شريط الأخبار
تفاصيل صادمة لقاتل متسلسل: ممرض يقتل مرضاه بحثا عن الهدوء لرأسه عمرها أكثر من 3 الآف عام: شجرة زيتون معمّرة بالضفة تصمد بوجه الانتهاكات الإسرائيلية ناشونال إنترست: ماذا يعني انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات أبراهام؟ الأرصاد الجوية: الأردن قد يشهد حالة مطرية نهاية الأسبوع المقبل وزير حرب الاحتلال يصعد ويأمر جيشه بتدمير انفاق غزة لـ"القضاء" على حماس ترامب يتوقع نشر قوة دولية بغزة قريبا.. و"الطبخ" بمجلس الأمن أجواء معتدلة.. والحرارة أعلى من معدلاتها بـ 7 درجات الجمعة هل يصلح النظام للعاصمة: نحو رؤية متكاملة لتركيب الكاميرات في طرق عمّان (1 - 2) ترامب يعلن انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات "أبراهام" التطبيعية مع اسرائيل ملاحظات على الطبعة 19 (2025) لاصدارات "مكتبة الأسرة الأردنية" مسؤولون امريكيون: كازاخستان ستعلن اليوم الانضمام رسميا لاتفاقيات ابراهام عاجل. ويتكوف: الاعلان الليلة عن دولة جديدة ستنضم لاتفاقات إبراهيم استكمالاً للزيارة الملكية للكرك العيسوي يلتقي 200 شخصية من أبناء وبنات المحافظة الاحتلال يصعد ويشن سلسلة غارات على جنوب لبنان رويترز: واشنطن تستعد لتأسيس قاعدة عسكرية جوية في دمشق واشنطن تطرح رسمياً مشروع قرار بشأن غزة على مجلس الأمن الدولي فتح باب استيراد زيت الزيتون من الاحد.. وتوقع خفض اسعاره قانون "التأمين" يسري على جميع العقود أيا كانت حالة الشركة الملك يبدأ زيارة إلى اليابان السبت في مستهل جولة عمل آسيوية “حزب الله” يُحذر من استدراج لبنان وإيقاعه في فخ “التفاوض السياسي” مع إسرائيل ويؤكد حقه في مقاومة الاحتلال

الهوية الوطنية بين الوعي والانغلاق

الهوية الوطنية بين الوعي والانغلاق


 

د. طارق سامي خوري

 

 

تُختَزَل "الهوية” في كثيرٍ من الأحيان إلى مجموعة صفات شكلية أو ثقافية أو جغرافية، تُمنح أو تُسحب حسب مزاج المرحلة السياسية، وكأنّها بطاقة دخولٍ إلى الانتماء. وهذا أخطر ما يصيب المجتمعات، حين تتحوّل الهوية من رابطة وعيٍ وانتماءٍ إنسانيٍّ جامع إلى أداة فرزٍ واتهامٍ وإقصاء.

 

فالهوية ليست مزيجًا من اللكنة واللباس والعادات، ولا هي شعور متعصّب لمكانٍ على حساب المكان الآخر، بل هي وعيٌ بالحياة المشتركة والمصير الواحد، كما قال أنطون سعاده:

«إنّ القومية ليست مسألة دمٍ أو دينٍ أو لغة، بل هي وحدة حياةٍ في أرضٍ واحدة ومجتمعٍ واحد

 

الذين يحصرون الهوية في مواصفاتٍ ضيقةٍ، يحاولون أن يُلبسوها لونًا واحدًا وصوتًا واحدًا، بينما الحقيقة أن الهوية، في معناها العميق، فسيفساء من التاريخ والتجارب والتنوّع، تتوحّد في مشروعٍ حضاريٍّ جامع، لا في شعارٍ سياسيٍّ مؤقّت.

 

الدولة أو الكيان السياسي، أيًّا كان اسمه، لا يخلق هوية جديدة من العدم. الهوية تُصاغ عبر قرونٍ من التفاعل الاجتماعي والحضاري، وهي أوسع من الحدود التي رُسمت على الورق بعد الحروب والاتفاقيات. الكيانات، كما أشار سعاده، هي نتائج ظرفٍ تاريخيٍّ محدد، أما الشعوب فهويتها الحقيقية تتجذّر في تاريخها الطويل المشترك، في اللغة، في الأرض، وفي الذاكرة الجماعية التي لا يمحوها تبدّل الحكومات ولا خرائط الاستعمار.

 

إنّ تحويل الكيان إلى مقدّسٍ جديدٍ يُقصي مَن لا يتوافق مع تعريفٍ ضيّقٍ للانتماء، هو انتحارٌ حضاريّ، لأنه يُنكر الواقع الحيّ الذي تتكوّن منه الأمة.

 

من يرى الهوية كملكيةٍ حصريةٍ لجماعةٍ دون أخرى، يجهل أنّ الهوية لا تُمنح من فوق، بل تُكتشف من عمق الحياة المشتركة. الهوية لا تحتاج إلى لجانٍ لتحديدها ولا إلى صكوك انتماء، بل تحتاج إلى وعيٍ جمعيٍّ يربط الحاضر بالماضي، ويستشرف المستقبل ضمن مشروعٍ واحدٍ للنهضة. وهنا يكمن الفرق بين من يعيش الهوية كمسؤولية، ومن يتاجر بها كشعار.

 

ليس مَن يختلف مع التعريف السائد للهوية خائنًا، بل ربما يكون أكثر وفاءً لها، لأنه يدرك أنّ الهوية الحقيقية لا تُختزل في الحدود، بل في الوعي والموقف. أما أولئك الذين يتشدّقون باسم الهوية ليميزوا بين أبناء الوطن الواحد، فهم في الحقيقة أعداء الهوية، لأنهم يفرّغونها من معناها الجامع.

 

الهوية ليست جدارًا يُفصل الناس، بل جسرًا يُوصلهم إلى وعيٍ أرقى بأنّهم شركاء في الحياة والمصير. وكل من يحاول أن يحتكر الهوية في تعريفٍ ضيّقٍ، إنما يقتل روحها ويحوّلها إلى أداة سلطة. أما الذين يؤمنون بوحدة الحياة والكرامة والمستقبل المشترك، فهم وحدهم الحاملون للهوية الحقيقية، هوية الإنسان والكرامة والانتماء إلى الأرض لا إلى العنوان.