الهشاشة تتعمق بالمجتمع.. فمن يدقُّ جدران الخزان!
ماجد توبه
ظواهر واحداث جرمية مقلقة باتت تقضُّ
مضاجعنا كمواطنين ومراقبين، كان آخرها تسجيل حالات قتل عائلية بشعة وانتحار
ومحاولات انتحار خلال اليومين الأول والثاني من عيد الأضحى المبارك، وهي جرائم
وظواهر يجب أن تُشغِّل الأضواء الحمراء لدى الحكومة وكل المعنيين.
من انتحار شاب عشريني خريج جامعة
بزيزيا إلى من قتل زوجته طعنا بالزرقاء وزوجة تطعن زوجها بسكين بالمفرق وسيدة تقتل
شقيقتها طعنا في عمان وشاب آخر يحاول الإنتحار بعجلون وقبل العيد أب يقتل إبنه..
وغيرها من جرائم بتنا نسمع بها يوميا ولا تكاد تستوقفنا بعد أن باتت خبرا معتادا
ومتكررا في وسائل الاعلام!! متناسين أن خلف كل قصة مأساة لن تتوقف تداعياتها عند
وقت الفعل الجرمي.
لنتفق أولا أن ثمة ضغوطا معيشية
واقتصادية واجتماعية خانقة باتت تلفُّ أغلب المواطنين، أسرا وأفرادا، جراء التردي
المتواصل للأوضاع المعيشية واتساع البطالة وتعمق الفقر والسياسات الاقتصادية الرسمية
المتوحشة التي لا تراعي الأبعاد الاجتماعية والنفسية للناس. ولنتفق أن هذه الأوضاع
الصعبة تتزايد حدتها دون وجود افق بانفراجها في القريب العاجل ما يدفع للياس
والاحباط، ومن ثم تنعكس في انتشار المشاكل الاجتماعية والجرائم والتفكك وغيرها من
ظواهر سلبية مقلقة.
والمؤسف بل والمخزي، أن كل ذلك
يجري ويتفاعل بمرجل المعاناة المجتمعية دون توقف حقيقي من قبل الحكومة، التي يبدو
انها تعيش في عالم منفصل عن الواقع، فلنلاحظ مثلا ان الحكومة ركبت راسها في هذا
العيد وعيد الفطر الماضي وصمت اذانها عن مطالبات الناس والقطاعات الاقتصادية
بتاجيل قروض البنوك لتوفير قليل من سيولة تعين الناس على تمرير التزامات العيد
الباهظة على المواط.
خذ ايضا اصرار الحكومة على عدم
اصدار قانون عفو عام كان الناس يمنون به الانفس بحيث يشمل ضمن بنوده الغاء مخالفات
السير وبعض الغرامات ، فضلا عن منح فرصة للعديد من المخطئين او ممن وقعوا ضحية
ظروف معينة بمخالفات وجنح وقضايا بسيطة، ما كان يمكن ان يثير تنفيسا للاحتقان
الاجتماعي ويخفف على الناس قليلا.
لن نتحدث عن فشل الحكومة في معالجة
تواصل تردي الوضع الاقتصادي وتوسعها في نهج الاعتماد على جيب المواطن كمصدر
"ذهبي" للايرادات. ويكفي هنا النظر الى مواصلتها قرارات رفع اسعار
المحروقات او تثبيت بعضها عند ارقام مرتفعة، وهذا لوحده كارثة الكوارث حسب كل
المؤشرات والاقتصاديين والسياسيين، فارتفاع هذه السلعة الارتكازية (الطاقة والمحروقات)
يرفع التضخم باضطراد ويزيد الأسعار والأعباء على المواطنين والتجار والصناعيين
ومختلف القطاعات الاقتصادية، وكل ذلك يرتد آثارا قاسية على المواطنين والأسر،
الذين يعانون من ارتفاع كلف النقل عليهم وارتفاع أسعار السلع والخدمات جراء ارتفاع
كلف الانتاج مع ارتفاع اسعار الطاقة والمحروقات.
لا تستغربوا تزايد الجرائم
والمشاكل الاجتماعية في فترة العيد او رمضان، فهذه الأوقات والتزاماتها الكبيرة
تظهر هشاشة وضع المواطن والاسرة، وتفاقم معاناتهم النفسية والاجتماعية وتدفع لحدوث
هذه الانفجارات الاجتماعية والجرمية.. وكونوا متاكدين ان ما يسجل من جرائم وقضايا
لا يعكس إلا رأس الجبل الجليدي من الأزمة وانعكاساتها، فما خفي داخل المرجل أكبر
بكثير!!
ثمة استدارة سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة
مطلوبة.. اليوم قبل الغد.. لئلا نغرق أكثر في المستنقع!