياب المشروع العربي، وحالة الفوضى وعدم اليقين التي تعيشها بلادنا العربية، والتي ترسخت بعد حربي الخليج الأولى والثانية ، وانتهاء الحرب الباردة بهيمنة القطب الواحد ، وبعدها، احتلال العراق ، واحداث الربيع العربي ، وتداعياتها التدميرية، التي لم تتوقف حتى الساعة ، واستفحال المشروع الصهيوني، وخروجه عن السيطرة في تصفية القضية الفلسطينية والتنكر الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني .. وصولا إلى عدوانه البشع، وحرب الإبادة الجماعية التي يقترفها في غزة والضفة الغربية والقدس، وتصميم قيادته الصهيونية التوسعية- الاحلالية على تهجير الفلسطينيين إلى خارج وطنهم التاريخي، واقامة الدولة اليهودية النقية .. مما يشكل تهديدا حقيقيا ومباشرا لامننا الوطني ومصالح بلادنا الحيوية .

ثانيا : ان الصراع القائم في منطقتنا العربية والاقليم بين المشاريع الرئيسية الثلاثة إياها، وارتباطاتها الدولية ، انعكست سلبا على حالتنا العربية(وبلادنا جزء منها) ، وأدت إلى اصطفافات وتحالفات لم تتبلور بعد بالكامل، مما يفرض علينا التفاعل معها، شئنا ام أبينا، بهدف التقليل من تداعياتها غير الواضحة بعد .

ثالثا : في الوقت نفسه ، فإننا نشهد نظاما عالميا ، غير واضح المعالم النهائية، في طور التشكل . فهو لا يزال في مرحلة يتارجح فيها بين حالتين :الأولى- إرهاصات تشكل نظام عالمي متعدد الأقطاب، في حالة مخاض وصراع مع القطب الواحد، الذي لا يزال فاعلا، وان بصعوبة ، على أرض الواقع. أي اننا في حالة تارجح بين حقبتين لم تتبلورا نهائيا حتى الساعة. وما يجري على ساحة الحرب الروسية- الاوكرانية ، واصطفافاتها الدولية، وفي الصراع التنافسي الأميركي-الصيني، ذو الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية، وكذا ، ما يجري في منطقتنا العربية، وبخاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر، وتداعياتها التي لم تتحدد معالم مالاتها بعد .. كل ذلك أدى إلى تفاقم مشاكل المنطقة والاقليم، بانتظار ما ستتمخض عنه هذه الأحداث.

صحيح ان قدرة بلدنا محدودة على التأثير في نتائج هذا الصراع الكبير بفعل القوى المشاركة فيه ، والخطير في تداعياته المحتملة، إلا أننا لا نستطيع البقاء في حالة الانتظار السلبي لمالات هذه الأحداث، وتأثيراتها المحتملة على مصالحنا الحيوية، دون التفاعل معها بعقلانية وحكمة ، آخذين بالاعتبار موازين القوى إقليميا ودوليا.

رابعا :أي اننا نعيش حالة "الفوضى المبهمة ” ، وعدم التوازن الجيو-سياسية في إلاقليم والعالم ، مما يفرض علينا ، في الوقت نفسه ، التأني في خياراتنا، خاصة في هذه المرحلة، الأكثر خطورة، التي يمر بها وطننا منذ انتهاء الحرب الباردة، حفاظا على مصالحنا الوطنية العليا، آخذين بالاعتبار غياب خيارنا الطبيعي ، وهو المشروع العربي، ولو في حدوده الدنيا . وهنا يأتي دور السياسات الاستراتيجية وواجهتها الأمامية-الدبلوماسية الأردنية التي يقودها ، بحكمة واقتدار ، جلالة الملك، الذي استطاع الابحار بسفينة الوطن إلى بر الأمان، وسط أمواج المنطقة العاتية خلال ربع القرن الماضي، معتمدا في ذلك على ذكائه وحنكته السياسية، وارث ومكانة الهاشميين في المنطقة والعالم.

