ماجد الخواجا 

نسمع كثيراً أن الحياة قد تغيّرت للأسوأ، وأن أدواراً وتقاليد وممارسات اجتماعية سادت لفترات طويلة، بدأت تندثر وتتلاشى مع وقع انتشار عالم جديد آخذ في التشكّل يكاد يهدم المعابد والهياكل الاجتماعية المعتادة.

يزداد الحديث عن هذه التحولات الصادمة في المناسبات العامة مثل الأعياد، فتسمع من يقول بوجع: « رحم الله الأيام التي كانت العلاقات الأسرية والاجتماعية أكثر حميميةً ودفئاً «، وأن التكنولوجيا ألغت أدواراً من قبيل الزيارات المتبادلة والجلسات الممتدة بين الأصدقاء، وأن ثمة نسفا لمسلمات كالحب والصداقة والقرابة والزمالة والجيرة والوطن.

تماماً كما هو الحال بين نظريتين أو مدرستين، بين اليسار واليمين، القديم والحديث، الأبيض والأسود، الحار والبارد، البطيء والسريع، فقد وصلنا إلى الطريق الثالث في عالم التواصل الاجتماعي، عالم ما وراء العالم « Metaverse ميتا فيرس» .

هل تخيلت نفسك بأن تقابل أصدقاءك الذين يبعدون عنك آلاف الكيلو مترات وتراهم وتتفاعل معهم كأنهم أمامك فى الحقيقة، أو أن تحضر اجتماع عمل مهمَّا، وأنت موجود على الشاطئ ترتدي ملابس البحر وتستمتع بالشمس والبحر، أو ترى أهلك الذين تغربت عنهم فى بلد آخر وتتفاعل معهم وتحضنهم كأنهم واقع أمامك. كل هذا باختصار شديد هو « الميتافيرس « أو التقنية الجديدة التي أعلن عنها مارك زوكربيرج بتاريخ 28 أكتوبر 2021.

ميتا فيرس عالم ثالث افتراضي قد يتحول إلى رؤية مبهرة أو كابوس مخيف. ميتا فيرس سيغيّر مستقبل البشرية، حتى وإن اكتمل مشروع الميتافيرس خلال 5 سنوات من الآن كما يسعى له صاحب الفيس بوك، فإن هذا التطور سوف يقابله مقاومة من التيار الإنساني التقليدي والتيار الإنساني الرقمي، ليتشكل التيّار الثالث « الإنسان الماورائي «.

ميتا فيرس عالم ثالث بين عالمي الواقعي والرقمي يسعى إلى إنشاء عالم افتراضي، يسد الفجوة بين العالمين الواقعي والرقمي، لينشأ بذلك عالم ثالث افتراضي.

يمكن تعريف ميتافيرس بأنها سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لاحصر لها بين المستخدمين من خلال الأفاتار الخاص بكل مستخدم.

الميتا فيرس يمثل السيطرة على العالم بتكنولوجيا الواقع. الميتافيرس أو عالم ما وراء الكون هو عبارة عن بناء عالم خيالي بمساحات مشتركة افتراضية جماعية.

في هذا العقد الجديد، سوف يتواصل الناس اجتماعياً في عوالم افتراضية تطورت من الألعاب بدلاً من منصات التواصل الاجتماعي التقليدية مثل « إنستغرام» و» تويتر» و» تيك توك». سيصبح بناء الأشياء مع الأصدقاء والعشّاق والزملاء والزبائن والجيران والأقارب في عوالم افتراضية أمراً شائعاً، وستصبح الأحداث الكبرى في العوالم الافتراضية الأكثر شعبية. حقاً إنه عالم ما وراء العالم.