كل هذا السقوط الألماني
وليد التليلي
يتواصل الانحياز
الألماني الأعمى لإسرائيل، ويتواصل معه السقوط الأخلاقي الكبير لواحدة من أكبر
الأمم. حتى النفاق الأميركي والفرنسي والبريطاني، وجد له بعض الجمل والتخريجات
الدبلوماسية ليحاول تفادي الغرق الكامل في الوحل الصهيوني وحاولوا إقناعنا أحياناً
بأن هناك خلافات مع إسرائيل، والقوا أمامنا بعض الجمل المنمقة عن الوضع الإنساني
الذي لا يحتمل في غزة وكلمات من هذا القبيل، يمكن أن تكون صالحة للاستهلاك الداخلي
والتوازنات السياسية الانتخابية. أما ألمانيا فلا شيء من ذلك، صلف وعنجهية وإصرار
على السقوط لا يمكن أن تفسره العقدة النازية وحدها، وتدعونا إلى إعادة التفكير
جدياً في تاريخ الشعوب، وفي فهمنا الأحداث التاريخية الإنسانية الكبرى، لأن ما
تنتجه معركة غزة من تداعيات وأسئلة وأفكار يدعو إلى أن نعيد فهمنا، نحن العرب على
الأقل، هذا النظام الأخلاقي الإنساني. حظرت ألمانيا مؤتمراً عن فلسطين يوم الجمعة.
لم يكن مؤتمراً عسكريا بالتأكيد، ولا كان سيبحث إزالة إسرائيل من على وجه الأرض.
كان مؤتمراً تبحث فيه بعض الإنسانية إنقاذ ما تبقى من بعض الإنسانية التي فقدت
وسقطت وفشلت على أعتاب غزة. ولكن ألمانيا، بشرقيها وغربيها وسور برلينها وفلسفتها
وتاريخها، كانت تضيق ببعض الكلمات، ولم تتحمل أي شيء ضد إسرائيل.
وفي تعليق على حظر
المؤتمر، نشر وزير المالية اليوناني الأسبق، يانيس فاروفاكيس، الخطاب الذي لم
يتمكن من إلقائه في مؤتمر فلسطين.... سنحاكمكم في برلين على موقع إكس، منتقدا
طريقة تدخل الشرطة الألمانية التي وصفها بأنها تشبه أسلوب عقد الثلاثينيات. وقالت
المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، سارة ليا وتسون إن
ألمانيا في جهودها المستمرة للدفاع عن إسرائيل ضد الانتقادات ولدعم سياسات الإبادة
الجماعية
في غزة تنزلق إلى
الاستبداد وتحرم مواطنيها من حرية التعبير والحصول على المعلومات. وصل الأمر
بالسلطات الألمانية إلى قطع الإرسال وقطع الكهرباء عن قاعة المؤتمر، وجاء حوالي
900 شرطي المحاصرة المشاركين في واحدة من ممارسات تليق ببلد ديكتاتوري من العالم
الثالث. ولكنه العمى الألماني.
الغريب أن الغضب العربي
الشعبي طبعاً يئسنا من الرسمي) لا يواجه بما يكفي هذا التعنت الألماني، ولا يركز
إلا على الأميركي والبريطاني والفرنسي، ولكن يتبين مع الأيام أن السقوط الألماني
أكبر.
العربي الجديد