خامسا: وهنا يبرز -اذا جاز التعبير-دور طرفي المعادلة السياسية في بلادنا : الموالاة والمعارضة، اللذان ، وعلى الرغم من اختلافهم في الرؤى والمواقف ، إلا أن الواجب الوطني يقتضي انحيازهما التام لخيار مصلحة الوطن، والمحافظة عليه، وسط هذه الضبابية وعدم وضوح صورة المشهد الذي لا يزال قيد التشكل، بل -إن شئتم-الفوضى الجيو-سياسية، التي أشرنا إليها في الإقليم والعالم.
فالحكومة، ومعها القوى الاجتماعية والسياسية والفكرية المحسوبة على معسكرها، عليها مسؤوليات جسيمة في حشد جهودها وتوظيفها في خدمة الرؤية والسردية السياسية التي يتبناها نظامنا السياسي ، ومغادرة مربع الاختفاء خلف النظام ،ومراقبة ما يجري في الشارع من صراعات ، مكتفية "بالانتظار الساكن” ، الغير مشتبك مع واقع وتفاعلات المجتمع السياسية، مما يحوله إلى هدف يسهل خلخلة بنيانه ، والنيل من تماسكه ، وبلبلة مواقفه، وانقسامات مكوناته، وهو ما يسعى إليه المتربصون به من أعداء الخارج (وهم ليسوا فئة واحدة) ووكلائهم في الداخل، عن قصد او جهل -لا فرق في المحصلة.

اما قوى المعارضة، فنجل دورها ، بشرط أن تبقى تنطلق في مواقفها من مصلحة الوطن، آخذة بالاعتبار مجمل الظروف الداخلية والاقليمية والدولية التي تحيط بوطننا ، وتعي تماما هوامش الفعل المتوفرة لدى صناع القرار في بلادنا، وفق المعادلات الجيو-سياسية إياها. وخلاف ذلك، فإن المواقف والمطالب التي تخرج عن نطاق الممكن والآمن العقلاني، ستكون بمثابة انتحار سياسي ، يعرض أمننا الوطني لاخطار وجودية ، لن تكون مقبولة باي حال، مهما كانت شعاراتها براقة، وجذابة، تداعب المشاعر وتغيب العقل والتحليل المنطقي . فالثابت في معادلاتنا، يجب أن يبقى الحفاظ على مصلحة الوطن الحيوية ، خاصة في هذه الظروف المعقدة، والتي تتطلب انتهاج سياسات وتكتيكات ذكية ، بانتظار ما ستؤول إليها المخاضات السياسية التي تمر بها المنطقة، في غياب الخيار الامثل ،وهو المشروع العربي، ولو في حدوده الدنيا، التي تجهد قيادتنا السياسية في بلورة نواته الأساسية. سادسا: ويقينا ان النجاح في تخطي هذه المرحلة ، بالغة الخطورة، يحتاج إلى تمتين جبهتنا الداخلية، وحشد جهود كافة أطراف المعادلة السياسية- الإجتماعية في بلادنا ( مهما كانت منطلقاتها الفكرية ومواقفها السياسية )، والتفافها حول قيادتها التي تدير دفة الحكم في مملكتنا الرابعة، بكل حكمة وشجاعة ، متمنطقة بإرادتها الصلبة، وارثا التاريخي، ومكانتها ورصيدها الدوليين .

وأخيرا، وفيما يتعلق بمواقف الأردن (قيادة وشعبا )تجاه ما يجري في فلسطين من عدوان صهيوني همجي تجاه أهلنا في غزة والضفة الغربية والقدس، فقد كانت مشرفة، من منطلق العلاقة التاريخية العضوية بين الأردن وفلسطين ، وقدم ، ولا يزال، كل ما يستطيع ،على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والاغاثية لنصرة أهلنا الصابرين الصامدين . أما المغامرات والمواقف العدمية، غير المدروسة ، أو محسوبة النتائج ،التي يحاول البعض جرنا الى مربعها ،في الوقت الذي يتعرض فيه الاردن لاخطار حقيقية تهدده من جهات لا تخفي أطماعها تجاهه ، وفي مقدمتها العدو الصهيوني ، واخرى لا يؤتمن جانبها ، ولا يمكن الاطمئنان لمخططاتها العدوانية والتخريبية التي تستهدف أمنه واستقراره ..نقول ان كل ذلك سيمثل كارثة حقيقية لوطننا الأردني وفلسطين في آن واحد . فالاردن القوي المنيع هو دعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، أما إضعافه-لا سمح الله-فهو خذلان لفلسطين واهلها. فالاردني عروبي بطبعه وقناعاته، وليس بحاجة إلى من يعبئه بالمزيد من المشاعر التضامنية ، أو يشحذ هممه بالمواقف الداعمة لفلسطين، فهو الأقرب إليها، والأكثر صدقا واستعدادا لبذل الغالي والنفيس للذود عنها وعن قدسها الشريف .

من هنا ، واعتمادا على مجمل هذه الأخطار والتحديات الوجودية المصيرية ، يصبح لزاما على الدولة ومؤسساتها المعنية الدفاع عن الأردن أرضا ونظاما ومصالح ، بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات وصلاحيات ، واعتبار كل من يعطل مسيرة تنفيذ هذه المهام والمسؤوليات ، عابثا بمصالح الوطن ومفرطا بها، مهما كانت الأفكار والمواقف ، ما دامت تتعارض مع جهود الدولة القائمة لدرع العدوان ودرء الأخطار، ويصب بالتالي في طاحونة أعداء الوطن ووجوده.

هذه ، باختصار ، هي المعادلة، بكل بساطة ووضوح. وخلاف ذلك، فهو "تحطيب بحبال” أعداء الوطن الأردني والطامعين المتربصين به. فنحن لا نقبل، البتة ،أن نفقد الوطن، بعد ان فقدنا جزاه الآخر غربي نهره المقدس، في غفلة من سيطرة الشعارات الرنانة المشحونة بالقوة الوهمية ذات نكسة في ستينات القرن الماضي، بسبب”ارهاب المواقف”، رغم قناعة قيادتنا في تلك الفترة بعدمية المشاركة في حرب لم يحشد لها سوى الكثير من الشعارات، والتهديدات الجوفاء، والاغاني الثورية ، والقليل من رباط الخيل !!!
فبدون ولادة مشروع عربي يوحد جهود دول الطوق العربية ، بدعم من عمقها في العراق ،والخليج، والمغرب العربيين، لا يمكن الحديث عن تغيير في واقع موازين القوى العربية في مواجهة المشاريع القائمة ، التي لا تضمر الخير للأمة العربية وقضيتها المركزية فلسطين ، التي هي بالنسبة للبعض ليست اكثرمن ورقة تساوم بها من أجل مصالحها الذاتية. فحرصنا على وطننا يمنعنا ان نكرر المغامرات، في ظل غياب الإسناد العربي اللازم . فالمؤمن لا يلدغ من نفس الجحر مرتين . وهذا لا يعني ، البتة ، اننا سنقف مكتوفي الأيدي في حال تعرض وطننا للخطر والعدوان، بل عندها، سنحول كل ذرة من ترابه المقدس ، بفضل قواتنا المسلحة الباسلة، وشعبنا الملتف حول جيشه وقيادته، إلى نار تحرق الأعداء، مهما كانت قوتهم وجبروتهم . فالوطنية الأردنية يعرفها الأعداء ، وقد خبروا نماذج منها في معركة الكرامة الخالدة، وبطولات جيشنا الباسل في باب الواد ،واللطرون ، واسوار القدس، وغيرها من ساحات البطولة والفداء. وسيعلم اعداؤنا حينئذ اي منقلب ينقلبون..